من الواضح أن مسألة المسائل في الأردن هي الصوت الواحد. فمن يريد التغطية على ضعف موقفه الانتخابي ينتقد الصوت الواحد ويحمله المسؤولية.ومن لا يضمن أغلبية مطلقة في البرلمان تتيح له إحكام قبضته على «زمارة « رقبة الأردن ينتقد الصوت الواحد ويعلن المقاطعة نكاية به . ومن لا يهمه موضوع الانتخابات من قريب أو بعيد ،لكن همومه الأخرى فردية أم فئوية ،اجتماعية أم اقتصادية أم سياسية ،يجد لها متنفسا في مقارعة الدولة في ميدان الصوت الواحد ؛ فهذه فرصة سانحة لتبرير موقفه ولجذب الأنصار إلى ساحته. ومن يغضب من عشيرته التي لم تعقد إجماعها عليه مخلّصا لها من عقدة الحرمان من وصول اسم العشيرة إلى قبة البرلمان يسارع إلى حشد (خمسته)إلى إعلان المقاطعة بسبب من الصوت الواحد . ومن وصل من العمر عتيا في الفشل يهرب إلى الملاذ الآمن وهو الصوت الواحد.
بالتأكيد أنني لست من عشاق الصوت الواحد ،ولما سألني صديق :هل يمنح الصوت الواحد للأكفاء فرصة للنجاح؟ أجبته بأن فرصتهم في ظله صعب ،لكنها في ظل سواه قد تكون أصعب!
لكن، كيف نساعد هؤلاء جميعا على الخروج من عقدة الصوت الواحد ؟ لدينا مجال للمساعدة عبر وسائل عدة :
1- الديمقراطية ثلاثية الأبعاد ،أي منح الناخب ثلاثة أصوات ،واحد للحركة الاسلامية ،والثاني لدمه أي لمرشح العشيرة ،والثالث لجيبه ،يمنحه لمن يقدم له الخدمة المادية أو المنفعة الشخصية التي يحتاجها . ويمكننا أن نخرج الموضوع تحت مسمى صوت للوطن ،وصوت للدائرة المحلية ، وصوت للمحافظة
.
وهكذا سنكون أمام قوى ثلاث حقيقية تتصارع في الساحة الانتخابية هي الحركة الاسلامية ،والعشائر ،ورأس المال. وفي حالة مقاطعة الاخوان تتصارع قوتان فقط. وهنا نضمن كسرا لحاجز الصوت الواحد في فضائنا الوطني ،ونعود أدراجنا إلى إعادة إنتاج المجلس النيابي الحادي عشر ،ولا شيء يضيرنا في ذلك .
2- الديمقراطية الثنائية الأبعاد : صوت للدائرة الوطنية ،أي لأصحاب الحظوة الحزبية والمالية .وصوت آخر للدائرة المحلية ذات المقعد الواحد ،أي نائب لكل دائرة أو دائرة لكل نائب،وهنا فليتنافس المتنافسون ،وليحرز كل حسب حضوره وبرنامجه وقوته الانتخابية ،وأظن اننا سنجد القوى الثلاث ذاتها تتصارع بقوة ،وسيأخذ كل منها ما يستحقه من مقاعد . وسنكون ألغينا ذريعة تنوع الوزن الانتخابي التي يتذرع بها المتيمون بالعدالة النوعية في كل شيء. وسنكون أمام مجلس يقترب من التعبير عن حقيقة التنوع الاجتماعي والسياسي في البلد.
3- الديمقراطية الأحادية ،ذات البعد الواحد ،أي منح الدائرة الانتخابية مقعدا واحدا ، وإلغاء القائمة الوطنية المعطاة عمليا للحزب الأكبر ،وللرأسماليين عابري المحافظات ،وهكذا ستتصارع القوى التقليدية الثلاث ، وسينال كل منها ما يوازي حضوره وقوته ،وسننتج مجلسا معبرا عن التنوع الاجتماعي والسياسي الأردني بما يقترب بنا من التمثيل العادل ،و توحيد الوزن النوعي للصوت الانتخابي عبر دوائر المملكة. وبما يلغي «الشرهة»الممنوحة لقوى متنفذة استرضاء لها تحت مسمى «القائمة الوطنية».
لكن، هل نكون كسرنا حاجز المقاطعة بكسرنا لحاجز الصوت الواحد ؟ أشك في ذلك ،لأن المقاطعين لهم مذاهب شتى في مقاطعتهم، ولهم مآرب أخرى لا تتوقف على مسألة الصوت الواحد.
وبالرغم من كل ما قيل ويقال ،وما لا يمكن قوله،وما لم يحن وقت قوله؛ فإن مستقبل الأردن يستحق أن نعمل من أجل كسر حاجز الصوت الواحد ،حتى لو كنا نعتقد أنه مجرد حاجز وهمي.
.
وهكذا سنكون أمام قوى ثلاث حقيقية تتصارع في الساحة الانتخابية هي الحركة الاسلامية ،والعشائر ،ورأس المال. وفي حالة مقاطعة الاخوان تتصارع قوتان فقط. وهنا نضمن كسرا لحاجز الصوت الواحد في فضائنا الوطني ،ونعود أدراجنا إلى إعادة إنتاج المجلس النيابي الحادي عشر ،ولا شيء يضيرنا في ذلك .