صار لدينا وزارة للتنمية السياسية منذ أكثر من عشر سنوات فهل حققنا هذه التنمية ؟ يبدو أن طرح الموضوع بحوار علمي صار لازماً حيث ارتفعت وتيرة الحديث عن الحكومة البرلمانية واختيار النواب لشخص رئيس الوزراء . فالتنمية التي نتحدث عنها لا تعدو أن تكون أداء ثقافياً، حيث يكلف وزير التنمية السياسية بإلقاء محاضرات هنا وهناك، وتتم تغطية ذلك النشاط عبر التلفزيون الرسمي ضمن نشرة الأخبار!! فهل هكذا تكون التنمية السياسية ؟ الأمر ابتداء يتطلب الإجابة على السؤال البسيط الصعب: هل نحن جادون في التنمية السياسية ؟ وهل نعني ما نقول في الحكومة البرلمانية ؟ إذا كان الأمر كذلك فلا يمكن تحميل أية جهة وحدها مسؤولية تحقيق هذا الهدف الكبير. الأحزاب مسؤولة لتخلع عن نفسها التقليدية في الأداء لتستخلص من فكرها أياً كان برامج تناسب الواقع الأردني وتستقطب الأجيال الشابة، على الأحزاب أن تنفض عنها غبار الزمن لتنطلق من عقالها بعيداً عن التكرار لما لا يأبه به الناس، ولتتجه نحو ما ينفع الناس ويمكث في الأرض. لتخرج الأحزاب من شرانقها وتتخلص من عقلية الاصطفاف التقليدي لتكون مع كل الراغبين في البرامجية والعمل المفيد البعيد عن مجرد تسجيل المواقف.
وعلى المواطن أن يقرر أنه لن يكون وحده إذ العمل الفردي لا يحقق للوطن بالرغم من أنه قد يحقق للفرد بعض ما يريد وهو ما لا يحقق التنمية السياسية بل يكرس المنافع الشخصية. على شبابنا اقتحام العمل الحزبي سواء من خلال الأحزاب الموجودة أو بتشكيلات جديدة تجعل البالي من الموجود لا قيمة له ولا أثر . إن استمرار العزوف عن العمل الحزبي هو الذي يجعل الأحزاب مجرد كانتونات فئوية لا حظ لها من القوة الفاعلة على أرض الواقع. وعلى الدولة التي رفعت شعار التنمية السياسية والحكومة البرلمانية أن تتحرك لتحقيق التنمية بقوة القانون والغرس الثقافي والممارسة العملية إذ لا يعقل أن تتحدث الدولة عن التنمية السياسية بينما هي تمارس وضع العقبات أمام العمل الحزبي مثل منع شباب المكرمة في الجامعات من دخول الأحزاب، ومنع تولي الحزبيين المناصب!!!!إن استمرار سياسة الحصار للأحزاب لا تقودنا إلى وجود حزبي برلماني وبالتالي لا يمكن أن نحقق الحكومة البرلمانية إلا بصورة مشوهة وهي التي يسعى لتطبيقها بعضهم هذه الأيام من خلال البرلمان الحالي الذي هو مجموعات فردية لا تحمل أية برامج كما يحصل في الدول المتقدمة ديمقراطياً. المسؤولية على الجميع: الأحزاب والناس والدولة وبغير ذلك ستبقى التنمية السياسية والحكومة البرلمانية أمنيات لا حظ لها على أرض الواقع.
بالطبع أنا أتحدث عن مواطن مخلص وأحزاب تغرد للوطن ونظام يصدق مع ناسه في رحلة الإصلاح المنشود.