صديقتي مدام كوري

صديقتي مدام كوري
أخبار البلد -  

أَعرف مدام كوري منذ كنتُ في الخامس الإبتدائي في مدرسة وكالة الغوث في الجبل الشمالي في الرصيفة. كان معلمٌ يزوِّدني بكتبٍ لقراءَتها، للمنافسةِ في مسابقاتِ أَوائل المطالعين في محافظة الزرقاء، كان أَحدُها عن العالمة الشهيرة، وإذ نسيتُ تفاصيل ما قرأتُ عنها في يفاعتي تلك، فإنني لم أَنسَ أَنها من بولندا، واكتشفَت عنصر البولونيوم الذي أَعطته اسمه هذا استيحاءً من اسم بلدها. اكتفيتُ لاحقاً بهذا النزر من المعلومات، لأَحفظَ للسيدة كوري إِعجاباً بها، ووداً عن بعد طوال سني عمري، سيّما وأَنها نادراً ما تأتي إِلى خاطري، ولا أَتذكَّر أَنني انشغلتُ يوماً بالبولونيوم وشؤونِه، وإِن حدستُ أَنه مادةٌ خطرةٌ يُستفادُ منها في صناعاتٍ وعلاجاتٍ وغيرها. أَيقظ فيَّ الاشتباهُ باغتيال ياسر عرفات بهذه المادة خيوطاً ثاويةً في ذاكرتي عن سيرة مدام كوري، ما كاد يجعل هذه السيدة غريمةً لي، فالمادة المشعةُ والسامةُ التي اكتشفتها هي أَداة قتل الزعيم الفلسطيني الذي أُحب بكيفيةٍ شيطانية.

أَعودُ إِلى مدام كوري، وأَقرأُ عنها مجدداً، بعد أَربعةِ عقودٍ لم أَحفل بها، أَجدُها قد توفيت في 1934 متأَثرةً بواحدٍ من أَمراض الأنيميا، وأُصيبت به جرّاءَ تعرّضها الزائد عن الحدِّ لعناصر مشعةٍ في معاملَ ومختبراتٍ كانت تُجري فيها أَبحاثها، بل إِنها طالما حملت معها أَنابيب تحوي نظائر مشعّةً في جيبِها، كما أَنَّ أَوراقَها القديمةَ تأَثرت بالإشعاع، واعتُبرت موادَّ شديدةَ الخطورة، وهي محفوظةٌ في متحف، وتستدعي مطالعتُها ارتداءَ ملابسَ خاصةٍ واقيةٍ من الإشعاع. أَقرأُ هذا فأَروح إِلى أَنها باكتشافِها ذاك لم تقتل ياسر عرفات فقط، بل قتلت نفسَها أَيضاً. أَحتارُ بين مشاعرِ الغيظ منها والإعجاب بها، حين أَعرفُ أَنها أَرادت من إِعطاءِ البولونيوم اسمَه هذا للفتِ أَنظارِ العالم إِلى قضية وطنِها، بولندا، وحاجته إِلى التحرر، وكان مقسماً بين روسيا والنمسا وبروسيا، على الرغم من أَن مدام كوري كانت إِبّان اكتشافها الشهير فرنسية الجنسية والإقامة، وتُدرِّس في جامعة السوربون.

ثمّة، إِذن، ما يضطرُّني، هنا، إِلى زيادةِ جرعةِ الإعجاب بالسيدة، وتقليلِ منسوب الحنق عليها بسبب اختراعِها الذي قضى بسببِه عرفات، سيّما وأَنَّ في وسع إِسرائيل (وغيرها؟) أَنْ تستخدمَ سموماً أُخرى غير البولونيوم لو لم تكتشفه مدام كوري، وتنالَ عنه جائزةَ نوبل في الكيمياء، بعد ثماني سنواتٍ من نيلها الجائزةَ في الفيزياء مع زوجِها وعالم آخر. وأَن تفوز هذه المرأة بالجائزةِ العالميةِ مرتين في حقلين علميين، فذلك، لعمري، سببٌ مضاعفٌ لأَن يمحضَها المرءُ تقديراً خاصاً، وينزعَ عنها مسؤولية قتل عرفات، وهي التي، استطراداً في سيرتِها الباهرة، عملت مربيةً لدى ثلاث أُسرٍ في بلدِها لتنفقَ على تعليم أُختها في فرنسا، قبل أَن تتمكن الأَخيرةُ من استدعائِها إِلى باريس لتتعلم وتُعلم وتكتشف وتخترع، ولتتزوَّجَ وتُنجب بنتاً نالت وزوجُها، أَيضاً، جائزة نوبل.

وإِذ أَتذكر أَنَّ سمتاً كفاحياً وقعتُ عليه في قراءَتي عن مدام كوري في الخامس الإبتدائي، لم تتبقَّ أَيٌّ من معالمِه في بالي، فإِنني أَجدُني الآن مغتبطاً باستعادتِه مفصلاً، سيّما وفيه دراما شائقة، منها فقدانُ مدام كوري والدتَها في طفولتها، وخوضُها قصة حب فاشلة، وتعرّضها لممارسات عنصرية، ومقتل زوجِها في حادث سير، وحكايات أُخرى، أَشكر "الجزيرة” لأَنها يسَّرت مناسبةً لتصيرَ تلك السيدة صديقتي، ولو أَنها اخترعت البولونيوم سيئ السمعةِ بعد قتله عرفات.

 
شريط الأخبار فارس بريزات يحمل مسؤولية الفيضانات للبنية التحتية وشرب "القيصوم" مع السفير الامريكي اعظم الانجازات..!! الملخص اليومي لحركة تداول الأسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الاثنين سعر تذكرة مباراة الأردن والأرجنتين تثير جدلًا واسعًا.. تعرف عليه! سلامي: المنتخب المصري يواجه ضغوطات.. وسنقوم بإراحة لاعبين أساسيين سجال ساخر على مواقع التواصل حول الإسورة الإلكترونية البديلة للحبس في الأردن مستغلاً المقاطعة.. مطعم جديد في عمان يحاول تقليد مطاعم عالمية شهيرة ثبتت التوقعات.. محافظ العقبة بحاجة الى خرزة زرقاء..!! لماذا عدل فستان سمر نصار عبر قناة محلية ؟ - صورة الحكومة تبرر ايصال المياه مرة بالاسبوع وفاة أكبر معمّرة الأردن عن 129 عامًا في تصريح جريء لوكيل مرسيدس رجا غرغور: لا معنى لوجود شركة نيسان استقالة رئيس جامعة خاصة تكشف المخفي والمستور.. هل سيفتح التعليم العالي تحقيقا بأسبابها إقالة موظفة بسبب عنصريتها ضد العملاء غياب 8 نواب عن الجلسة الأولى لمناقشة الموازنة - أسماء نجمة تيتانيك تهاجم البوتوكس وأدوية التخسيس: "أمر مفجع" مؤسسة صحية لديها 10 مستشارين.. هل يعلم دولة الرئيس عنهم شيئاً؟؟ "لافارج" وأخيراً تصرح بخصوص الاتفاقية مع مجمع المناصير الصناعي البيانات المالية لشركة الاتصالات الاردنية اورنج.. تراجع في الارباح وعجز في رأس المال وارتفاع في حجم المطلوبات والذمم المدينة تفاصيل "تاتشر اليابان" تهدد سوق سندات بقيمة 12 تريليون دولار أنيس القاسم: اتفاقية «وادي عربة» لا تمنع قطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي