بات امراً عادياً جداً ان تقرأ كل يوم عن قصة فساد جديدة، من
فساد المسؤول الى فساد البائع، مروراً بالاغذية الفاسدة، وصولا الى صغار الموظفين
الذين يفسدون ويرتشون ايضا، والى الاف الجرائم التي تنم عن ضمائر فاسدة، وتهتك
بنيان البلد.
مناسبة الكلام تتعلق
بالضجة حول المطاعم التي تقدم طعاما فاسداً، واغذية شبه منتهية الصلاحية، ودجاجاً
يتم تذويبه ثم تجميده ثم تذويبه، وزيوت سرطانية يتم القلي فيها مرات، ولو اكتملت
جولات التفتيش لما بقي مطعم مفتوحا عندنا، اذ تكفينا قطرات انف بائع الشاورما، وخصلات
من شعر انفه، حتى تنهمر على لحم الاف الاسياخ في البلد دون سؤال او جواب.
تسأل لماذا سكت
المفتشون كل هذا الوقت، ومن يتحمل كلفة الاف اطنان الاغذية الفاسدة التي دخلت
بيوتنا وتسببت بكوارث صحية؟.
لماذا لا نتحدث
بصراحة ولو لمرة واحدة، اذ يشعر الناس بفاجعة امام هذا المشهد، هذا على الرغم من
انهم يجب ان لا يفجعوا، لان الفساد بات ثقافة منتشرة بين الجميع، فالمسؤول يُسمسر
على المشاريع، والموظف الصغير يرتشي لتمرير معاملة، وبائع اللحوم يخلط البلدي
بالمستورد، والميكانيكي يسرق قطع الغيار من سيارتك ويستبدلها بقديمة او مضروبة.
بائع البنزين يخلط
الاصناف، وبائع الكاز يخلطه بالماء، وبائع اللبن يستخدم البودرة ويقسم الف يمين ان
البقرة مربوطة خلف المحل، تحلب مباشرة الى فمك اخي المواطن، وبائع الغاز يسرق من
الاسطوانة، وبائع الخبز يلعب في وزن الرغيف.
الامر بات ممتداً.
هذه هي المدن العمياء. المدن اذ تصبح بلا ضمير. لا وازع دينيا ولا اخلاقيا.
والوطنية مجرد كلام في كلام. والفساد عم وانتشر، وانفس الناس في اغلبها باتت تميل
الى الفساد الصغير والكبير، ونمارسه يوميا بأشكال مختلفة.
اخلاقيا، نبيع الورع
على الناس، لكننا نمضي ليلنا وقد احمرَّت عيوننا مما نرى على الانترنت من افلام،
وتخدر اطرافنا «ليلا» في حوارات غير اخلاقية مع الاصدقاء والصديقات عبر مواقع
التواصل الاجتماعي، ونعود لارتداء اقنعتنا «نهاراً» ونخرج لنحوقل ونسبح ونستغفر
ونبيع العظة على مارقي الطريق.
نحن نندد ليل نهار
بفساد الكبار، لكننا عند اول مصلحة، نبحث عن واسطة لسرقة وظيفة شخص آخر، وتوظيف من
يخصنا، وعند اول حاجة لسرير طبي، نبحث عن واسطة لانزال مريض اخر واخذ مكانه.
عند اول مسعى لقطع
الماء او الكهرباء لتأخر سداد الفواتير نرشي الجابي حتى لا يقطع الخدمة، او يسكت
على سرقة الماء والكهرباء، والمزارع الذي يسقى بماء غير نظيف، او يستعمل مواد
كيماوية محرمة، هل هو مجاهد ام فاسد وقاتل ايضا؟!.
سمسار الخضار
والفواكه الذي يرهن المزارع مقابل ان يداينه، وينهبه ليلا ونهارا، ويشتري بضاعته
بسعر بخس، ثم يبيعها بسعر جنوني، هل هو فاسد ام مجرد تاجر. في الاغلب فاسد يستحق
الدفن حيا؟!.
سائق التاكسي اذا
تمكن من سرقتك فلا يوفر في حالات، واذا وقع معه سائح عربي او اجنبي، لف به ودار
لزيادة الاجرة، والطبيب لا يرحم ايضا ويرفع اجرة الكشفية، ويضع المريض العربي في
«مولينكس» الاجور والفحوصات الوهمية.
البائع يبيعك البضاعة
ويقسم الف يمين عليها، ويتبين لاحقا ان ايمانه كاذبة، والاف التجار يبيعون بضائعهم
باسعار تشوي وجوه الناس، فلا يرحمون احدا، والمدارس والجامعات ايضا تشوي الناس،
وتمارس الفساد والفهلوة بطرق مختلفة.
حتى لا نبقى نضحك
على انفسنا، لم نعد مجتمع الملائكة، وقد تغيرنا كثيرا، والكل يمارس الفساد
والفهلوة بطريقته، الا من رحم ربي، والفاسد الصغير شريك مع الفاسد الكبير، والكل
ينهش بطريقته، من خلطة «القطايف المغشوشة» وصولا الى «الاراضي المبيوعة».
بعد ذلك لا تسألون
عن المطاعم المغلقة فقط، لكن اسألوا عن الضمائر الباردة لمن عملوا فيها، وسكتوا
طوال هذا الوقت على اطعام الناس طعاما فاسدا، لكنهم تذمروا من سائق السرفيس عند
عودتهم اذ حاول اخذ قرش زيادة منهم، باعتبار ان السائق فاسد صغير.
لم يسرقنا الفاسدون
الكبار، لولا ان بيننا اضعافهم من الفاسدين الصغار، والكل يعبد القرش، ويقول له:
أُعلُ هُبَل، فقد عدنا الى جاهليتنا.
بات امراً عادياً جداً ان تقرأ كل يوم عن قصة فساد جديدة، من
فساد المسؤول الى فساد البائع، مروراً بالاغذية الفاسدة، وصولا الى صغار الموظفين
الذين يفسدون ويرتشون ايضا، والى الاف الجرائم التي تنم عن ضمائر فاسدة، وتهتك
بنيان البلد.
مناسبة الكلام تتعلق
بالضجة حول المطاعم التي تقدم طعاما فاسداً، واغذية شبه منتهية الصلاحية، ودجاجاً
يتم تذويبه ثم تجميده ثم تذويبه، وزيوت سرطانية يتم القلي فيها مرات، ولو اكتملت
جولات التفتيش لما بقي مطعم مفتوحا عندنا، اذ تكفينا قطرات انف بائع الشاورما، وخصلات
من شعر انفه، حتى تنهمر على لحم الاف الاسياخ في البلد دون سؤال او جواب.
تسأل لماذا سكت
المفتشون كل هذا الوقت، ومن يتحمل كلفة الاف اطنان الاغذية الفاسدة التي دخلت
بيوتنا وتسببت بكوارث صحية؟.
لماذا لا نتحدث
بصراحة ولو لمرة واحدة، اذ يشعر الناس بفاجعة امام هذا المشهد، هذا على الرغم من
انهم يجب ان لا يفجعوا، لان الفساد بات ثقافة منتشرة بين الجميع، فالمسؤول يُسمسر
على المشاريع، والموظف الصغير يرتشي لتمرير معاملة، وبائع اللحوم يخلط البلدي
بالمستورد، والميكانيكي يسرق قطع الغيار من سيارتك ويستبدلها بقديمة او مضروبة.
بائع البنزين يخلط
الاصناف، وبائع الكاز يخلطه بالماء، وبائع اللبن يستخدم البودرة ويقسم الف يمين ان
البقرة مربوطة خلف المحل، تحلب مباشرة الى فمك اخي المواطن، وبائع الغاز يسرق من
الاسطوانة، وبائع الخبز يلعب في وزن الرغيف.
الامر بات ممتداً.
هذه هي المدن العمياء. المدن اذ تصبح بلا ضمير. لا وازع دينيا ولا اخلاقيا.
والوطنية مجرد كلام في كلام. والفساد عم وانتشر، وانفس الناس في اغلبها باتت تميل
الى الفساد الصغير والكبير، ونمارسه يوميا بأشكال مختلفة.
اخلاقيا، نبيع الورع
على الناس، لكننا نمضي ليلنا وقد احمرَّت عيوننا مما نرى على الانترنت من افلام،
وتخدر اطرافنا «ليلا» في حوارات غير اخلاقية مع الاصدقاء والصديقات عبر مواقع
التواصل الاجتماعي، ونعود لارتداء اقنعتنا «نهاراً» ونخرج لنحوقل ونسبح ونستغفر
ونبيع العظة على مارقي الطريق.
نحن نندد ليل نهار
بفساد الكبار، لكننا عند اول مصلحة، نبحث عن واسطة لسرقة وظيفة شخص آخر، وتوظيف من
يخصنا، وعند اول حاجة لسرير طبي، نبحث عن واسطة لانزال مريض اخر واخذ مكانه.
عند اول مسعى لقطع
الماء او الكهرباء لتأخر سداد الفواتير نرشي الجابي حتى لا يقطع الخدمة، او يسكت
على سرقة الماء والكهرباء، والمزارع الذي يسقى بماء غير نظيف، او يستعمل مواد
كيماوية محرمة، هل هو مجاهد ام فاسد وقاتل ايضا؟!.
سمسار الخضار
والفواكه الذي يرهن المزارع مقابل ان يداينه، وينهبه ليلا ونهارا، ويشتري بضاعته
بسعر بخس، ثم يبيعها بسعر جنوني، هل هو فاسد ام مجرد تاجر. في الاغلب فاسد يستحق
الدفن حيا؟!.
سائق التاكسي اذا
تمكن من سرقتك فلا يوفر في حالات، واذا وقع معه سائح عربي او اجنبي، لف به ودار
لزيادة الاجرة، والطبيب لا يرحم ايضا ويرفع اجرة الكشفية، ويضع المريض العربي في
«مولينكس» الاجور والفحوصات الوهمية.
البائع يبيعك البضاعة
ويقسم الف يمين عليها، ويتبين لاحقا ان ايمانه كاذبة، والاف التجار يبيعون بضائعهم
باسعار تشوي وجوه الناس، فلا يرحمون احدا، والمدارس والجامعات ايضا تشوي الناس،
وتمارس الفساد والفهلوة بطرق مختلفة.
حتى لا نبقى نضحك
على انفسنا، لم نعد مجتمع الملائكة، وقد تغيرنا كثيرا، والكل يمارس الفساد
والفهلوة بطريقته، الا من رحم ربي، والفاسد الصغير شريك مع الفاسد الكبير، والكل
ينهش بطريقته، من خلطة «القطايف المغشوشة» وصولا الى «الاراضي المبيوعة».
بعد ذلك لا تسألون
عن المطاعم المغلقة فقط، لكن اسألوا عن الضمائر الباردة لمن عملوا فيها، وسكتوا
طوال هذا الوقت على اطعام الناس طعاما فاسدا، لكنهم تذمروا من سائق السرفيس عند
عودتهم اذ حاول اخذ قرش زيادة منهم، باعتبار ان السائق فاسد صغير.
لم يسرقنا الفاسدون
الكبار، لولا ان بيننا اضعافهم من الفاسدين الصغار، والكل يعبد القرش، ويقول له:
أُعلُ هُبَل، فقد عدنا الى جاهليتنا.