لشعب التونسي.. شكرا

لشعب التونسي.. شكرا
أخبار البلد -  

شكراً للشعب التونسي.. شكراً لدماء الشهداء الزكية التي عمدت هذا الانتصار الكبير.. شكراً للجيش الذي انحاز الى الشعب، وادار ظهره للديكتاتورية والفاسدين، ووضع تونس وأمنها واستقرارها فوق كل الاعتبارات.

كنا نخشى ان تضيع هذه الانتفاضة هدراً، وان تذهب التضحيات سدى، ولكن هذا الشعب الذي يملك ارادة الانبياء وصمودهم وتضحياتهم، اصر على الذهاب حتى نهاية الشوط.

الطاغية هرب، مثل كل الطغاة الآخرين. هرب بأمواله وفساده، وادرك ان لحظة الحقيقة قد دنت، ولكنه لن يرتاح في منفاه الفاخر، ولن يشعر بالأمان، فأرواح شهداء الانتفاضة ستظل تطارده، ودماؤهم ستتحول الى كوابيس تحرمه من النوم حتى في قبره.

اكاديمية العزة والكرامة التي ارسى اسسها الشعب التونسي ستظل مرجعية، تقدم الدروس البليغة الناجعة لكل الشعوب المقهورة في العالم بأسره، والعالم الاسلامي على وجه الخصوص.

الجيش التونسي الذي انحاز الى الشعب، ورفض ان يوجه بنادقه اليه، مثلما رفض ان يكون حارساً للفساد والقمع ومصادرة الحريات، يستحق ايضاً الشكر والتقدير، وقدم بذلك درساً للجيوش العربية الاخرى التي انحرفت عن دورها الوطني وتحولت الى اداة قمعية يستخدمها الحاكم الديكتاتور لقمع شعبه، وتثبيت دعائم فساده.

انتفاضة الكرامة التونسية هذه فاجأت الكثيرين بمن في ذلك 'عرافو' مراكز الابحاث والدراسات في الغرب، ومنجمو الفضائيات في الشرق، واثبت هذا الشعب التونسي، الصغير في تعداده، الكبير في عطائه، وتضحياته، وطموحاته، انه القامة الشامخة في محاربة الطغاة، والانتصار للعدالة ومكافحة الظلم.

فهذا الشعب، وقبضاته الغاضبة، وحناجره الهادرة، ومواجهاته الشجاعة لرصاص القمع بصدور شبابه العامرة بالايمان، هو الذي اجبر الرئيس التونسي على النزول من عليائه، واستخدام مفردات لم تكن موجودة مطلقا في قاموسه، وكل الحكام العرب الآخرين، من قبل مثل: نعم للتعددية الحزبية.. نعم للمعارضة السياسية.. نعم لانتخابات برلمانية حرة.. نعم للاعلام الحر.. لا للرقابة.. لا للرئاسة مدى الحياة.. نعم للمحاسبة.. نعم لمكافحة الفساد والتحقيق مع المتورطين فيه.

سلسلة من الخطوات بدأت باطلاق الرصاص الحي على المحتجين دون رحمة، وبهدف القتل، وانتهت باقالة الحكومة والدعوة الى انتخابات عامة في غضون ستة اشهر، لانتخاب برلمان جديد يتمثل فيه مختلف الوان الطيف السياسي.

تنازلات كبيرة وعديدة، واحد منها كان كفيلاً وحده بتنفيس هذا الاحتقان، ومنع نزول الناس الى الشوارع، وتجنب ازهاق ارواح اكثر من ستين شخصا، لكن النظام وبطانته تصرفا بطريقة تنطوي على الكثير من الغرور والغطرسة، بل والعجرفة، واعتقدا انهما يستطيعان السيطرة على الناس واذلالهم وكسر ارادتهم من خلال القبضة الامنية الحديدية.

* * *

الرئيس التونسي اعترف، تحت تأثير الغضبة الشعبية وليس تطوعا، بانه تعرض للتضليل من قبل بطانته، التي حجبت عنه الحقائق، وقمعت الشعب باسمه، وصادرت حرياته وابسط حقوقه، ولكنها 'صحوة' متأخرة ثلاثة وعشرين عاما، وهي بالمناسبة الفترة نفسها التي قضاها الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة والمدينة على رأس الدولة الاسلامية (10 سنوات في مكة و13 سنة في المدينة) ونحن هنا لا نقارن لا سمح الله، وانما لنذّكر بالعدالة وحجم الانجاز رغم صعوبة الظروف وضخامة المؤامرات.

ثلاثة وعشرون عاما من ديكتاتورية الحزب الواحد، واحتكار السلطة من قبل مجموعة صغيرة، سيطرت على القرار، ونهبت ثروات البلاد، وتغولت في الفساد، وفوق كل هذا وذاك، مارست القمع الفكري والاعلامي، لحجب الحقائق عن العالم الخارجي.

تونس 'البيضاء' وعلى مدى الثلاثة والعشرين عاما الماضية تحولت الى دولة بلا صديق ولا شقيق ولا نسيب، ولا اقرباء معزولة منبوذة بسبب ممارسات النظام التي ادت الى زهد الكثيرين عن زيارتها، او التواصل معها، خاصة من رجال الفكر والصحافة والاعلام. وجميعهم من محبيها وشعبها دون اي استثناء.

الرئيس التونسي باقالته الحكومة ودعوته الى انتخابات عامة، استنفد كل ما في جعبته من تنازلات، ولم يبق الا التنازل الاخير والاكثر الحاحا، اي رحيله من السلطة فورا مثلما تطالبه بعض او معظم قطاعات الشعب التونسي كما بدا واضحا من خلال الشعارات التي رددها المتظاهرون.

وها هو يرحل الى غير رجعة، ويتجرع كأس النبذ والنفي مثل كل الطغاة الآخرين مثل تشاوشيسكو وماركوس وشاه ايران.

يستحق منا الشعب التونسي الشكر مرتين لا مرة واحدة، الشكر لانه اثبت ان الشارع العربي ليس ميتا مثلما توقع الكثيرون، ونحن منهم، وانه قادر على الانتفاض وتقديم التضحيات من اجل التغيير، والشكر ثانيا لانه فضح الانظمة الغربية التي تشدقت دائما بدعمها للحريات وحقوق الانسان وقيم العدالة والديمقراطية.

فلولا هذه الانتفاضة المباركة لما جلست السيدة هيلاري كلينتون مثل الاستاذة توبخ تلاميذها وزراء الخارجية العرب الذين التقتهم في 'منتدى المستقبل' الذي انعقد في الدوحة يوم امس الاول، وتلقي عليهم محاضرات في الديمقراطية وحقوق الانسان والحكم الرشيد وتطالبهم بالاستماع الى اصوات شعوبهم في هذا المضمار.

ولولا هذه الانتفاضة لما تجرأت السيدة كلينتون نفسها على خرق التقاليد الدبلوماسية المتبعة، والالتقاء بقادة احزاب المعارضة في اليمن اثناء زيارتها لصنعاء وحثهم على التقدم باقتراح 'بدائل' عن حكم الرئيس علي عبدالله صالح.

الايام المقبلة قد تكون عصيبة جدا بالنسبة للكثير من الانظمة العربية الديكتاتورية ان لم يكن كلها، فالاوضاع المعيشية في تونس افضل كثيرا من نظيراتها في معظم الدول العربية، والديكتاتورية التونسية اقل قمعا من ديكتاتورياتها.

امريكا غيرت انظمة معادية لها بالغزو والاحتلال ومقتل مئات الآلاف من الابرياء مثلما حصل في العراق وافغانستان، وها هو الشعب التونسي يقلب المعادلة، ويغيّر نظاما صديقا للولايات المتحدة بالاحتجاجات الحضارية المشروعة التي تكفلها كل القوانين والاعراف الالهية والدولية والوضعية. وربما لهذا السبب جاء اول رد فعل امريكي على انتفاضة تونس البيضاء بعد ثلاثة وعشرين يوما من انطلاقها.

ختاما نقترح على السيدة كلينتون، وبعد التجربة التونسية المشرفة هذه، ان تعد جزيرة في المحيط الهندي لاستقبال الكثير من اصدقائها او حلفائها من الديكتاتوريين العرب، واكرام وفادتهم مثلما خصصت معتقل غوانتنامو لاعدائها من رجالات القاعدة، وربما لا نبالغ اذا قلنا ان الاولين اي الزعماء العرب اكثر خطرا عليها من الاخيرين.

شريط الأخبار اتحاد العمال يحذر: إنهاء عقود العمل غير المحددة قنبلة موقوتة تهدد استقرار العمالة في القطاع الخاص شاهد فيلا ضخما مذعورا من الألعاب النارية.. يدهس رواد مهرجان بتايلاند بالفيديو .. بنك الإسكان يكرم متطوعي برنامج "إمكان الإسكان" لعام 2024 أمطار متفرقة في مختلف مناطق المملكة اليوم وفيات الأردن اليوم الاربعاء 22-1-2025 المحلل المالي محمد ذياب يكتب عن قانون الشركات الأردني بين التشوهات و ضرورة تعديل النصوص قطّة تتقدّم بطلب استقالة صاحبتها.. نيابة عنها! بين تل أبيب وواشنطن و"الإخوان المسلمين"... لهذا لم تبارك إدارة الشرع ل"حماس" الذهب يحلق لأعلى مستوى في 11 أسبوعا وسط ضعف الدولار عائلة تعود إلى منزلها بجنوب غزة وتجده قد أصبح "مزارا" للسنوار جلسة نيابية لمناقشة 6 مشاريع قوانين و19 سؤالا نيابيا وجوابا حكوميا حماس تعلق... مغربي بجواز أمريكي ينفذ عملية طعن في تل أبيب ويوقع إصابات خطرة مقتل شاب طعناً في مشاجرة بمنطقة الجبيهة.. والأمن يضبط الجاني 3 استقالات ثقيلة تضرب الكيان الصهيوني... تعرفوا عليها إطلاق قناة رسمية خاصة بأخبار ونشاطات ولي العهد على منصة واتساب الحكومة: لا يوجد في تاريخ الأردن نقطة دم سياسية واحدة تحضيرات لدفن نصرالله أين حُدّد المكان؟ حالة من عدم الاستقرار الجوي تؤثر على المملكة اليومين القادمين الدكتور بينو يدعو المؤسسات المالية لتمويل مستقبلي اكثر استدامة لتعزيز الأثر الاجتماعي والتمويل الأخضر على المجتمع والاقتصاد من هو "اسامه كريم" المتورط بجريمة قتل الشهيد "معاذ الكساسبة"..!!