اخبار البلد_ أخطأت جماعة الإخوان المسلمين بل وقعت في الخطيئة وظهر إفلاسها الحقيقي عندما ظنت أنها باجتياز الثوابت الوطنية أو تعريضها للخطر, يمكن ان تعوض خساراتها السياسية المتلاحقة وفشلها في استثمار فرصة الربيع العربي الذي ظنت أنها ستكون هي من يحصد نتائجه بعد أن بدا وكأن اخوانها في مصر وتونس وليبيا هم الذين حصدوا نتائج هذا الربيع الذي لا يعرف أحد ان كان ربيعاً حقيقياً أم ان النوارس لم تغرد فيه بعد أن أخافها الضجيج ورائحة الصفقات المشبوهة ورغبتها العارمة في الاستئثار والهيمنة والاستحواذ على كل شيء..
أن يذهب الاخوان الى المخيمات كي يحرضوها ضد «النظام» بذريعة معارضة رفع الأسعار يعني أنهم صعدوا الى درجة عالية تماماً كما فعلوا عندما أرادوا ركوب موجة العشائر وتحدي المنظومة الاجتماعية والقيمية الأردنية وافتعلوا شجاراً في المفرق وخسروا كل ما تبقى لهم من تعاطف أو دعم لأن للأردنيين حاسة سادسة يستطيعون من خلالها معرفة ما يخطط لهم وكشف من يتربص بهم ومن يغامر بتعريض أمن واستقرار بلدهم ونسيجهم الوطني الى التمزق والارتهان للخارج..
والاخوان يدركون, وليسوا سذجاً في واقع الحال وان كان خانهم ذكاؤهم هذه المرة, أن لا شيء اسمه مخيمات أو بادية أو مدن في الحراك الاجتماعي الذي بات عمره أكثر من عام وان الأردنيين عندما خرجوا في مسيراتهم واحتجاجاتهم المشروعة والقانونية والتي قامت أجهزة الشرطة بحمايتهم وتوفير أقصى درجات الأمن لهم وضمان حرية التعبير لهم, لم يسألوا أنفسهم أن كانوا من شمال الأردن أم جنوبه أم وسطه ولم يدققوا في «بطاقات» بعضهم البعض وما اذا كان هذا المشارك أو المعارض أردنياً من أصول فلسطينية أو غير فلسطينية, بل جمعهم حبهم لبلادهم ورغبتهم في التعبير عن آرائهم والمطالبة بالإصلاح ومكافحة الفساد والمشاركة في صنع القرار وهي مطالب مشروعة كان جلالة الملك عبدالله الثاني يحض الشباب الأردني على المطالبة بها عبر المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والحزبية والاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني والانخراط في عمل دؤوب وحوار والمشاركة في الانتخابات عبر ايصال المرشح الذي يعبر عن طموحاتهم ويتوفر على برامج قابلة للتنفيذ, لمجلس النواب أم للبلديات..
ذهاب جماعة الاخوان المسلمين بعيداً في تعريض الوحدة الوطنية الى المخاطر واللعب على الغرائز وثقافة الشحن والتحريض هو مغامرة في حد ذاتها بل وانتحار سياسي لأنه يكشف عن قصور في التفكير والقراءة السياسية وجهل حقيقي بالواقع المعاش وما معنى المخيم الفلسطيني في الكتاب الأردني المفتوح على اتساعه في احتضان القضية الفلسطينية والاصرار على حق العودة وفي فضح الممارسات الإسرائيلية العنصرية في كل المحافل الدولية إضافة الى أن أبناء المخيمات هم مواطنون أردنيون يتمتعون بكافة الحقوق والواجبات دستورياً وقانونياً ويصعب على أحد مهما كان خطابه أو أيديولوجيته شق الصفوف الأردنية الموحدة عبر إحياء أو التلويح بورقة المخيمات حيث نحن على ثقة بأن وعيهم ووطنيتهم وأردنيتهم بل وإخلاصهم لمليكهم كفيلة باحباط محاولات كهذه لأنها تندرج في إطار المزايدة السياسية ومحاولة الانقلاب على الثوابت الوطنية والتشبه بما يحدث في دول الجوار وأيضاً في استدراجنا الى ما يحدث في الضفة الغربية وقطاع غزة من خلاف على السلطة والنفوذ والأدوار بين رام الله وغزة وهذا ليس موضوعنا..
المخيمات الفلسطينية في الأردن جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية الأردنية الجامعة ومشاركة أبنائها في الحراك السياسي والاجتماعي حق طبيعي ومكفول قانونياً ودستورياً ومحاولة عزله أو الانفراد به أو صبغه بصبغة أخرى إنما يندرج في إطار لعبة مآلها الفشل وعلى جماعة الإخوان المسلمين استخلاص الدروس والعبر من المحاولات الفاشلة التي قام بها غيرهم في الماضي ولم يحصدوا غير الخيبة لأن الأردن شعباً وحكومة وقيادة فذة, لم يقعوا ذات يوم في فخ لعبة الأمم ولم يحاولوا الرهان على أي أجندة أجنبية بل كان شعارهم على الدوام الأردن أولاً وأخيراً..