أخبار البلد -
حال بعض المنافحين عن نظام بشار الأسد ،ليس بعد انفجار هذه الأحداث المتلاحقة التي وضعته في الزاوية الحرجة، وإنما منذ البدايات عندما جرى «تَقْييف» الدستور السوري على مقاسه وكان إبن أربعة وثلاثين عاماً، كحال من يقترن بإمرأة «فاضلة» وبعد أن يطلقها أو تطلقه بعد زواج لعشرة أعوام أو عشرين عاماً يتهمها بشرفها ويصفها بأنها «عائبة» وأن بقاءها معه «يوسِّخ» سمعته ويسيء إليه.
الآن يصبُّ «مسامير صحن» النظام السوري ،على قلتهم، جام غضبهم على رئيس الوزراء الذي انشق حديثاً رياض حجاب مع انه كان قبل أيام قليلة صاحب جائزة الأكثر إخلاصاً وولاءً ومع ان سيرته رغم صغر سنه كلها نجاحات وكلها نظافة يدٍ وهذا في حقيقة الأمر غير مستغرب على شابٍ بدأ مشواره من دير الزور ،المدينة والمُحافظة، التي أعطت لحزب البعث ولسوريا عدداً من خيرة القيادات الوطنية والقومية من بينهم بل في مقدمتهم الأستاذ جلال السيد ثالث اثنين أسسا هذا الحزب في عام 1947 ،ميشيل عفلق وصلاح البيطار.. الأول حَكَم عليه رفاقه في سوريا ،ويا للعيب، بالإعدام بتهمة الخيانة الوطنية والثاني انتدبوا له «مناضلاً»!! ،قُتِلَ لاحقاً في العراق بعد اجتياحها في العام 2003، ليغتاله في باريس في عام 1980 بعد إصداره مجلة «الأحياء العربي» لأنه كان محسوباً على البعث العراقي وصدام حسين!!.
وغَيْر الأستاذ جلال السيد ،الذي عندما جارت عليه الأيام لم يجد من يستقبله إلا هذا البلد والحسين بن طلال، فإن دير الزور الأبية فعلاً قد أعطت للبعث ولسوريا أيضاً الدكتور يوسف زعين الذي يعيش الآن لاجئاً ومنذ أكثر من ثلاثين عاماً في بودابست في المجر ومحمد عيد عشاوي الذي كان التحق بالمقاومة الفلسطينية وعاش في كهف في «وادي الحرامية» الى الشمال من مدينة السلط لأكثر من عام وأيضاً فوزي رضا ومصلح سالم ورياض حداوي الذي هو أول جريح عربي في «المقاومة» بعد انطلاقتها الثانية بعد حزيران عام 1967 ويحيى الخاير.. ومع هؤلاء وربما قبلهم جميعاً ياسين الحافظ المفكر العربي الكبير والمناضل الذي كان في طليعة الذين تطوَّعوا للقتال في فلسطين عام1948.
بعد هذا نعود للبداية لنقول أن رفعت الاسد عندما كان نائباً لشقيقه ،قبل ان تقصيه المعادلة الداخلية التي كان ولا يزال آل مخلوف يشكلون الرقم الرئيسي فيها، كان فتى العروبة الأغر وكان القائد الفذ الذي لايقعقع له بشنان ،مع الاعتذار للرفيق متعب شنان الذي كان عيّنه حافظ الأسد بعد القيام بإنقلابه في عام 1970 وزير دفاع لبضعة أيام، لكن بعد أن أصبح منفياً في الخارج أصبح بالنسبة لـ»مسامير صحن» النظام السوري هؤلاء :»لا هوَ دبٌ ولا خِلْقةُ ربٍّ» وهذا ينطبق على عبد الحليم خدام قبل «انشقاقه» وبعد الفرار بجلده الى الخارج وينطبق أيضاً على مصطفى طلاس الذي كُلّف برئاسة المحكمة العسكرية التي انعقدت في نادي الضباط السابق وحاكمت رموز القيادة القومية الذين أطاحتهم حركة الثالث والعشرين من شباط عام 1966.
والسؤال الذي يجـب طرحه على «مسامير الصحن» هؤلاء الآن هو :وإذا انشق فاروق الشرع (أبو مضر) فهل ستبقوا تقولون فيه ما تقولونه الآن وهل ستستمرون بغزلكم السياسي للسيدة نجاح العطار إن هي لجأت الى الفرار بجلدها وانشقت هي أيضاً مثلها مثل الآخرين.. ماذا ستقولون عن محمد ناصيف خيربك الذي يجلس الآن وراء دفة الحكم إذا صحا ضميره بعد كل هذا الذي جرى وبادر الى موقف وطني لإنقاذ سوريا مما هي فيه وإنقاذ الطائفة العلوية الكريمة فعلاً والوطنية حقيقة المختطفة الآن من قبل نظام غدا تابعاً لإيران والولي الفقيه وبدَّل الأمة العربية بحوزة «قم» الإيرانية.
لا يجوز أن يكون عبد الحليم خدام (أبو جمال) قبل انشقاقه وفراره بجلده الى الخارج أحد نِعم الله التي أنعم بها على سوريا ثم تُلصق به بعد ذلك كل تهم الخيانة القومية والزندقة الوطنية ولا يجوز أن يكون مصطفى طلاس (أبو فراس) قبل الالتحاق بعيش المنافي أهم جنرال ومثقف ومؤلف عرفه الكون ثم بين عشية وضحاها ولأنه انسجم مع قناعاته المستجدة يصبح مزوِّراً وأفاكٍ أشِر ولا يستحقُّ النياشين التي على صدره.. وهذا ينطبق أيضاً على رفعت الأسد الذي يعتبر نفسه صاحب حقٍ انتزعته منه عائلة «مخلوف» وكذلك فإنه ينطبق بالطبع على رئيس الوزراء رياض حجاب هذا الشاب الذي كان يعتبر أكثر شباب «البعث» إخلاصاً وتفانياً ثم بعد انشقاقه وانسجامه مع ضميره ومع تطلعات شعبه بات مارقاً ومشبوهاً ولا يستحق النعمة التي أنعم بها عليه ولي النعمة بشار الأسد!!.