بعد مشاورات وسجالات دامت أكثر من ثلاثة أسابيع بينه وبين النواب، أعلن الدكتور عبد الله النسور أسماء وزراء حكومته. رغبة النواب في التوزير كانت قوية؛ لكن النسور تمكن بدبلوماسية بارعة التخلص من هذا المطلب، وتشكيل حكومة رشيقة - حسب رأيه - مكوّنة من 18 وزيرًا: تسعة وزراء جدد، وسيدة، وخمسة وزراء شاركوا في حكوماتٍ سابقة، وأربعة من حكومته المستقيلة. الوزراء منهم: المكتهل، والشاب، والتكنوقراطيّ، والتقليديّ حتى النخاع.
يبدو أن بعض الاختيارات جاءت في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة من إعلان التشكيلة الوزارية بشكلٍ رسمي. كان هذا واضحًا من خلال تعليقات بعض المطلعين على الأمر. تشكيلة الحكومة لم تكن مفاجئة كثيرًا للشعب الذي اعتاد على الصدمات وخيبات الأمل. ولم تكن أيضًا هزيلة تمامًا رغم رشاقتها؛ فمن نجح مثلاً في إدارة الأمن العام في أصعب الظروف يستحق كل التقدير والاحترام.
الرشاقة لا تعني خفة الوزن فقط؛ وإنما الخفة والسرعة في التفكير، والربط، والتحليل، واتخاذ القرارات، وإعداد البرامج وإنجازها. فكيف نتوقع ممن يحمل حقيبتيْن وزاريّتيْن أو ثلاث حقائب أن يكون رشيق التفكير والتدبير؟ خاصة إذا كان بعيدًا كل البعد عن مجال عمل واحدة أو أكثر من الحقائب الوزارية التي يحملها. وتكون المصيبة أكبر عندما يكون وزيرًا جديدًا ويحمل حقيبتيْن. فالبديل هو إلقاء الأعباء على أمناء الوزارات العامين ومساعديهم. وبذلك يصبح الوزير "غايب طوشة" لعدم تمكنه من متابعة الأمور المتعلقة بوزاراته. فبعض الوزارات: كالزراعة، والصحة، والصناعة والتجارة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، تحتاج إلى متابعة حثيثة ومجهود ضخم يكاد يعجز عنهما وزير متفرّغ؛ فكيف نصف وزير؟!
عندما اعترض وزراء البيئة السابقون، وكذلك الكاتبة، على دمج وزارة البيئة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، كان سبب ذلك أن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة والمناخ التي وقعها الأردن عن طريق وزارة البيئة تحتم وجود وزارة مستقلة للبيئة حتى تتمكن من أداء عملها في المراقبة وسن القوانين وتطبيقها، وحتى تبقى هذه الاتفاقيات نافذة. وقد وعد رئيس الوزراء بفصل وزارة البيئة عن غيرها من الوزارات نظراً لخصوصية مجال عملها. لكنّ الأمر جاء مغايرًا لذلك تمامًا. هذا الدمج مع وزارة الصحة لم يكن صائبًا في هذه المرحلة التي تحتاج إلى إصلاحٍ جذري، وأداءٍ يتطلب التنسيق والتداخل والتشابك مع الوزارات والقطاعات كافة.
المبررات التي قدمها الدكتور النسور لرشاقة الوزارة واختيار الوزراء كانت في غاية الحنكة والذكاء؛ لكنْ - في رأيي المتواضع - كانت تعوزها الحكمة والحصافة. فقد نسي الدكتور النسور الأثر النفساني على الوزير الذي يجب أن يدير أكثر من حقيبة وزارية؛ إلاّ أنه يعلم أنه سيتخلى عن أحدها بعد أشهر قليلة لصالح توزير بعض النواب. عدا عن أن سياسة دمج الوزارات تتطلب إعادة هيكلة وإعادة توزيع للعمل وتنظيمًا إداريًا جديدًا؛ الأمر الذي يتطلب ثباتًا في السياسات واستقرارًا في العمل ووضع الخطط والبرامج التي تحقق الإصلاح والتنمية. وقد طلب جلالة الملك خطة إصلاح لأربع سنوات مقبلة. فكيف يتم ذلك في الوقت الذي يلوّح فيه النسور للنواب بالتوزير بعد أشهرٍ قليلة، وفك الحقائب الوزارية؟! فهي، إذًا، لعبة ومزاجية: ندمج الحقائب ثم نفكها وقت ما نشاء؛ ما يعني مزيدًا من التعطيل والتأخير في الإصلاح الذي يحتاجه الوطن في هذه الظروف الصعبة. وكأنّ مصلحة الأفراد – نواباً أو وزراء - أهم من مصلحة الوطن!
رغم كلّ ما ذكرْت، لا أحدَ يزاود على وطنية الدكتور النسور وحبه لبلده وقدرته على اتخاذ القرار. فنتمنى التوفيق له ولفريقه الوزاري. وأملنا أن ينجح في إنقاذ الوطن من كل ما يُعاني من ضغوطات اقتصادية وسياسية وصحية واجتماعية. والله وليّ التدبير.
يبدو أن بعض الاختيارات جاءت في الأربع والعشرين ساعة الأخيرة من إعلان التشكيلة الوزارية بشكلٍ رسمي. كان هذا واضحًا من خلال تعليقات بعض المطلعين على الأمر. تشكيلة الحكومة لم تكن مفاجئة كثيرًا للشعب الذي اعتاد على الصدمات وخيبات الأمل. ولم تكن أيضًا هزيلة تمامًا رغم رشاقتها؛ فمن نجح مثلاً في إدارة الأمن العام في أصعب الظروف يستحق كل التقدير والاحترام.
الرشاقة لا تعني خفة الوزن فقط؛ وإنما الخفة والسرعة في التفكير، والربط، والتحليل، واتخاذ القرارات، وإعداد البرامج وإنجازها. فكيف نتوقع ممن يحمل حقيبتيْن وزاريّتيْن أو ثلاث حقائب أن يكون رشيق التفكير والتدبير؟ خاصة إذا كان بعيدًا كل البعد عن مجال عمل واحدة أو أكثر من الحقائب الوزارية التي يحملها. وتكون المصيبة أكبر عندما يكون وزيرًا جديدًا ويحمل حقيبتيْن. فالبديل هو إلقاء الأعباء على أمناء الوزارات العامين ومساعديهم. وبذلك يصبح الوزير "غايب طوشة" لعدم تمكنه من متابعة الأمور المتعلقة بوزاراته. فبعض الوزارات: كالزراعة، والصحة، والصناعة والتجارة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، تحتاج إلى متابعة حثيثة ومجهود ضخم يكاد يعجز عنهما وزير متفرّغ؛ فكيف نصف وزير؟!
عندما اعترض وزراء البيئة السابقون، وكذلك الكاتبة، على دمج وزارة البيئة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، كان سبب ذلك أن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة والمناخ التي وقعها الأردن عن طريق وزارة البيئة تحتم وجود وزارة مستقلة للبيئة حتى تتمكن من أداء عملها في المراقبة وسن القوانين وتطبيقها، وحتى تبقى هذه الاتفاقيات نافذة. وقد وعد رئيس الوزراء بفصل وزارة البيئة عن غيرها من الوزارات نظراً لخصوصية مجال عملها. لكنّ الأمر جاء مغايرًا لذلك تمامًا. هذا الدمج مع وزارة الصحة لم يكن صائبًا في هذه المرحلة التي تحتاج إلى إصلاحٍ جذري، وأداءٍ يتطلب التنسيق والتداخل والتشابك مع الوزارات والقطاعات كافة.
المبررات التي قدمها الدكتور النسور لرشاقة الوزارة واختيار الوزراء كانت في غاية الحنكة والذكاء؛ لكنْ - في رأيي المتواضع - كانت تعوزها الحكمة والحصافة. فقد نسي الدكتور النسور الأثر النفساني على الوزير الذي يجب أن يدير أكثر من حقيبة وزارية؛ إلاّ أنه يعلم أنه سيتخلى عن أحدها بعد أشهر قليلة لصالح توزير بعض النواب. عدا عن أن سياسة دمج الوزارات تتطلب إعادة هيكلة وإعادة توزيع للعمل وتنظيمًا إداريًا جديدًا؛ الأمر الذي يتطلب ثباتًا في السياسات واستقرارًا في العمل ووضع الخطط والبرامج التي تحقق الإصلاح والتنمية. وقد طلب جلالة الملك خطة إصلاح لأربع سنوات مقبلة. فكيف يتم ذلك في الوقت الذي يلوّح فيه النسور للنواب بالتوزير بعد أشهرٍ قليلة، وفك الحقائب الوزارية؟! فهي، إذًا، لعبة ومزاجية: ندمج الحقائب ثم نفكها وقت ما نشاء؛ ما يعني مزيدًا من التعطيل والتأخير في الإصلاح الذي يحتاجه الوطن في هذه الظروف الصعبة. وكأنّ مصلحة الأفراد – نواباً أو وزراء - أهم من مصلحة الوطن!
رغم كلّ ما ذكرْت، لا أحدَ يزاود على وطنية الدكتور النسور وحبه لبلده وقدرته على اتخاذ القرار. فنتمنى التوفيق له ولفريقه الوزاري. وأملنا أن ينجح في إنقاذ الوطن من كل ما يُعاني من ضغوطات اقتصادية وسياسية وصحية واجتماعية. والله وليّ التدبير.