تصادفني هذه الحاله دائما , في أي مناسبة إجتماعية , أو سياسية ..أو حتى وطنية ...
شخص مندفع يقابل شخصا آخر ويسلم عليه ويطمئن على حال الأولاد والعائلة ومن ثم يعرض عليه أن يتناول الغداء في منزله ودائما النتيجه واحده وهي الرفض ....
هي تشبه المعادلة الكيميائية ولها أطراف وأدوات ...الطرف الأول هو الداعي الطرف الثاني هو المدعو للغداء والأدوات هي في الغالب مكونه من جمل الرجاء مثل :- ( جيرة الله , أمانة , يا رجل ما بصير تجي وما اتمالحنا , أفلح , ذبيحتك جاهزه .....)
الشعب الأردني أكثر شعب في العالم أنتج دعوات وعزائم والغريب أنها جميعها مرفوضة ...والمشكلة أن الطرف الأول المكون من الداعي (كذاب) وهو يمارس الدعوة من قبيل إظهار الود والإحترام للطرف الثاني ..والطرف الثاني يعرف ان الطرف الأول كذاب ولا يريد أن يقوم بإحراجه في حال موافقته على الدعوة .
منذ عشر سنوات وأنا اقابل صديقا كان معي منذ أيام الدراسه ومنذ عشر سنوات وهو يردد جملة واحدة لا تتغير :- (جيرة الله تتغدا عندي) ...وأنا لأني تعبت من حجم الدعوات الهائلة وافقت وأخبرته أني أريد (معلاق) ...الرجل تبدلت ملامحه حين وافقت وأتخيل في داخلي أنه صدم كونه لم يتوقع ابدا ..الموافقة .
يوميا أواجه دعوات غداء واحيانا لكثرتها اشعر وكأني قادم من الصومال من مجاعة خانقه ..
ما تستغربه هي أدوات الدعوه مثل الشد على اليد والإلحاح الغريب , وأحيانا يقوم أحدهم بحمل الهاتف ويخبرك بأنه يريد أن يحضر (الذبيحة) وفي بعض المرات ...تدخل مسألة الطلاق في الأمر وتدخل مسألة الحلفان بالحرام , وقد يتطور الأمر إلى التهديد بمقاطعتك وعدم السلام عليك في المرات القادمة إذا رفضت الدعوة ...
ثمة موروث إجتماعي قائم على فهم خاطئ للأشياء فإحترام الآخر لا يرتبط بدعوته على الغداء أبدا ..ولأني تعبت من هذه الدعوات الزائفة في أغلبها فأنا أدعو إلى إطلاق حملة (مالحنا) وهي حملة تقوم على الموافقه مباشرة ...دون التردد فمثلا حين يقول أحدهم :- (جيرة الله ع الغدا) عليك أن ترد عليه مباشرة بجملة ..( إبشر وما أيخسى اللي ايقولك لأ) ...وعليك أن توافق قبل أن ينهي الداعي الجملة ...أنا صرت أتبع هذا الاسلوب مع البعض وأظن أنه اصبح ناجحا جدا فقد صار البعض يسلمون برفع اليد من بعيد دون الإقتراب ...
فقط وددت أيضا بالإضافة لحملة (مالحنا) أن أطلق أيضا تحذيرا إلى جميع الذين يقومون بدعوتي الى الغداء وعبر هذا المقال تحذيرا يدعوهم إلى التفكير المعمق قبل إطلاق الدعوة ...لأني لن أقول لا أبدا ...
نحن الشعب الوحيد في العالم الذي أنتج عزايم ودعوات على الطعام ..أكثر مما أنتج من الفوسفات والبوتاس ...