قامت وزارة الصحة قبل اسابيع بإصدار تعميم لجميع المستشفيات الحكومية والجامعية بضرورة استيفاء ثلاثين بالمائة من المرضى المحولين من الديوان الملكي الهاشمي، والحكومة، متناسية أن هذه الفئات في معظمها هي من الأقل حظاً، وأنها غير قادرة على دفع أي مبلغ، فكيف بهذه النسبة المرتفعة، والتي يعجز عنها حتى الموظف المشمول بالتأمين الصحي، وأن هذا القرار غير المدروس تم إلغاؤه بعد أقل من 48 ساعة، لأنه أثار ضجة كبيرة في صفوف المرضى، واعتبروه اعتداءً صارخاً على صحتهم، خاصة وأنهم يعانون وغيرهم من أوضاع اقتصادية صعبة، وأنهم لم يحصلوا على هذا الإعفاء إلا لأنهم غير قادرين على مراجعة الأطباء في القطاع الخاص، وأنهم غير مؤمنين، وغير قادرين أيضاً على دفع تكاليف عملية قلب مستعجلة، أو إصابة بالسرطان، في وقت نعرف فيه أن الحكومة تقوم بمعالجة جميع مرضى الفشل الكلوي، ودون تمييز لأوضاعهم المادية، لأن عدم غسيل الكلى يعني موتاً محققاً لهذا المريض.
لقد بدأت وزارة الصحة، بوضع المعيقات أمام المرضى الذين تزيد أعمارهم عن ستين عاماً، أو الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات والذين صدرت التعليمات بمعاملتهم معاملة المشمولين بالتأمين الصحي الرسمي، وأن مديرية التأمين الصحي بوزارة الصحة لا تصدر بطاقة التأمين الصحي لهذه الفئات إلا بعد جهد جهيد، وتقديم الوساطات وأن بعضهم لا يقدر على دخول المستشفى الحكومي لأنه لا يملك هذه البطاقة، والتي تستغرق عملية استخراجها عدة أشهر، في وقت تطالب فيه مديرية التأمين الصحي من هذه الفئات تسديد قيمة الاشتراك بالتأمين الصحي والبالغة نحو مائة دينار مرة واحدة ورفض مبدأ التقسيط، حيث يوجد في العائلة في بعض الأحيان عدة أشخاص أعمارهم أكثر من ستين عاماً، أو أطفال تحت السن السادسة.
آخر ما قامت به وزارة الصحة، أنها لجأت إلى إصدار لائحة أجور على المرضى غير المؤمّنين صحياً بواسطة سيارات الإسعاف بدلاً من قيامها بالتخفيف عنهم، وتوسيع مظلة التأمين الصحي لتشمل جميع المواطنين.
لائحة الأسعار التي أصدرتها وزارة الصحة عند استعمال المواطنين لسيارة الإسعاف، تنم عن عدم الشعور بحاجة المريض الذي يتلوى من الألم، لهذه السيارة لنقله على وجه السرعة إلى المستشفى، حيث يحسب الوقت بالدقيقة، والثانية، وأن سيارة الإسعاف تكون مجهزة بما يلزم للإسعاف السريع لهذا المريض، وهذا ما لا يتوافر في السيارات العادية.
المواطن المؤمن، أو غير المؤمن يجب أن يحظى بهذه الذمة الإنسانية ومجاناً ودون مقابل، لأن حياة المواطن أغلى بكثير من بضعة آلاف من الدنانير ستجنيها وزارة الصحة من وراء هذا الموضوع.
بقلم : أحمد جميل شاكر.