اخبار البلد_ بسام حدادين _ لم يكن مفاجئاً، لي على الأقل، إعلان جماعة الإخوان المسلمين مقاطعة الانتخابات
النيابية المقبلة.
كان واضحاً بالنسبة لي حجم ومضمون وثقل الخلافات التي تعصف بالبيت الإخواني، والتي أوصلت نصف الجماعة إلى مقاطعة النصف الآخر، ورفضه مبدأ العيش المشترك في الأطر القيادية للجماعة. وتشكلت الهيئات القيادية، بناء على ذلك، من لون واحد. ولولا تحكم التيار المهيمن على الجماعة بالمقدرات المالية وخطوط الإمداد، لتدخل "مبضع الجراح".
خلافات الجماعة عميقة.. عميقة، تقع في سياق مسار التحول من جماعة دينية إلى حزب سياسي، وفي سياق تتداخل فيه علاقة الجماعة مع توأمها السيامي "حماس"، ما انعكس بقوة على أولويات الجماعة وعلاقاتها بالنظام، "الراعي الشرعي" والحاضنة التاريخية الدافئة.
التيار الإخواني السياسي الوطني (الحمائم سابقاً)، انتقل بعلاقته الحمائمية مع النظام إلى الدعوة "للندية" لأسباب لا مجال لذكرها، وخط لنفسه برنامجاً راديكالياً للإصلاح، يستند إلى أطروحة "الملكية الدستورية"، وقدم خطاباً سياسياً وضبط إيقاع سلوكه السياسي بسقفه. ونجح في تحويل خطته الإصلاحية إلى برنامج للحركة الإسلامية (الجماعة والحزب) فيما سمي بـ"برنامج النقاط الست" الذي يقوم على: إصلاحات دستورية تطال صلاحيات الملك (المواد 34 و35 و36)، ونظام انتخابي يقوم على 50 % للقائمة النسبية الوطنية و50 % للدوائر بنظام 89، وحكومة برلمانية تشكلها الأغلبية البرلمانية، ومجلس أعيان منتخب.
وقد أوضح السيد سالم الفلاحات، زعيم التيار الإخواني الوطني، في ندوة تلفزيونية شاركته فيها، وبلسان عربي فصيح، أن "برنامج النقاط الست" هو برنامج "الملكية الدستورية"، وأنهم اتفقوا داخلياً على أن لا يطلقوا عليه هذا المسمى.
ظل تيار الفلاحات، عبر رموزه المعروفين في الإعلام، يرفض بكل إصرار المساومة على هذا البرنامج، وربط مشاركته بالانتخابات بتبني الدولة لبرنامجه الإصلاحي الراديكالي. واندفع هذا التيار للانخراط في أطر تنظيمية وعلاقات تنسيقية مع حراكات شعبية تنسجم مع طروحاته وسقف مطالبه الإصلاحية.
صعدت الجماعة، أو أُصعدت مكبلة ببرنامج النقاط الست إلى "أعالي الشجرة"، وأصبح النزول عنها صعب المنال، خشية دخول تيارات الجماعة في محذور المزاودات والمناقصات.
كان واضحاً للعيان أن الجماعة فقدت مرونتها المعهودة ولياقتها السياسية، فاختارت النأي بالنفس عن كل دعوة إلى الحوار بدعوى "عدم جدية النظام في الإصلاح". وكلنا يذكر الشروط التي وضعتها الحركة الإسلامية للمشاركة في لجنة الحوار الوطني. وقد اختارت مقاطعة اللجنة بالرغم من استجابة الدولة لجميع شروطها؛ أكرر: لجميع شروطها. أنا لا أنفي عن تيار المراقب العام مساعيه الإصلاحية وطموحه حتى لإنجاز "الملكية الدستورية"، لكن بحكم أولوياته وضعف بنيته وخبرته السياسية (باستثناءات محدودة جداً يتصدرها الصقر السابق واللاحق زكي بني ارشيد)، سلم "رقبته" لسقف مطالب تيار الفلاحات وتكتيكاته، ولاعتبارات وحدة الصف و"الجماعة". وقد صدرت عن هذا التيار إشارات استعداد لتخفيض سقف المطالب، وسعى إلى محاورة مدير المخابرات من أجل الوصول إلى تفاهمات. ولم تنجح المهمة.
تمسك النظام بانتخاب ثلثي أعضاء مجلس النواب وفق مبدأ "الصوت الواحد المجزوء" سهل على الأجنحة المصطرعة داخل الجماعة التوافق على مقاطعة الانتخابات، لأن الحركة الإسلامية بنت كل خطابها السياسي على رفضه وشيطنته، باعتباره يستهدفها دون غيرها. هل كانت ممكنة مشاركة الإسلاميين لو منح الناخب صوتين في الدائرة المحلية (الفرعية)؟ لست متأكداً من ذلك؛ بل أميل إلى أنهم سيختارون بالأغلبية البقاء على الشجرة، حفاظاً على وحدة الجماعة، ولأن المشاركة ستفتح على معركة داخلية جديدة، عنوانها قوائم المرشحين
النائب : بسام حدادين.
كان واضحاً بالنسبة لي حجم ومضمون وثقل الخلافات التي تعصف بالبيت الإخواني، والتي أوصلت نصف الجماعة إلى مقاطعة النصف الآخر، ورفضه مبدأ العيش المشترك في الأطر القيادية للجماعة. وتشكلت الهيئات القيادية، بناء على ذلك، من لون واحد. ولولا تحكم التيار المهيمن على الجماعة بالمقدرات المالية وخطوط الإمداد، لتدخل "مبضع الجراح".
خلافات الجماعة عميقة.. عميقة، تقع في سياق مسار التحول من جماعة دينية إلى حزب سياسي، وفي سياق تتداخل فيه علاقة الجماعة مع توأمها السيامي "حماس"، ما انعكس بقوة على أولويات الجماعة وعلاقاتها بالنظام، "الراعي الشرعي" والحاضنة التاريخية الدافئة.
التيار الإخواني السياسي الوطني (الحمائم سابقاً)، انتقل بعلاقته الحمائمية مع النظام إلى الدعوة "للندية" لأسباب لا مجال لذكرها، وخط لنفسه برنامجاً راديكالياً للإصلاح، يستند إلى أطروحة "الملكية الدستورية"، وقدم خطاباً سياسياً وضبط إيقاع سلوكه السياسي بسقفه. ونجح في تحويل خطته الإصلاحية إلى برنامج للحركة الإسلامية (الجماعة والحزب) فيما سمي بـ"برنامج النقاط الست" الذي يقوم على: إصلاحات دستورية تطال صلاحيات الملك (المواد 34 و35 و36)، ونظام انتخابي يقوم على 50 % للقائمة النسبية الوطنية و50 % للدوائر بنظام 89، وحكومة برلمانية تشكلها الأغلبية البرلمانية، ومجلس أعيان منتخب.
وقد أوضح السيد سالم الفلاحات، زعيم التيار الإخواني الوطني، في ندوة تلفزيونية شاركته فيها، وبلسان عربي فصيح، أن "برنامج النقاط الست" هو برنامج "الملكية الدستورية"، وأنهم اتفقوا داخلياً على أن لا يطلقوا عليه هذا المسمى.
ظل تيار الفلاحات، عبر رموزه المعروفين في الإعلام، يرفض بكل إصرار المساومة على هذا البرنامج، وربط مشاركته بالانتخابات بتبني الدولة لبرنامجه الإصلاحي الراديكالي. واندفع هذا التيار للانخراط في أطر تنظيمية وعلاقات تنسيقية مع حراكات شعبية تنسجم مع طروحاته وسقف مطالبه الإصلاحية.
صعدت الجماعة، أو أُصعدت مكبلة ببرنامج النقاط الست إلى "أعالي الشجرة"، وأصبح النزول عنها صعب المنال، خشية دخول تيارات الجماعة في محذور المزاودات والمناقصات.
كان واضحاً للعيان أن الجماعة فقدت مرونتها المعهودة ولياقتها السياسية، فاختارت النأي بالنفس عن كل دعوة إلى الحوار بدعوى "عدم جدية النظام في الإصلاح". وكلنا يذكر الشروط التي وضعتها الحركة الإسلامية للمشاركة في لجنة الحوار الوطني. وقد اختارت مقاطعة اللجنة بالرغم من استجابة الدولة لجميع شروطها؛ أكرر: لجميع شروطها. أنا لا أنفي عن تيار المراقب العام مساعيه الإصلاحية وطموحه حتى لإنجاز "الملكية الدستورية"، لكن بحكم أولوياته وضعف بنيته وخبرته السياسية (باستثناءات محدودة جداً يتصدرها الصقر السابق واللاحق زكي بني ارشيد)، سلم "رقبته" لسقف مطالب تيار الفلاحات وتكتيكاته، ولاعتبارات وحدة الصف و"الجماعة". وقد صدرت عن هذا التيار إشارات استعداد لتخفيض سقف المطالب، وسعى إلى محاورة مدير المخابرات من أجل الوصول إلى تفاهمات. ولم تنجح المهمة.
تمسك النظام بانتخاب ثلثي أعضاء مجلس النواب وفق مبدأ "الصوت الواحد المجزوء" سهل على الأجنحة المصطرعة داخل الجماعة التوافق على مقاطعة الانتخابات، لأن الحركة الإسلامية بنت كل خطابها السياسي على رفضه وشيطنته، باعتباره يستهدفها دون غيرها. هل كانت ممكنة مشاركة الإسلاميين لو منح الناخب صوتين في الدائرة المحلية (الفرعية)؟ لست متأكداً من ذلك؛ بل أميل إلى أنهم سيختارون بالأغلبية البقاء على الشجرة، حفاظاً على وحدة الجماعة، ولأن المشاركة ستفتح على معركة داخلية جديدة، عنوانها قوائم المرشحين
النائب : بسام حدادين.