باتت أزمة الشغب والمشاجرات في الجامعات قضية تؤرق المجتمع الاردني وتطيح بسمعة التعليم العالي ان لم تكن قد أطاحت به بالفعل، ونحن نرى ونسمع ما تكتبه الصحافة ومايقوله المغتربون في دول الخليج عن مخاوف الاشقاء من أرسال أبنائهم للدراسة في الاردن.
وحتى المغتربون باتوا قلقين على أبنائهم الدارسين في الجامعات الاردنية، ولقد قال لي أحد الاصدقاء المغتربين انه يضع يده على قلبه نهار كل يوم خوفا على ولده الذي يتلقى التعليم في الوطن، وأضاف أنه كلما رن جرس هاتفه بمكالمة من عمان يرتعد خوفا من خبر يتوقعه كل يوم وهو وقوع أبنه ضحية لمشاجرة في الجامعة.
من يملك حلا لهذه المشكلة ؟؟
بالامس أتصل بي أحد القراء مقترحا وضع التعليم كله تحت أدارة القوات المسلحة ولتكن حياة الجامعات تماما كالحياة العسكرية، ضبط وربط - على حد تعبيره - وبطبيعة الحال هذا مقترح مرفوض وغير عملي وليس من مهمة الجيش، ولكنه تعبير عن حالة يأس مجتمعية من وجود حل لهذه القضية.
أحاول أن أقترح حلا مختلفا تماما عن الحلول الاكاديمية والاخلاقية وتطييب الخواطر والوساطات وعبارات الانتماء التي لم تجد أذنا صاغية لدى فئة كبيرة من طلبة الجامعات.
الحل الذي أقترحه يجب أن يكون ضمن أطار قانوني وتشريعي.
نحن بحاجة الى تعديل تشريعي على قانون العقوبات يمنح قضاة الصلح صلاحيات أجتراح أنواع من العقوبات تتعلق بالخدمة المجتمعية الاجبارية لمدد محدودة، وعلى سبيل المثال فانني أقترح وضع نص قانوني يتيح المجال لقاضي الصلح الحكم على مثيري الشغب في الجامعات والمدارس الثانوية بالخدمة العسكرية لدى القوات المسلحة لمدة لا تتجاوز ثلاثة شهور متصلة دون أجازات ضمن برنامج تشغيل وأعادة تأهيل باشراف أدارة التوجيه المعنوي، واذا لم يكن ذلك ممكنا فالبديل أو المقترح المتزامن منح القاضي صلاحية الحكم على مثير الشغب بالتشغيل الاجباري لدى أحدى البلديات ثماني ساعات يوميا في أعمال النظافة وباشراف أدارة التنفيذ القضائي في الامن العام.
ان كثيرا من قوانين البلدان المتحضرة تمنح القضاة سلطة تحديد أنواع من العقوبات تتعلق بخدمة المجتمع المحلي كتنظيف الشوارع جنبا الى جنب مع عمال البلديات أو تنسيق الحدائق العامة والعناية بها أو المشاركة في عمليات تشجير المناطق الجبلية والطرق بين المدن، ولقد ثبت أنها تشكل عقوبات رادعة بالاضافة الى أستفادة المجتمع منها وتخفيف الضغط والكلفة عن السجون.
أنني أعتقد أن تشريعا بالخصوص سينهي قضايا الشغب في الجامعات والمدارس ولا حاجة الى العقوبات الجامعية التي غالبا ما تنتهي بالوساطات أو تعرض الادارات الجامعية الى أعتداءات أنتقامية، فالقضاء وحده القادر على فرض هيبة وأحترام أنظمة الجامعات ومسار العملية التعليمية.