سوف يتفاجأ السائرفي شوارععمان بمئاتالأشكال من الزينات الكهربائيةالمعلقة فوق الأرصفة والجزر،تمهيدا للاحتفالبعيد الاستقلال.الذكرى مهمةجدا، ولا نقلل من شأنها أبدا،إلا أن المتابع للأوضاعالداخلية التييمر بها البلد في الآونة الأخيرة،سوف يتساءلعن معنىهذا الهدرفي المالالعام، خصوصاعندما يكونالبلد في حاجة إلى منح صغيرةلا تتعدىسبعة ملاييندولار، أو أقل، ومن دول عديدة،من أجل استمراره في تقديم الخدماتللمواطنين في بعض المجالات!لا أدريإن كانتالزينات تجتاحأيضا المدنالأردنية الأخرى،فإن كانتكذلك، فإننيأشعر بالفضوللمعرفة كيف ينظر المواطنونإليها، وهم يعيشون ظروفاحياتية استثنائية،ويتوقعون في أي لحظةأن يتم اتخاذ قراررفع الأسعار،ما سيؤديإلى أن تصبح حياتهمأكثر صعوبة.إن زينةالشوارع هذه ستكون، فقط،واحدة من تجليات كثيرةتبتدعها المؤسساتالكثيرة للاحتفالبالمناسبة، إذ ستكون هناكاحتفالات في 93 بلدية، و42 مديرية تربيةوتعليم، و12 محافظة، إضافةإلى كثيرمن المدارسالكبرى.سيكون لدينا ما لا يقل عن 500 موقع احتفال رئيسيعلى امتدادالمملكة، فضلاعن مئاتالاحتفالات الثانويةالصغيرة. والغريب أن تلك الاحتفالات ستمتدلأسابيع، وأحيانالأشهر بعد المناسبة.ولو أردنا أن نجري حسبةبسيطة على كُلَف تلك الاحتفالات، لخرجنابرقم ضخم يتم هدرهفي وقت لا نمتلكفيه ترف التصرف بأي مبالغ.ما نزال نمتلكالقدرة على التفكير السليم،وبالتالي الاحتفالبذكرى الاستقلالبشكل صحيح،وبعيدا عن جميع أشكالالهدر في المال العام. ومن هنا نتساءل بحرقة: ما فائدةلافتات إنارةاحتفالية برّاقةمرفوعة فوق شوارع مليئةبالحفر والمطبات؟أليس الأولىأن نعمدإلى تحديثالبنية التحتيةللبلد الذينحب، عوضاعن هدر أموال واحتفالاتغير مدروسةلا تؤديغرضا حقيقيا؟إنالاحتفال بالاستقلالبالشكل الصحيح،ولكي نتفهمالمعنى الحقيقيلمفردة الاستقلال،يكون عن طريق تمكينالمؤسسات المختلفةمن أن تلعب دورهاالرئيسي في حياة المواطنينوخدمتهم. وفي هذا السياق،لا بدّ أن تقفزأزمة البلدياتإلى الواجهة؛فنحن لا نعرف اليومالمصير الذيستؤول إليههذه الأزمة،بعد أن توقفت بلدياتعن تقديمبعض خدماتهاللمواطنين، فيماتم فصل التيار الكهربائيعن كثيرمنها بسببالمديونية العاليةالتي تعانيمنها بلدياتالمملكة، التيمن المتوقعأن تصل إلى زهاء 100 مليون دينارحتى نهايةالعام الحالي. اليوم، يعيشالأردن في ظل ظروفاقتصادية استثنائية،والمطلوب أن تكون هناكقرارات استثنائيةتعبر عن الانتماء الحقيقيللوطن، وليسمجرد احتفالاتمكرورة لا تحمل مضموناحقيقيا. اليوم، لا يمكنناأن ننظرإلى حكومةفايز الطراونةعلى أنهاجادة في تخفيض الإنفاقالعام من خلال خطة ضبط الإنفاقالتي أعلنتمصادر أنهاستطبقها قريبا؛لا يمكنناأن نتعاملمع هذا التوجه بجديةونحن نراهاتستهل مشوارها،حتى قبل أن تنالالثقة، بالطريقةنفسها التيتعاملت بها الحكومات السابقةمع المالالعام!"الظروفالاستثنائية، تحتاجقرارات استثنائية"، هكذا قال الطراونة في أحد تصريحاتهمؤخرا. حسنا إذن يا دولة الرئيس: خذ قرارابوقف مخصصاتالاحتفالات على اختلافها، في جميع مؤسساتالمملكة، وتحويلهاللمؤسسات الخدميةالتي هي على صلة مباشرة مع المواطن؛ كالصحةوالبلديات وغيرهما.سيكون قرارااستثنائيا بامتياز.