أخبار البلد -
اخبار البلد_ ماهر ابو طير
- تتباكى
بعض المستشفيات الخاصة الان،من اوضاعها المالية الصعبة، جراء عدم دفع
الليبيين لفواتير علاجهم، وهي ذات المستشفيات التي ردت ابناء شعبنا عند
بوابات الطوارئ،وفي الاقسام المختلفة، لان لا اماكن للناس هنا،باعتبار ان
الاولوية للشقيق الليبي. فجأة وعندما غابت الدولارات، لم يعد الليبي
شقيقاً، وباتت المستشفيات تنوح بصوت مرتفع، وُتلوّح باغلاق محتمل، ومن
الطبيعي ان لا تجد المستشفيات تعاطفاً من الناس، فقد خبروا ذكريات
مؤلمة،حين كانت الاولوية لليبي على حساب الاردني.
لا
توّسط في حياتنا، وقد قيل سابقاً ان على المستشفيات ان ُتحدد نسبة اشغال
للمرضى العرب، مقابل نسبة اشغال اكبر للأردنيين، غير ان المستشفيات
اعتبرتها فرصة تاريخية لجمع المال، والاستفادة من الموسم الليبي.
وفرّت
بعض المستشفيات بهذه الطريقة مبالغ مالية مرتفعة عن شركات التأمين التي
ُتؤّمن الاردنيين، لان الاردني لم يعد يدخل المستشفى، وبالتالي زادت ارباح
شركات التأمين لدينا، لانها لم تعد تغطي علاج احد في المستشفيات المشغولة
بنصرة الثوار الليبيين. بما ان بعض المستشفيات تعاملت مع القصة من منظور
تجاري بحت، فان اغلاق اي مستشفى بسبب الافلاس امر عادي جداً، فالعمل كله
خضع للمعيار التجاري، ولم يكن تحت شعار قومي او عروبي، وبالتالي لاعلاقة
للناس ابداً بافلاس اي مشروع، او استمراره.
عاصفة
الصحراء الليبية التي هبت علينا، لم تترك احداً، فلا الفندق حصل على
امواله، ولا المستشفى حاز على ماله ايضاً، وهذا درس كبير يتوجب على الجميع
ان يتذكروا ان الطمع يأخذنا الى خراب البيوت، وهو درس لم نتعلمه من قصص
سابقة.
هكذا نحن، بعض
المستشفيات حين اكتشفت في البداية انه يمكن ترتيب امورها بعيداً عن الدولة،
ومباشرة مع الليبيين، انطلقت بخيلاء، وحين توقف الدفع، ناح الجميع واشتكوا
وباتت الحكومة هي «الجابي والاب الحاني» الذي عليه واجب تحصيل الاموال!.
ما دمنا هكذا انا انصح الاف الحالات من الاردنيين الذين تضرروا من اغلاق
المستشفيات في وجوههم في فترة عاصفة الصحراء الليبية ان يطالبوا بتعويضات
مالية وتشكيل لجنة لجمع هذه المطالبات من المستشفيات وشركات التأمين.
لا
يشمت احد بأي مستشفى، لكنها المفارقة العجيبة، التي جعلت بعض المستشفيات
تتطاول على المريض هنا، وترده مذموماً مدحوراً لان المهمة القومية في أوجها
المالي، متناسية ألم الانسان بيننا، لكنها عادت لتتوجع اليوم، بعد اكتشاف
الخديعة التي وقعوا فيها.
لا
تعرف لماذا فعلوا ذلك،هذا على الرغم من ان المستشفيات تربح اساساً، ونسبة
الاشغال مرتفعة جداً، بوجود المرضى الاردنيين، لكنها عقلية السوق، التي
سمحت بنزع المريض الاردني من فراشه لصالح الشقيق الليبي ودولاراته؟!.
نستثني
من ذلك كل مستشفى تصرف بانسانية وباحتراف وباحترام للناس ولوجود ذات
المستشفى، وهناك مستشفيات بقيت خارج هذه القصة، ولا يمكن اخذها بجريرة
مستشفيات اخرى، تعاملت مع كل الملف بعقلية تجارية.
سبحان
الله. الاردني لا يحصل على حبة دواء الا اذا دفع مقدماً،فيما جاء «الجراد»
لينزل على المزارع، دون دفع مسبق، لتتراكم الفواتير بعشرات الملايين،
ولتهب العاصفة مجدداً على عمان، تحت وطأة المطالبات المالية.
على
الحكومة ان لا تتدخل في هذه القصة، لانها تتعلق بممارسات القطاع الخاص،
الذي عليه ان يخلع شوكه بيديه، مثلما ترك شوك المرضى الاردنيين في ايديهم
في ساعة العسرة، ولان الحكومة ليست جابياً مالياً نيابة عمن اداروا عملهم
بمعزل عن الدولة.
عند اول دولار بعتم ابن البلد، وحين غاب الدولار الثاني سألتم: اين فزعتكم يا ابناء البلد؟.