أخبار البلد -
ما زالت الأمور ملتبسة، وما زال التأجيل هو المهرب من استحقاق التوافق، فقد ضاع وقت كثير وجاء وقت العليق حين الغارة على أمل الخروج من المراوحة التي اعتقد ان جوانب عديدة منها مفتعلة..
لقد التقى الملك السادة النواب من قبل وخلال الفترة الماضية وعاود الالتقاء بهم أمس وجدول الاعمال محدد وواضح ومباشر وهو الاسراع في انجاز قانون الانتخاب الذي رحلت الحكومة السابقة بسبب الابطاء في انجازه بعد ان قدمته الى البرلمان..
الاشكالية لها بعدان..الأول مضمون القانون الذي انسحب التوافق عنه بعد أن تم في لجنة الحوار الوطني حين جرى العودة بعد ذلك الى المربع الأول..وكثر الجدل حول المشروع المقدم من الحكومة للبرلمان..وقام افتاء بعضه مبرر وأكثره غير مبرر حين جرى الحديث عن القائمة الحزبية أو الصوت الحزبي ليستبدل للمحافظة ولم يستقر الأمر ورأى البعض الاحتكام الى القوانين ومرجعيات التشريع رغم أن دوافع الكوتا الحزبية هي دوافع سياسية وليست قانونية وهذا ما يعكس عدم فهم اطراف الحوار لبعضها البعض..فهناك من لا يدرك الضرورات الوطنية وهناك من لم يستوعب اننا في مرحلة الربيع العربي أو أننا بصدد القيام بإجراءات اصلاحية في البعد السياسي ممن يرون عدم لزوم ذلك والاحتفاظ بما كنا عليه..(إنا وجدنا آباءنا على هذا وإنا على آثارهم مقتدون)...
والسؤال هل يعجز الأردنيون عن انجاز قانون انتخاب يغطي أطيافهم وألوانهم السياسية ويخدم مواطنتهم ويحقق العدالة وتكافؤ الفرص وهو ما دعى اليه الملك..والا كيف نفسر هذه المراوحة وعسر ولادة قانون انتخاب بالمواصفات التي جاء على ذكرها الملك وتراها معظم القوى..ولماذا الشعور بعدم القدرة والاستنكاف عن انجاز قانون جديد والعودة الى «مراودة» القانون القديم (قانون الصوت الواحد) الذي ظلت الالسنة عليه ولكن كثيرا من القلوب معه رغم الاعراض السلبية والجانبية التي ورثها وسببها..والسؤال..هل يبقى قانون الصوت الواحد ويدخل الى دائرة الاستعمال والتطبيق مرة أخرى تحت حجة نفاذ الوقت وانه لم يبق وقت الا ثلاثة اسابيع وهي غير كافية لمناقشة القانون المعروض والذي لا يختلف كثيراً عن قانون الصوت الواحد سوى في اقتراع المقاعد (25) والتي رآها البعض للاحزاب في حين سارع البعض ليراها للمحافظات..
كان الكثيرون في لجنة الحوار الوطني وخارجها يرون تجاوز قانون الانتخاب الذي استبدل عام 1989 بقانون جديد أكثر تطوراً وشمولاً وعصرية منه ولكنهم «كالذي صام وأفطر على بصلة» فلا يوجد الان سوى مشروع قانون قريب من قانون الصوت الواحد ما زال الجدل يغرقه ويؤخر اقراره وقاون انتخاب جرى تجريبه ويريد البعض ان يعاود تجريب المجرب..
لماذا علينا ان ننتظر ولماذا يريدنا البعض أن نحس بعقم قدراتنا على الانجاز؟..من يرهن ارادة الأردنيين ويكبل قدراتهم؟...هل صناعة قانون انتخاب توافقي هو اختراع للعجلة ؟ وهل علينا ان نعاود انتاج نفس البرلمانات التي تجري الدعوة لحلها؟ وما فائدة الانتخابات ان تحولت الى شكلية والى انجاز نفس البرلمان ؟..هل الانتخاب في حد ذاته غاية أم وسيلة لاقامة برلمان يقبل التحديات ويستجيب للأردن الجديد ويعمل على حمل قضاياه الى الحل..؟
الملك مرة أخرى يقود الاصلاح..ويواصله ويدعو النواب الى اللقاء ويحثهم على انجاز قانون الانتخاب في وقفة للوفاء بالتزامات جرى قطعها للداخل والخارج وهو اجراء الانتخابات قبل نهاية السنة..
أين تكمن المشكلة؟ وما هي العقدة التي يجري التوقف عندها؟ ولماذا لا تستطيع الحكومات حتى الآن ان تتجاوز حالة المراوحة بسرعة فالاعراض السلبية تزداد ونحن بحاجة الى سرعة تقديم الدواء وبمواصفات الشفاء..