يرى محللون سياسيون ان الاردن سيبدأ بتغيير موقفه الميداني والسياسي ازاء الازمة السورية،خلال الفترة المقبلة،والمحللون لهم في هذا الرأي تفسيرات لما قد يستجد على موقف الاردن.
وقف الاردن مع الحل السياسي للازمة السورية ومازال،ومع الجهد الانساني المبذول فوق الجانب اللوجستي والامني للتعامل مع تداعيات الحدود المفتوحة،والاردن بقي في درجة الحياد الجزئي الى حد كبير،اذ منع تدفق السلاح الى سورية،ولم يشتبك ميدانيا مع الملف السوري،في منطقة جنوب سورية تحديداً.
في ذات الوقت ترك الاردن مساحة محدودة للغاية لغزل علاقات مع المعارضة السورية،اذ منح مجالا لمعارضين سوريين بالحركة بشكل محدود،وفتح قنوات علنية وسرية وضمن سقف محدد مع هذه المعارضة.
موقف الاردن لم يرض ثلاثة اطراف للمفارقة،فدمشق الرسمية تريد موقفا لصالحها بالكامل،والمعسكر التركي القطري المصري،يريد تدخلا عسكريا كاملا يصب في المحصلة باتجاه تنصيب الاسلاميين على ُملك دمشق،وعواصم عربية خليجية كبيرة تريد تدخلا عسكريا اخر يؤدي الى سقوط الاسد،لكنه لايؤدي الى وراثة الاسلاميين للحكم في دمشق.
اليوم فأن المحللين يعتقدون ان الاردن قرر الخروج من حصارات هذا المثلث السياسي،لانه اكتشف ان هذا المثلث تسبب بعزلة له، ولانه يريد فك طوق هذه العزلة،والتجاوب مع مايجري في العالم،ولحساباته ايضا.
مخاوف عمان غير المعلنة تتعلق بتأسيس نموذج متطرف من العنف القائم على الشعار الديني في كل سورية،وتحديداً في مناطق جنوبها المحاذية للاردن،وخطر هذا التطرف مفتوح باتجاه الاردن والجزيرة العربية.
يرى خبراء ان المعسكر التركي القطري المصري،المؤسس سياسيا وعسكريا وبشريا ولوجستيا لايهتم بهذه القراءة،وقد يتسبب في المحصلة ببناء نموذج متطرف،او نموذج مفتوح في ألوانه الدينية السياسية،يتحالف مع بقية السلسلة القائمة حاليا.
هذا يضغط على خاصرة الاردن كثيرا.الخبراء يعتقدون ان الاردن لن يقف مكتوف اليد امام الوضع الحالي او امام مرحلة مابعد بشار الاسد،ولهذا سيرفع من سقف مداخلاته خلال الفترة المقبلة،بشأن الملف السوري،عبر عدة اصعدة.
الاول سياسيا اذ سيسعى الاردن الى تأسيس حاضنة للمعارضة السورية موازية للحاضنة الموجودة في تركيا،وتلك الحاضنة الموجودة في الدوحة،لضمان تأثيراته خلال الفترة المقبلة،وعدم ترك المشهد لحاضنة من لون واحد.
الثاني يأتي اجتماعيا اذ يقول المحللون ان الاردن سيستفيد من العلاقات العشائرية والاجتماعية في منطقة حوران التاريخية الممتدة في درعا والرمثا،لتثبيت روابط معينة وتعزيزها بهدف حماية جنوب سورية من امتداد التطرف،وبالتالي احتمال انتقاله الى الاردن.
اما العنصر الثالث فهو اللوجستي والميداني،والمؤكد هنا ان الحياد الميداني قد تنخفض درجته لصالح مداخلات اعلى في مناطق جنوب سورية تحديدا،وهذا كلام يفتح الباب امام شكل جديد من المداخلات اقل من عمل عسكري كبير،وفي مسار مواز للنموذج التركي،لكنه لاينسخه بنتائجه،وقد ينسخه بتفاصيله،وسيكون اعلى من حالة الحياد والمراوحة والتفرج التي كانت قائمة.
الاردن في حساباته لايتخوف من الاسلام السياسي،بمعناه الحرفي،وان كان يتطلع الى كل تداعيات المشهد،لكنه يتأمل مناطق جنوب سورية وخطر انقسامها،او وقوعها بيد القاعدة والسلفيين،وغير ذلك،والارجح انه قرر بدء مداخلة مختلفة خلال الفترة المقبلة.
تبقى الاسئلة معلقة حول من سيكون الاب المرجعي لهذه المداخلة الاردنية الجديدة المقبلة على الطريق،فهي من جهة تأتي معاندة للمعسكر القطري التركي المصري،وهي من جهة مثيرة لتخوفات النظام السوري،وهي من جهة اخرى،تقترب جزئيا من رغبة عواصم عربية كبرى تريد مداخلة شاملة،لاتصب في خزان النموذج الذي يتأسس بمعزل عن هذه العواصم.
كل مايمكن ان يقال هذه الايام،ان الاردن بات على وشك الدخول في مواجهة اعلى مع الملف السوري،خصوصا،ان سياسته الفترة الماضية لم ترض احدا،ولان حياده كان مكلفا،ولانه يتخوف على الداخل الاردني من تداعيات المستقبل،ويرى في حياده الجزئي السابق،قرارا يتوجب الخروج منه اليوم،ولايعرف احد هل ستأتي هذه المداخلة ضمن خطة اقليمية،ام انها اردنية حصرية فقط؟
اراء المحللين تبقى قابلة للرد والتصحيح،وعلينا ان ننتظر ماسيجري على ارض الواقع.