إن وحدة الضفتين الشرقية وهي الأردن، والغربية وهي فلسطين بحدودها الناشئة عن حرب 48 كانت دولة واحدة لعشرات السنين.
والعدوان الصهيوني الذي حدث سنة 1967، وأدى إلى احتلال الضفة الغربية ووضعها تحت وصايته، كان قد أخذ جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية ووجب عليها السعي لتحريره.
وقد حاولت السلطات الأردنية ذلك بالتفاوض مع الكيان الصهيوني السري والعلني طيلة أعوام 67 و89، حيث صدر قرار فك الارتباط بطلب من مؤتمر القمة العربي الذي عقد في المغرب ذلك العام.
ولكن القوى الوطنية والقومية في الأردن وفلسطين ما زالت ترى في وحدة الضفتين مطلباً شعبياً، يرفع في المظاهرات والاعتصامات وفي المناسبات الوطنية المتكررة.
إلا أن هناك فئة إقليمية في كلا البلدين -الأردن وفلسطين- ذهبت إلى غير ذلك، فخرجت بشعار الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين.
وهذه الدعوة الإقليمية المشبوهة مدعومة من الكيان الصهيوني والإمبريالية الأمريكية؛ لغرض الوقوف في وجه أي دعوة وحدوية عربية، حتى ولو كانت في حجم الأردن والضفة الغربية. ولهذه الدعوة كتاب وأحزاب وجهات معروفة وناشطة لها أعمدة في صحف معينة وكتاب يتبنون وجهة نظرها، ويدافعون عن التجزئة والشرذمة للدول العربية التي بلغ عددها ثلاثة وعشرين دولة وأكثر.
ولم يكتف هؤلاء الكتاب بنشر آرائهم وكتاباتهم الإقليمية في الصحف، بل تعدوا ذلك إلى مواجهة القوى القومية والوطنية التي تعمل في سبيل الوحدة العربية أو ترفع شعاراتها أو تصدر بيانات بالمطالبة بها.
ومن هؤلاء الكتاب من يفعل ذلك بحثاً عن مركز أو وظيفة أو للمحافظة على مركزه وعمله؛ باعتبار أن بعض الكتاب يضطرون إلى ملء الفراغ الذي يجابههم في اختيار موضوع ما، فيضطرون إلى كتابة ما هب ودب من المواضيع، حتى لو شملت التهجم على بعض القوى والآراء، لا لشيء إلا لتقديم مقالهم في الموعد المعين.
ولذلك فنحن ننصح هؤلاء الذين يعوزهم الموضوع أن يأخذوا إجازة من الكتابة، ولو لبعض الوقت؛ لأن ذلك أفضل من أن يكتبوا ما يستوجب تندر واستهجان الآخرين بما يكتبون، لأن ما ينفع الناس يبقى في الأرض، وأما الزبد فيذهب جفاءً.