تواترتْ، مؤخَّراً، تسريبات مقلقة حول احتمال زجّ الأردن في الصراع الدمويّ المرير الدائر في سوريَّة، تحت مسمّى إقامة منطقة عازلة للاجئين السوريين داخل الأراضي السوريَّة، وبدعوى أنَّ هؤلاء اللاجئين، الذين وُرِّطَتْ بلادنا باستقبالهم بلا ضوابط ولا حكمة، أصبحوا يشكِّلون، الأن، عبئاً كبيراً عليها. وفي موازاة ذلك، تواترت تسريبات أخرى حول قيام الأمريكيين بتدريب مجموعات مسلَّحة تابعة لهم، على الأراضي الأردنيّة، لاستخدامها في الهجوم على سوريَّة.
والأسئلة التي تلحّ، هنا، هي: ما هي مصلحة شعبنا وبلدنا في ذلك؟ وإلى أين ستقودنا مثل هذه المغامرة (بل المقامرة) ؟ وهل يظنّ أحدٌ أنَّ التدخّل في سوريَّة سيكون بمثل تلك السهولة التي يصوِّرونه بها؟ لقد أحجمت الولايات المتَّحدة، بكلِّ جبروتها وسطوتها، ومعها دول حلف الأطلسيّ (بما فيها تركيا)، عن إرسال قوّاتها إلى سوريَّة. فالظروف الدوليَّة الجائرة، التي كانت تبيح للدول الإمبرياليَّة العربدة والعدوان بلا رادع، انتهت بعد السطو المسلَّح الذي نفَّذه الأطلسيّ في ليبيا. فالعالم الآن لم يعد محبوساً في الحظيرة الأمريكيَّة، بعدما برزتْ فيه أقطابٌ دوليَّة متعدِّدة، وقامت إلى جانبها أكثر مِنْ مجموعةٍ دوليَّة مستقلَّة. ولقد كان من اللافت استخدام روسيا والصين حقّ النقض، ثلاث مرَّات متتالية، خلال السنتين الأخيرتين، لإحباط مساعي دول الأطلسيّ للحصول على غطاء من الشرعيَّة الدوليَّة لرغبتها بالعدوان على سوريَّة؛ مع أنَّه كان يكفي أنْ تستخدم هذا الحقّ دولة واحدة منهما لتتحقَّق النتيجة نفسها. وطوال تلك المدّة نفسها، أظهرتْ روسيا حزماً واضحاً في مواجهة كلّ محاولات الأطلسيّ العدوان على سوريَّة؛ حيث أجرت مناوراتٍ عسكريَّة غير مسبوقة في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسِّط، وقرَّرت إبقاء أساطيلها بصورة دائمة في البحر المتوسّط. ثمَّ عادت، مؤخَّراً، فأجرت مناورات أخرى مفاجئة في البحر الأسود، على إثر جولة الرئيس الأمريكيّ (أوباما) الأخيرة في المنطقة، وقيامه بترتيب صلات حلفاء بلاده وحلفاء الأطلسيّ حول سوريَّة؛ حيث أشرف بنفسه على إعادة توطيد العلاقة التاريخيَّة بين تركيا و"إسرائيل" التي كانت قد تضرَّرتْ جزئيّاً بسبب مهاجمة "إسرائيل" لسفينة مرمرة التركيَّة، ثم جاء إلى عمَّان ونام ليلةً هنا، وبعد ذلك بدأتْ التسريبات المقلقة عن احتمال زجّ الأردن في الأزمة السوريَّة. فإذا كانت كلّ تلك الدول لم تستطع، حتَّى الآن، المغامرة بإرسال قوّاتها إلى سوريَّة، فكيف يكون، إذاً، لعاقل أنْ يفكِّر بأنَّ التورط في هذا الصراع الخطير سيكون امرا مأمونا.
إنَّ أيّ تدخّل خارجيّ في سوريَّة، سيؤدِّي سريعاً إلى حرب إقليميَّة وربَّما دوليَّة طاحنة، لن تنتهي إلا بإعادة رسم خرائط المنطقة. وبلدنا مِنْ بين الدول الأكثر عرضة لمثل هذا الخطر في حال تورّطه في هذا الصراع. إذ لا يُتُوقَّع أنْ تقف إيران مكتوفة اليدين تجاه مهاجمة سوريَّة مِنْ أيّة دولة أخرى، والأمر نفسه ينطبق على حزب الله، ومن الواضح أنَّ الروس، كذلك، لن يتهاونوا في مثل هذا الأمر، وقد أعطوا من الإشارات ما يكفي ويزيد لتوضيح موقفهم هذا. بل إنَّهم، مؤخَّراً، تجاوزوا لغة الإشارات إلى الكلام الواضح الصريح؛ ففي الأيَّام الأخيرة، ذكرتْ أكثر مِنْ وسيلة إعلام أنَّ الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، وجَّه تحذيراً واضحاً للولايات المتَّحدة، من مغبَّة التدخّل العسكريّ المباشر في سوريَّة؛ فقال: "إنَّ لدينا مصالح وقواعد عسكريَّة داخل سوريَّة، لذلك لا تعرِّضوا وضعكم ووضعنا للمواجهة في أزمة خطيرة".
لقد صمدت الدولة السوريَّة سنتين في وجه هذه الهجمة الشرسة متعدِّدة الجنسيَّات، التي استهدفتها، ولم تكن لتصمد كلّ هذه المدَّة لولا تماسك جيشها وأجهزتها ووقوف قطاعات واسعة وأساسيَّة من الشعب معها (أو على الأقلّ ضدّ العدوان الخارجيّ عليها)؛ والزجّ في الصـراع ضدَّ سوريَّة سيؤدِّي إلى الكثير من الجراح والحساسيَّات، وفي المقابل، لن نكسب ودّ "جبهة النصر" و"كتائب التوحيد" وأضرابهما ممَّن يخوضون الحرب بالوكالة ضدَّ الدولة السوريَّة.
والأسئلة التي تلحّ، هنا، هي: ما هي مصلحة شعبنا وبلدنا في ذلك؟ وإلى أين ستقودنا مثل هذه المغامرة (بل المقامرة) ؟ وهل يظنّ أحدٌ أنَّ التدخّل في سوريَّة سيكون بمثل تلك السهولة التي يصوِّرونه بها؟ لقد أحجمت الولايات المتَّحدة، بكلِّ جبروتها وسطوتها، ومعها دول حلف الأطلسيّ (بما فيها تركيا)، عن إرسال قوّاتها إلى سوريَّة. فالظروف الدوليَّة الجائرة، التي كانت تبيح للدول الإمبرياليَّة العربدة والعدوان بلا رادع، انتهت بعد السطو المسلَّح الذي نفَّذه الأطلسيّ في ليبيا. فالعالم الآن لم يعد محبوساً في الحظيرة الأمريكيَّة، بعدما برزتْ فيه أقطابٌ دوليَّة متعدِّدة، وقامت إلى جانبها أكثر مِنْ مجموعةٍ دوليَّة مستقلَّة. ولقد كان من اللافت استخدام روسيا والصين حقّ النقض، ثلاث مرَّات متتالية، خلال السنتين الأخيرتين، لإحباط مساعي دول الأطلسيّ للحصول على غطاء من الشرعيَّة الدوليَّة لرغبتها بالعدوان على سوريَّة؛ مع أنَّه كان يكفي أنْ تستخدم هذا الحقّ دولة واحدة منهما لتتحقَّق النتيجة نفسها. وطوال تلك المدّة نفسها، أظهرتْ روسيا حزماً واضحاً في مواجهة كلّ محاولات الأطلسيّ العدوان على سوريَّة؛ حيث أجرت مناوراتٍ عسكريَّة غير مسبوقة في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسِّط، وقرَّرت إبقاء أساطيلها بصورة دائمة في البحر المتوسّط. ثمَّ عادت، مؤخَّراً، فأجرت مناورات أخرى مفاجئة في البحر الأسود، على إثر جولة الرئيس الأمريكيّ (أوباما) الأخيرة في المنطقة، وقيامه بترتيب صلات حلفاء بلاده وحلفاء الأطلسيّ حول سوريَّة؛ حيث أشرف بنفسه على إعادة توطيد العلاقة التاريخيَّة بين تركيا و"إسرائيل" التي كانت قد تضرَّرتْ جزئيّاً بسبب مهاجمة "إسرائيل" لسفينة مرمرة التركيَّة، ثم جاء إلى عمَّان ونام ليلةً هنا، وبعد ذلك بدأتْ التسريبات المقلقة عن احتمال زجّ الأردن في الأزمة السوريَّة. فإذا كانت كلّ تلك الدول لم تستطع، حتَّى الآن، المغامرة بإرسال قوّاتها إلى سوريَّة، فكيف يكون، إذاً، لعاقل أنْ يفكِّر بأنَّ التورط في هذا الصراع الخطير سيكون امرا مأمونا.
إنَّ أيّ تدخّل خارجيّ في سوريَّة، سيؤدِّي سريعاً إلى حرب إقليميَّة وربَّما دوليَّة طاحنة، لن تنتهي إلا بإعادة رسم خرائط المنطقة. وبلدنا مِنْ بين الدول الأكثر عرضة لمثل هذا الخطر في حال تورّطه في هذا الصراع. إذ لا يُتُوقَّع أنْ تقف إيران مكتوفة اليدين تجاه مهاجمة سوريَّة مِنْ أيّة دولة أخرى، والأمر نفسه ينطبق على حزب الله، ومن الواضح أنَّ الروس، كذلك، لن يتهاونوا في مثل هذا الأمر، وقد أعطوا من الإشارات ما يكفي ويزيد لتوضيح موقفهم هذا. بل إنَّهم، مؤخَّراً، تجاوزوا لغة الإشارات إلى الكلام الواضح الصريح؛ ففي الأيَّام الأخيرة، ذكرتْ أكثر مِنْ وسيلة إعلام أنَّ الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، وجَّه تحذيراً واضحاً للولايات المتَّحدة، من مغبَّة التدخّل العسكريّ المباشر في سوريَّة؛ فقال: "إنَّ لدينا مصالح وقواعد عسكريَّة داخل سوريَّة، لذلك لا تعرِّضوا وضعكم ووضعنا للمواجهة في أزمة خطيرة".
لقد صمدت الدولة السوريَّة سنتين في وجه هذه الهجمة الشرسة متعدِّدة الجنسيَّات، التي استهدفتها، ولم تكن لتصمد كلّ هذه المدَّة لولا تماسك جيشها وأجهزتها ووقوف قطاعات واسعة وأساسيَّة من الشعب معها (أو على الأقلّ ضدّ العدوان الخارجيّ عليها)؛ والزجّ في الصـراع ضدَّ سوريَّة سيؤدِّي إلى الكثير من الجراح والحساسيَّات، وفي المقابل، لن نكسب ودّ "جبهة النصر" و"كتائب التوحيد" وأضرابهما ممَّن يخوضون الحرب بالوكالة ضدَّ الدولة السوريَّة.