لا أحد ضد حق الانسان في التعبير عن رأيه، ولا التظاهر السلمي، ولا الاعتصام ولا الإضراب، لكننا نريد قراءة الكلفة المالية لهذه المظاهرات المتواصلة منذ عامين، وبهدوء كبير، ونقبل اي تصحيح أو تخطئة.
خمسة آلاف مظاهرة خرجت خلال عامين، ودعونا نتحدث هنا اولا عن كلفة الحراكات ومن ُيمولها، وكم بلغت الكلفة الاجمالية لها، وعبرخمسة آلاف مظاهرة، تخرج كل جمعة يافطات جديدة، وفقاً لآخر المستجدات، وكل يافطة تكلف من عشرين الى ثلاثين دينارا، وهناك الاف اليافطات الجديدة، والاف اليافطات التي يعاد استعمالها.
مع هذه الكلفة، كلفة الاتصالات اللوجستية، ونقل المعتصمين، وكلفة الوقود على المتظاهرين، او اجورالمواصلات، وهذا يشير الى ان المظاهرات كلفت الحركة الاسلامية، وحراكات المحافظات ملايين الدنانير، فمن أين تم تأمين هذه المبالغ؟
ومن يدفع هذه الكلف المرتفعة، وهي كلفة متواصلة؟!.
الذي يخرج في جاهة لخطبة عروس، ويحسب كلفة هذه الجاهة يجدها تكلف مئات الدنانير أو آلاف الدنانير في حالات، فما بالنا بمظاهرات مستمرة منذ عامين، ولا احد يسأل السؤال حول سر ادامتها، وكلفة الادامة!.
السؤال لا يأتي على محمل الاتهام او الغمز من نظافة احد، لكننا لا نصدق ايضا ان هذه الملايين مجرد تبرعات بالدينار والعشرة من الناشطين قبيل كل مسيرة او مظاهرة، فهذا عمل منظم، لا تنقطع انفاسه على ما يبدو، لا بسبب شح مالي، ولا موقف سياسي، كما ان عددا لا بأس به من جمهور المظاهرات هم من المتعطلين عن العمل اساساً، او من غير المقتدرين، ولا قدرة لهم على التبرع.
ألم يكن اولى انفاق هذه المبالغ على تشغيل الناس، وهي مبالغ لو تم توزيعها على من يخرجون في ذات الحراكات لافتتح كل واحد منهم مشروعا افاد به نفسه، وهذا كلام لا يأتي على اساس المبالغة.
لو سألتم عشرات آلاف الناس ممن يعملون في قطاعات مختلفة من وسط البلد الى العربات، مرورا بباعة الشقق والاراضي، وصولا الى بقية القطاعات لقالوا لكم ان حياتهم تضررت، لأن مخاوف الناس من فوضى الربيع العربي، جعلتهم يجمدون القرش في جيوبهم هلعاً.
هذا يقول ان المغتربين والمواطنين، لا يفكرون باستثمار قرش في البلد، ولا حتى ببناء طابق، ولافتح دكان، لأنهم يرون المظاهرات منذ عامين، ويضعون ايديهم على قلوبهم خوفاً من الفوضى، وهكذا تصير مظاهرات الاصلاح سببا في خراب اقتصادي، مع اقرارنا بحسن نوايا معظم من يخرجون، لكنهم لايقرأون الأثر السلبي على الوضع العام.
هذا يقول اننا فوق مشاكلنا، جاءت المظاهرات لتزيد حدة المشاكل، بخاصة ان لا احد يريد ان يعترف من قيادات المتظاهرين ان نظرة الاردني الى الربيع العربي اختلفت عن بداياته، مع الفوضى التي يرونها في ليبيا وتونس ومصر واليمن والسودان وسورية.
لم يعد الاردني يريد نسخ اي نسخة من هذه النسخ، لأنها اسوأ من بعضها.
يريد الاردني اصلاحا ووقف نهب المال العام، ومحاسبة الفاسدين، والفوضى على طريقة هذه النسخ، باتت الاغلبية تقف ضدها، ولو كنتم ديمقراطيين، لاستفتيتم الناس عن رأيهم، بدلا من النطق باسمهم في كل المراحل دون العودة الى اي مرجعية شعبية.
هذا يقول ان على الذين يطالبون بالاصلاح -وهم احسن منا ومن الجالسين الصامتين -البحث عن وسائل جديدة للتعبيرعن الرأي وابتداع افكار مفيدة، لأنه ثبت ان المظاهرات باتت تؤذي عظم البلد، ولم تؤد الى نتيجة.
ثبت ايضاً ان الحراكات لم تتوسع ولم يزدد عدد المنتسبين اليها، بل تناقص، وهذا واقع فرضته عوامل ابرزها اختلاف نظرة الناس تجاه فكرة الربيع ومايعنيه من هدم للدولة، بل ان اغلبية الناس باتت تعرف ان الاختيار بات اليوم بين دولة بكل مشاكلها، او دولة الفوضى وتصفية الحسابات والاقتتال والتقسيم وهتك حرمة الدم والعرض.
ما بين ملايين الدنانير التي تم هدرها على المظاهرات، وملايين الدنانير التي خسرها الناس، بسبب المخاوف العامة من الفوضى، يأتي السؤال المدوي حول ادعاء صيانة البلد عبرتفكيك بنيانه حجراً حجراً، فإن لم يكن الانهيار الكامل، كان السقوط الاقتصادي.