من يتابع أرقامالتقاعد المدنيمنذ خضوعالموظفين المدنيينلنظام الضمانالاجتماعي العام 1995 وتبعهم العسكريونالعام 2003، يكتشفأن الفاتورةزادت بقيمةكبيرة جدا؛إذ نمت من نحو 400 مليون دينارفي ذلك الحين لتصلحوالي ملياردينار.الأرقام الرسمية تتوقعأن تبلغكلفة فاتورةالتقاعد خلالالعام المقبل 1.06 مليار دينارمقارنة مع 999 مليون دينارللعام الحالي،بارتفاع نسبته 6.3 %. ويُرجح أن يستمر نمو هذه الكلفةطالما أن أسس الخضوعللتقاعد المدنيلم تتغير.والتضخم الكبيرفي بند التقاعد المدنيخطير، والسؤالالأهم: لماذا تنمو قيمةالتقاعد إلى هذه المستوياترغم أن كل من يعمل في القطاع العام،سواء كان مدنيا أم عسكريا، يخضعلتقاعد الضمانالاجتماعي، وكذلكالحال طبعاًلمن يعملونفي القطاعالخاص؟ وما هي الأسبابالتي تقف خلف زيادةقيمة بند التقاعد بعد إنشاء مؤسسةالضمان؟ ومن هي الفئاتالتي تستفيدمن أموالدافعي الضرائب؟وما دور سياسات تشكيلالحكومات وتعييناتالدرجات العليافي زيادةهذا الرقم؟بحسبقانون التقاعد،ما يزالالوزراء والنوابوالأعيان وكبارالمسؤولين يخضعونلهذا القانون،وبموجبه يحصلونعلى تقاعدمدى الحياة،حتى لو خدموا في القطاع العاميوما واحدا.إعادة التحذيرمن تزايدفاتورة التقاعدضرورة. فإبقاء القانون على حاله يعنيأن كلفةهذا البندمستقبلا سترتفعبشكل مطرد. ويدعم ذلك كثرة التغييراتالحكومية، وآلياتتشكيل الحكوماتوزيادة عدد النواب وفقالقانون الانتخابالجديد، عدا عن تعييناتالواسطة والمحسوبيةوالنسب في الدرجات العليا،التي تحققذات الهدف.المضحك المبكيأن حكوماتناالتي طالماأمطرتنا بالحديثعن قيمةالدعم للخبزوأسطوانة الغاز،ولا تتوقفعن الحديثبشأن فاتورةدعم المحروقاتوالمواد الغذائية،تغفل حتى عن الإشارةإلى نمو بند التقاعدبهذه المعدلاتالكبيرة، رغم أن الفرقبين قيمةالبندين ليس كبيرا.إذ تقدر قيمةبند الدعمبنحو 1.2 مليار دينار. ومعنى ذلك أن الخزينة تدفعللفقراء ومحدوديالدخل مبالغلا تقارنبتلك التيتسدد كرواتبشهرية لفئةكبار المسؤولين.هذه المفارقةتدعو إلى التوقف مجدداعند رؤيةالحكومات والمسؤولينلفكرة الإصلاحالاقتصادي؛ فالتشوهاتالتي تحدثهافاتورة التقاعدأكبر بكثيرمن تلك التي تأتيبها فاتورةالدعم.وعلى الجهات المسؤولة،إن كانتمسؤولة فعلا،أن تتخذخطوات إصلاحيةبخصوص فاتورةالتقاعد من خلال تعديلقانون التقاعدالمدني، بحيثيخضع الجميعلقانون الضمان.هذا المقترحغير شعبي،تماما كالحديثعن التخلصمن فاتورةدعم السلع. وهو بحاجةإلى شجاعةلا تقل عن تلك التي يمتلكهاالمسؤولون حين يتطاولون على لقمة عيش الفقراء ويرفعونالأسعار.فدعم الوزراء والنوابوكبار المسؤولينأكثر بشاعةوأقل مشروعيةمن دعم الغذاء والمحروقات،والحديث عن الإصلاح لا يتجزأ أبدا.كل الحديثعن ترشيقالقطاع العام،وتخفيف عبء الموازنة، يفقدقيمته أمامأرقام التقاعد؛فالمنظرون للإصلاحالمالي نجدهماليوم يتمتعونبأموال دافعيالضرائب أكثرمما يستفيدمنها مواطنفقير يقف في طابورطويل ليشتريلترا من الكاز.