قرع طبول الحرب الإسرائيلية... والقلب السوري النابض

قرع طبول الحرب الإسرائيلية... والقلب السوري النابض
أخبار البلد -  

قلق وعدم فهم كبيران يساوران أهم المراقبين والمحللين الإسرائيليين في كل ما يتعلق بما تصح تسميته، الهاجس النووي الإيراني، وقد عبروا عن هذا القلق وعدم الفهم مؤخراً، وكالآتي:

«رئيس الوزراء ووزير الدفاع يهددان بمهاجمة إيران، والعالم غير مبال. إسرائيل تحذر أن وجهتها نحو حرب ستشعل أسعار البترول وتسبب قتلاً وتدميراً عظيمين، والعالم لا يفعل شيئاً لمنع الكارثة. لا اجتماع طارئ لمجلس الأمن، ولا بعثات دبلوماسية دراماتيكية، ولا بث مباشر في السي إن إن والجزيرة، وحتى لا اهتزازات في أسعار النفط والغاز الطبيعي، ولا في تصنيف أو تدريج الائتمان النقدي لإسرائيل. هدوء في الجبهة. والتهديد المضاد للإيرانيين بضرب إسرائيل كذلك لا يحرك ساكنا عند أحد. فما الحاصل هنا؟
كل الدلائل تشير أن «المجتمع الدولي»، يعني الدول العظمى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، سلمت مع مبادرة الحرب الإسرائيلية والآن يدفعون بنتنياهو أن يلتزم بكلمته وأن يرسل القاذفات لأهدافها في إيران. بمصطلحات عامة، السوق قد ثمن الهجوم الإسرائيلي بتقدير المخاطر منه، وينتظر الآن أن يتحقق التوقع من هذا التثمين. المجتمع الدولي خلق الظروف المثالية لعملية إسرائيلية ضد إيران، وقد توقف عن مضايقة نتنياهو في قضية الاحتلال والمستوطنات والدولة الفلسطينية ويتيح له أن يتركز في تحضير الجيش والرأي العام الإسرائيليين للحرب ضد إيران. «المحادثات النووية» التي أجرتها الدول العظمى مع إيران كانت مضرب المثل للعجز الدبلوماسي. العقوبات الاقتصادية على إيران لم توقف المشروع النووي، وربما ساهمت في تسريعه، ولكنها يمكن أن تصعب على إيران إدارة حرب طويلة ضد إسرائيل. كل هذا القول وقبل أن يأخذ نتنياهو لنفسه صلاحيات لم تكن له طبقاً لقانون أساس عمل الحكومة والأنظمة المترتبة تعفيه من العودة إلى الهيئات الحكومية في حالات معينة إن اقتضتها الضرورة، توقيت هذا الإجراء عزز توقعات الناس العاديين قبل المراقبين أننا على عتبات حرب ليست كالحروب، إذ إن وقتها معلن مسبقاً وشبه محدد، لأن الحروب وإن وُجدت كل دواعيها تنشب عادة دون سابق إنذار وعلى الأقل في إشعال شرارتها الأولى.
في تناول لي لهذه القضية بداية عام 2010 تحت عنوان «الحرب الإسرائيلية الإيرانية ليست على الأبواب!»، توصلت إلى:
«يضع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إيران والتهديد الذي تمثله تجاه إسرائيل في أعلى سلم أولوياته الإستراتيجية،. فهل فعلاً يرى الإسرائيليون أن تهديداً كيانياً آتياً لا محالة من إيران؟ أم أن سياسة نتنياهو الإيرانية هي هروب إلى الأمام في مواجهة استحقاقاته تجاه القضية الفلسطينية والعربية بشكل عام؟». وإلى أن:
«الحرب الإيرانية الإسرائيلية المتوقعة حتى وإن ما زالت لا تتعدى التصريحات النارية لحكام البلدين حتى اليوم، وحدت وتوحد الرأي العام الإسرائيلي. فاستطاع حكام إسرائيل خلق أجواء لدى الإسرائيليين بأن هذا الخطر الإيراني محدق وهو فعلاً تهديد كياني لهم. رغم أن المراقب يستطيع وبسهولة أن يصل إلى خلاصةٍ أن نتنياهو وإستراتيجييه يعرفون حق المعرفة أن خطراً كهذا بعيد الحصول، ويصل إلى أن وضعهم إياه على هذه الدرجة من الاهتمام ما هو إلا هروب إلى الأمام أمام استحقاقات إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية والعربية، هذه الاستحقاقات إن وُضعت على الطاولة جدياً كفيلة بإسقاط أي حكومة إسرائيلية حتى كالقائمة اليوم والمتجانسة مبدئياً، ويصل إلى أن «حربهم» ما هي إلا حرب بقاء حكومية وليست حرب بقاء كيانية».
تنشب الحروب عادة إما انطلاقاً وعلى خلفية تناقض مصالح تناحري أو انطلاقاً وعلى خلفية تناقض قيمي تناحري وفي الغالب يتداخل هذان المنطلقان مع غلبة لأحدهما على الآخر. إسرائيل ترى وعلى الأقل هكذا تدعي، أن الحرب التي ستشنها إيران عليها هي حرب يغلب عليها الطابع القيمي وليس المصلحي فهي أي إسرائيل لا تشكل أي خطر جدي على المصالح الإيرانية.
هذا الرهق الإسرائيلي على الخطر الإيراني ووضعه في السياق القيمي وبمعزل عن أي علاقة بالاستحقاقات الملزمة إياها تجاه الفلسطينيين والعرب، ليس إلا هروباً إلى الأمام من الاستحقاقات الفلسطينية عليها، ومرتبط ارتباطاً عضوياً باستحقاقات البقاء في السلطة المتبادلة حزبيا في إسرائيل ومن خلال استغلال غياب إستراتيجية فلسطينية عربية بديلة عن القائمة اليوم لحل النزاع وخصوصاً والعالم العربي غارق اليوم في «جحيمه العربي»، ومرتبط بالراحة التي تعيشها إسرائيل في هكذا وضع والذي تريد له أن يستمر إلى أطول أجل دون أن تكشف نفسها بغياب فعل تجاه الاستحقاق الفلسطيني لفعل دولي، ولذا فبالنسبة لها التهديد الإيراني هو الفعل الذي يجب التعامل معه كيانياً.
إذا كان نتنياهو في بداية تسلمه سدة الحكم وضع الخطر الإيراني الوجودي حسب ادعائه، في أعلى سلم اهتماماته هروبا إلى الأمام من الاستحقاقات الفلسطينية وقد نجح، إلا أنه ورغم شعاره «أولوية الخطر الكياني» لم ينفذ هكذا مغامرة لا يضمن الخروج منها سالماً وحجته غياب دعم دولي أو تحالف دولي أو إرادة دولية، أما اليوم فهو في وضع يحقق له الاثنان حسب تصوره فملف القضية الفلسطينية في أسفل رزمة الملفات الدولية إن لم يكن على الرف يأكله الغبار، وتحالف دولي داعم قائم عملياً.
أحد الهواجس الإسرائيلية الأساسية كما هواجس زارعيها في المنطقة وهواجس حلفائها الموضوعيين من أعراب وعثمانيين وأصوليين، وبغض النظر عن المشروع النووي الإيراني، كان ذلك الهلال المتشكل شمال- شرقيها، ميْمنته حزب اللـه وميْسرته إيران والعراق وقلبه سورية، ولذا دأبت إسرائيل ومنذ هزيمتها وحلفائها في لبنان 2006 على تدريب جيشها على حرب تشنها أو تُشن عليها من هذا الهلال، ولذا يخطئ خطأ مميتاً من يعتقد أن ما يحدث في سورية هو «ربيع عربي» وليس جزءاً من هذه الحرب، وإن بأدوات بائنة غير أدواتها، التي تحضر إسرائيل نفسها إليها ومنذ تلك الهزيمة المدوية.
مئير داغان رئيس جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي «الموساد» سابقاً والذي تولاه منذ الـ2002 وبقي على رأسه تسع سنوات، خرج على الملأ ومباشرة بعد إنهاء مهامه في الـ2011 ليحذر من مغامرة «إيرانية» يقودها نتنياهو وباراك، ومؤخراً قال في مقابلة لمجلة جرحى الحروب الإسرائيلية «هلوحيم- المحارب»:
«بُعيد هجوم على إيران ستنشب حرب مع إيران ومن النوع الذي نعرف كيف نبدؤها ولكن لا نعرف كيف ننهيها فإيران قادرة أن تمطر إسرائيل بصواريخ على مدى أشهر طويلة، وكذلك أن تُفعل حزب اللـه الذي يملك عشرات آلاف صواريخ جراد ومئات الصواريخ بعيدة المدى، وقادرة أن تُفعل حماس (!) وهنالك خطر جدي أن تنضم سورية للحرب».
هذا هو موقف الكثير من النخبة الأمنية الإسرائيلية كيوفال ديسكين الرئيس السابق لجهاز المخابرات الداخلية «الشاباك» وعاموس يدلين رئيس المخابرات العسكرية السابق وقائدي الجيش الإسرائيلي السابق موطي أشكنازي والحالي بيني غانتس. غير أن هنالك موقفاً آخر يقف على رأسه نتنياهو ووزير دفاعه باراك ونخبة من الخبراء الإستراتيجيين الإسرائيليين وآخرهم البروفيسور الفخري في الجامعة العبرية واللجنة الأكاديمية الاستشارية لمركز «بيجن السادات للبحوث الإستراتيجية» يحزكئيل درور والذي كتب مؤخراً بحثاً أصدره المركز تحت عنوان «أمر الساعة المركب هو مهاجمة إيران وإطلاق مبادرة سلام» يقول فيه:
«إن الخطر الإيراني جدي وعلى إسرائيل أن تهاجم وتفعل حسناً أن تواكب هجومها بمبادرة سلام أساسها المبادرة العربية للسلام بيروت 2002، ويجب عدم المبالغة في الرد الإيراني أو في موقف أميركا والغرب والعالم العربي، ولا يجب أن يكون الهجوم مرتبطاً بمبادرة سلام إن تعذر ذلك».
السؤال على ضوء كل ذلك: هل اعتداء على إيران والذي لم يكن على الأبواب قبل سنوات هو على عتباتنا اليوم؟!
ليس من نافل القول أن نشير بداية أننا من حيث ندري أو لا ندري دخلنا في قاموس مصطلحات سياسية أو حربية خلطت علينا المفاهيم، فصرنا نطرق الموضوع من باب وكأننا في صدد دولة عظمى هي إسرائيل مقابل دولة مستضعفة هي إيران، حتى رحنا نتعامل مع الموضوع وكأننا في صدد أميركا مقابل أفغانستان أو العراق أو حلف الناتو أمام ليبيا. الحقيقة أن المعادلة التي نحن بصددها تختلف ولذا يجب أن تختلف المصطلحات فلا إسرائيل هي أميركا أو حلف الناتو (رغم أنها ربيبتهم) ولا إيران هي أفغانستان أو ليبيا.
وعودة على السؤال، ربما نحن اليوم فعلاً على الأبواب والحرب على عتباتنا لأن أموراً أساسية تغيرت من الممكن أن تدفع المغامرين الإسرائيليين إلى الاعتداء على إيران. العالم العربي يعيش جحيمه فحتى الثورات التي أيدناها في تونس وفي مصر وجزئيا في ليبيا لم تُؤت الثمار المرجوة وإن لم يكن في الفعل فعلى الأقل في المواقف من القضية العربية البوصلة «فلسطين» وإسرائيل مرتاحة منها إلى أجل غير مسمى، ولكن وجها آخر من الجحيم هو هذا التحالف «الخليجي العثماني الصهيوني الغربي» بعد أن نجحت الصهيو- إمبريالية في خلق عدو مُتخيل خطر على نتانة عروشهم متمثل في إيران وحلفائها ليصير الخطر «الصهيو- غربي» لعبة أطفال أمام هذا الخطر «الشيعي».
هذا التحالف القائم اليوم غارزاً أنيابه في سورية قلب الهلال هو التحالف الذي ترجوه إسرائيل أو انتظرته، فهذا التحالف يحارب عنها قلب المحور المقاوم حرباً شرسة ويبعده بذلك عن ساحة ردة الفعل، ولن يجد هذا التحالف حرجا في فتح أجوائه أمام طائراتها ذهاباً وإياباً من أنى لها أن تختار العدوان، جنوباً في سماء مكة المكرمة والحرم الشريف والعودة شمالاً في سماء المسجد الأزرق الكبير أو العكس، وإن احتاجت فالقواعد الأميركية من ديار بكر شمالاً إلى الدوحة جنوباً جاهزة لراحة الطيارين الإسرائيليين إن احتاجوها لقيلولة أو طارئ غير متوقع.
لم يتغير شيء على أسباب اعتداء مغامراتي إسرائيلي على إيران منذ أن تسلم نتنياهو الحكم قبل ثلاث سنوات ونيف إلا ما ذكرنا، وهذا ربما يغري المعسكر المغامر الإسرائيلي ظناً منه أن الظرف مؤات والفرصة سانحة ربما لن تتكرر لا تحالفياً ولا ميدانياً إقليمياً ولا ميدانياً إسرائيلياً أن ينفذ مثل هكذا اعتداء، ولعل في التساؤلات موضوع مقدمة هذه المعالجة التي يطرحها المراقبون الإسرائيليون البينة أو المؤشر على ما نحن بصدده.
أما إذا صدقت نبوءات الإسرائيليين «التفاؤلية» حول مدى وإمكانية الرد الإيراني وحلفائه فنحن في صدد انتصار مدو لإسرائيل وكل حلفائها وراء البحار ووراء الصحراء، وهذا ما لا نتوقعه رغم الدم النازف من جسد سورية قلب المحور فالجسد صحيح أنه دامٍ لكن القلب فيه ما زال سليما ينبض وإن نبضات متسارعة.
قال الأدميرال الياباني الذي هاجم بيرل هاربر الأميركية في الحرب العالمية الثانية رداً على تهنئته بنجاح الهجوم «أخاف أن نكون أيقظنا اليوم مارداً نائماً»، ومغامرة إسرائيلية ربما توقظ مارداً والأيام ستنبئنا ولكن عندما لا تعود تنفع الأنباء.


 
شريط الأخبار للتذكير.. غدا السبت دوام رسمي للمدارس الحكومية 350 يوما للعدوان.. مجازر بشعة في غزة والحدود اللبنانية تشتعل والكشف عن مخطط "البيجر" هل هواتفنا الذكية معرّضة للانفجار .. تقرير مفصّل هل يحضر نصر الله لعمل "من حيث لا يحتسبون؟".. قراءة في خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني قديروف يتّهم إيلون ماسك ب«تعطيل» سيارته «تسلا سايبرترك» عن بُعد تفاصيل 3 أحداث أفجعت الشارع الأردني خلال أسبوع أمطار متفرقة قادمة إلى الأردن.. تعرف على حالة الطقس وفيات يوم الجمعة 20-9-2024 إسرائيل تقصف 100 موقع بلبنان في ثاني موجة ضربات خلال ساعات تفاصيل جديدة حول جريمة قتل شاب والدته وشقيقته في الأردن جمعية البنوك توضح حول انعكاس تخفيض أسعار الفائدة على قروض الأردنيين منتدى الاستراتيجيات يدعو لإعادة النظر في الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية الأردن: إرسال من 120 إلى 140 شاحنة مساعدات أسبوعيا لغزة وسعي لرفع العدد هيئة الطيران المدني: لا تغيير على حركة الطيران بين عمّان وبيروت وزير الشباب الشديفات يلتقي الوزير الأسبق النابلسي البقاعي رئيسا لمجلس إدارة شركة مصفاة البترول الأردنية وزارة "الاقتصاد الرقمي" حائرة بين 079 و077: من الهناندة إلى السميرات! مقال محير يعيد ظهور الباشا حسين الحواتمة الى المشهد.. ما القصة البنك المركزي الأردني يقرر تخفيض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس وصول طواقم المستشفى الميداني الأردني نابلس/4