أخبار البلد -
تدرك جماعة الاخوان المسلمين ان مشاركتها بالانتخابات النيابية هو قرار استراتيجي يقوم على دراسة الواقع السياسي والمناخ المناسب من اجل الوصول لاكبر قدر ممكن من المكاسب السياسية حيث انها تعتبر مشاركتها في انتخابات نيابية هي الاصل وان المقاطعة استثناء.
إلا ان المتابع لقرارات الحركة الاسلامية منذ اكثر من (20) عاما بخصوص موقفها من المشاركة فأن قراراتها تتأرجح ما بين المشاركة والمقاطعة وكانت كل مقاطعتها للانتخابات تستند الى رفضها لقانون الصوت الواحد الذي شاركت على اساسه في الانتخابات اعوام (1993 و2003 و2007) والذي اقره مجلس النواب مؤخرا مع اجراء تعديل جوهري غير مسبوق باضافة القائمة الوطنية.
مع ان الجماعة تدرك ان مقاطعتها للانتخابات ستؤدي الى خسارتها اهم منبر سياسي خاصة بعدما شهده العالم العربي من ثورات وصعود التيار الاسلامي وتسلمه للسلطة ابتداءا من (تونس والمغرب وانتهاء بمصر), وانها يمكن ان تخسر الاجواء الديمقراطية وضمانات النزاهة التي ستمكنها من تحقيق اغلبية برلمانية وحسب ما تشير تقديراتهم انهم يمكن ان يحصلوا ما يقارب (40) نائبا في البرلمان الا ان الجماعة في سيرها نحو مقاطعة الانتخابات لها اسباب حقيقة غير معلنة يمكن اجمالها بما يلي:
• تخوف الجماعة من الخسارة الثقيلة في الانتخابات بعد وجود شعور قوي لدى القيادات الاخوانية بعدم رضى الشارع عن حراك الجماعة ومساعيها للاصلاح خاصة ان الجماعة لم تقدم برنامجا اصلاحيا شاملا يمكن ان تقنع فيه الجماهير.
• الخلافات الاخوانية وهي احد الاسباب الرئيسية التي تدفع الجماعة الى المقاطعة التي بدأت تتصاعد بشكل كبير جدا بعد انتخابات القيادة الجديدة للجماعة وما نجم عنه من كولسات واستخدام المال السياسي واستبعاد قيادات اخوانية بارزة لها باع طويل في العمل السياسي من الوصول لمجلس الشورى وترى الجماعة انها في غنى عن اعادة المشهد مرة اخرى حيث ان أي افراز لقيادات اخوانية كمرشحين لن يحصل على اجماع اخواني وسيؤدي بعدد من القيادات البارزة للانشقاق عن الجماعة وبالتالي خسارة الصف الداخلي وتفتته مما سيؤدي الى تراجع فرصة مرشحي الجماعة وفشلهم.
• الاثبات للشارع بان الجماعة متفقة وصفها موحد وانها لن تعمل صفقات مع احد وذلك ردا على ما نشر اعلاميا مؤخرا من وجود انشقاقات داخل الجماعة وذلك احتجاجا على تفرد طرف بقيادة الجماعة ورغبة هذا الطرف للمشاركة بالانتخابات .
• الاستمرار بتحريك الشارع بهدف احراج النظام, وانه لا يسعى الى أي اصلاح حقيقي, ومحاولة استقطاب رأي دولي لتشكيل قوة ضغط عليه بحجة ان الاصلاحات غير كافية ولم تحقق مطالب الشعب, وهذا ما يفسر مساعي الاخوان المكثفة للقاءات مع دبلوماسيي وسفراء العديد من السفارات الاجنبية.
• عدم خسارة الشارع والحراكات الاصلاحية التي انضوت تحت جناح الجماعة والتي عملت الجماعة على حشدهم لرفض قانون الصوت الواحد وبالتالي فان أي تراجع عن المطالب الاصلاحية ومشاركتها بالانتخابات سينتج عنه اتهام الجماعة مجددا بالانتهازية واللعب على وتر الصفقات والمصالح.
• الهروب من الحالة الاقتصادية والاوضاع الاجتماعية السائدة نحو الوقوف في صف المعارضة وعدم تحمل اعباء المرحلة خاصة لو حصلت الجماعة على اغلبية برلمانية تمكنها من تسلم الحكومة كونها تدرك انها غير قادرة على ايجاد الحلول المناسبة تجاه هذه القضايا.
• اظهرت الثورات العربية حب الجماعة للحكم والسيطرة على مقاليد الامور وبالتالي لا يستبعد ان يكون هناك اهداف اخرى غير ظاهرة يمكن ان تعلن عنها الجماعة لاحقا في ظل التطورات الاقليمية ووصول مرشح الاخوان لرئاسة الجمهورية المصرية واستغلال الحراك للوصول الى مرحلة لغاية الان لم تعلن عنها الجماعة ويمكن ان تعلنها اذا شعرت ان هناك اجواء قد تساعدها على ذلك وخاصة رفع سقف الشعارات , وفي حال مشاركة الجماعة بالانتخابات قد يمنعها وجودها في المجلس من أي حراك بهذا الاتجاه.
لم تكتف الجماعة بالمقاطعة للاسباب السابقة وإنما تعمل على قيادة حملة الحشد و المقاطعة لاضفاء الشرعية على قرارها من خلال توسيع قاعدة المعارضة والمقاطعة للخروج بالقرار وكأنه قرار شعبي ناقم على الخطوات الاصلاحية باعتبارها ناقصة وغير كافية, وهذا كله يفسر خفايا الجماعة ومحاولتها الهروب من الواقع نحو الاستمرار بالاختباء وراء الجدران لحين اقتناص الفرصة المناسبة.