ما الذي تبقى ولم يقله اوباما في القدس غير ما لحق بالقدس من تخريب وتهويد واستيطان؟
ان كل مواصفات اليوتوبيا او المدينة الفاضلة اطلقها الرئيس الديمقراطي على اسرائيل، رغم ان كل المواصفات المضادة لها والتي تطلق على الديستوبيا او المدينة الراذلة يمكن ان تكون دولة تأسست على الاحتلال والسطو نموذجها.
لم يبق امام الرئيس الا ان يعلن يهوديته ما دامت التجربة اليهودية هي اهم درس تاريخي في ذاكرته وما دام اعجابه بهذه المدينة الفاضلة قد بلغ ذروته، لهذا كان فخورا بما انجزه اكثر من اربعين من اسلافه ومنذ ترومان في حماية الدولة اليهودية وبالمناسبة هو الذي وصفها بانها يهودية ديمقراطية. لهذا ننتظر من كاتب من طراز يوري افنيري الذي طالما سخر من الديمقراطية في اسرائيل ان يتولى الرد نيابة عن العرب لانهم نائمون في العسل او بمعنى ادق لانهم مستغرقون في رحيق ربيعهم الاحمر.
خطاب قاب عبارتين او ادنى من التراجيديا المهربة من دم الفلاح الفلسطيني الى نبيذ المستوطن اليهودي.
لكن التراجيديا التي كان اوباما مرشحا لان يكون من احفادها ذوي الجذور الافريقية سرعان ما تحولت الى كوميديا، ولا ينافس تصفيق الف شاب وشابة من الاسرائيليين عليها الا ما نسمعه من تصفيق لا ينقطع على مسرحية كوميدية لفؤاد المهندس او مسرحية عبثية ليوجين يونسكو.
لقد خسر اوباما كثيرا في هذه الزيارة رغم ان المتوقع منه في الولاية الثانية ان يكون اقل ارتهانا للرئاسة وأقرب الى التاريخ ببعده الاخلاقي.
لا تهمنا بالطبع وفي هذا المقام الطقوس البروتوكولية او اللقطات السياحية فذلك متروك لفضائيات محايدة كالمرايا اذا تعلق الامر باسرائيل لكنها طرف وغرفة عمليات ميدانية عندما يتعلق الامر بالعرب.
البعض منا محظوظون بتلك الصفات لهذا تناولوا غداءهم دون ان يصابوا بالغثيان وعسر الهضم، لان الامساك بالنسبة اليهم هو عقلي وليس معويا.
بقدر ما يلهج كل اسرائيلي بالشكر والامتنان لاوباما يعاتبه ملايين من يهجعون في مقاربهم بانتظار قيامة لم تخطر ببال السيد الرئيس، ومن الاسرى الذين يقتلون او يموتون من الاضراب جوعا لانهم كالحرة التي تجوع ولا تأكل بثدييها.
شكرا اوباما على هذا الوضع ونرجو ان يفهمك هذه المرة من عجز زين العابدين عن فهمهم من مرضى وجياع ومشردين وسجناء هذا الوطن العربي الاشبه بالمنفى!