بين سوق الحسين الشعبي في منطقة مخيم الحسين ودار رئاسة الوزراء على الدوار الرابع, كانت رسائل جلالة الملك عبدالله الثاني وتوجيهاته لكل من يعنيهم الأمر في هذا البلد العزيز, على أعلى درجات الوضوح وبلغة شفافة ومفردات لا تحتمل التأويل التي يتوجب على كل مسؤول أن يعمل بموجبها وهي ضرورة تواصل الوزراء والمسؤولين ميدانيا وعلى ارض الواقع, مع المواطنين للوقوف على احتياجاتهم وتلبيتها وتحسين نوعية الخدمات المقدمة لهم خصوصاً خلال شهر رمضان المبارك.
وإذا كان جلالته قد حرص على زيارة احد الاسواق الشعبية في عمان بشكل مفاجئ والاطلاع على مدى توفر السلع والمواد الاساسية للمواطنين بأسعار مناسبة في الشهر الفضيل قبل زيارته لدار رئاسة الوزراء, فإنما للفت انظار الحكومة الى الواقع الميداني الذي شاهده قائد الوطن وما سمعه من أبناء شعبه حول ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية كالدجاج واللحوم الأمر الذي يستوجب تحركا حكوميا جاداً لضبط الاسعار وضمان أعلى درجات الرقابة ما يزيد من اطمئنان المواطنين والى ان الاجراءات الحكومية تصب في هذا الاتجاه وتسهم في توفير الخدمات لهم.
ولئن ما تزال اصداء زيارة جلالة الملك الى قرية الطيبة في محافظة الكرك التي جاءت مباشرة بعد هبوط طائرة جلالته عائداً الى ارض الوطن, حديث المواطنين الذين عبروا عن تقديرهم لهذه الزيارة الملكية وما حملته من رسائل وما انطوت عليه من معان تؤشر الى ان هموم الاردنيين هي هموم قائدهم وانه يبذل كل ما في وسعه من أجل توفير العيش الكريم لهم, فإن توجيهات جلالته يوم أمس للحكومة واشارته المباشرة الى أهمية وضع حلول جذرية لحل مشكلة انقطاع المياه في مختلف مناطق المملكة واتخاذ اجراءات فورية لتلبية احتياجات المواطنين تؤكد جملة ما تؤكد عليه ان الوقت قد حان لمعالجة سوء الادارة من قبل بعض الموظفين واهمية قيام الجميع بواجبهم على اكمل وجه وبما يصب في مصلحة الوطن والمواطنين.
توجيهات جلالة الملك للحكومة خلال زيارته يوم أمس لدار رئاسة الوزراء تضع الحكومة أمام مسؤولياتها التي نحن على ثقة أنها قادرة على القيام بها ومواجهة التحديات والضغوط التي تواجهها في اكثر من مشكلة وملف سواء في ما خص قطاع المياه أم مطالب الايتام التي اوعز جلالته الى الحكومة باتخاذ الاجراءات والتدابير اللازمة لدراسة مطالب الايتام ومتابعتها, بما يضمن حمايتهم والحفاظ على كرامتهم اضافة بالطبع الى ما لفت إليه قائد الوطن الى ما يعانيه المواطنون من ارتفاعات غير مبررة في اسعار بعض السلع التموينية خصوصاً في شهر رمضان المبارك ما يفرض بالتالي على الحكومة الاهتمام بهذا الموضوع سواء في التأكد من ان جميع المواد التموينية اللازمة والسلع الرمضانية متوفرة في الاسواق لجميع فئات الشعب الاردني ام في بيعها بأسعار معقولة دون استغلال من قبل بعض التجار, الامر الذي يعني من جهة اخرى تفعيل الرقابة وقانون المنافسة ودور وزارة الصناعة والتجارة في ايجاد توازن بالسوق.
جملة القول ان جلالة الملك الذي كرس نهج التواصل الميداني والمباشر مع ابناء شعبه منذ اليوم الاول لتسلمه سلطاته الدستورية يواصل هذا النهج بتواضع وحميمية وتفاعل مباشر مع الاردنيين والاهتمام الشخصي بهمومهم في الوقت عينه الذي يهتم فيه بأمنهم وامن الاردن وخصوصاً في ما يحدث على حدودنا الشمالية حيث عبر جلالته عن ارتياحه بالنسبة للخطط والاجراءات المتخذة هناك في اطار الواجب الاسمى وهو حماية كل مواطنينا في الاردن وفتح الابواب لاشقائنا السوريين.. ما يعني اننا نسير في الاتجاه الصحيح وأن الاوضاع تحت السيطرة في مختلف المجالات والملفات وهو ما عبر عنه جلالته بقوله «أنا متفائل جداً» اضافة الى تقدير حادي الركب للجهود التي بذلتها الحكومة خلال الفترة الماضية مع ادراك كامل لطبيعة التحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة.