في كشف مؤثر عن طفولتها القاسية ورحلتها الاستثنائية نحو عالم الأعمال، تحدثت رائدة الأعمال البريطانية وصانعة العطور الشهيرة جو مالون ("Jo Malone CBE") عن السنوات التي شكلت شخصيتها، وكيف أصبحت المعيل الوحيد لأسرتها وهي ما تزال طفلة في الحادية عشرة من عمرها، قبل أن تبني واحدة من أبرز العلامات التجارية في عالم العطور.
مالون، مؤسسة علامتي "Jo Malone London" و "Jo Loves"، سردت في بودكاست "Executive Decisions" بداياتها المعقدة التي سبقت بيع أولى علاماتها لمجموعة "Estée Lauder" عام 1999 مقابل ملايين الجنيهات وهي الصفقة التي صنعت انطلاقتها الكبرى، وفقًا لتقرير نشرته شبكة "CNBC"، واطلعت عليه "العربية Business".
لكن قبل ذلك بسنوات طويلة، كانت مالون تعيش مع عائلتها في حي سكني متواضع في مقاطعة كنت البريطانية. والدتها كانت تعمل في مجال التجميل، بينما كان والدها فنانًا، لكنه كان أيضًا مهووسًا بالمقامرة، الأمر الذي وضع الأسرة في وضع مالي هش.
وتروي مالون
"منذ أن كان عمري 11 عامًا، كنت أنا الشخص البالغ في المنزل الذي يسأل: هل لدينا مال يكفي لدفع تكلفة الغاز والكهرباء؟ كنت أعرف أنه إذا خسر كل شيء في القمار، فلن نجد ما نأكله".
قبل بلوغها سن المراهقة، انهارت والدتها نفسيًا، ما دفع مالون لترك المدرسة نحو عام كامل لتأمين احتياجات أسرتها -والديها وشقيقتها الصغيرة. وفي تلك الفترة، استخدمت الطفلة الماهرة خبرات والدتها في صناعة مستحضرات التجميل، فكانت تقلد الكريمات التي كانت تبيعها أمها، ثم تسافر بالقطار إلى لندن لتبيعها للعملاء مقابل 4.50 جنيه إسترليني فقط.
وأضافت: "بهذه الطريقة أبقيت أسرتنا متماسكة، بينما كان والدي يدخل ويخرج من حياتنا كلما أراد ذلك".
وتتابع مالون وصف تلك المرحلة التي صقلتها
"أعتقد أنني تشكلت في تلك اللحظات. ومهما واجهت من صعوبات، كنت أجد مخرجًا - بوابة، أو نفقًا، أو سلمًا. كنت أقول: كيف أكسب العشرين جنيهًا التالية؟".
وفي أيام السبت، كانت تبيع لوحات والدها لأن العائلة كانت بحاجة إلى المال للطعام، بينما كان هو يبدد ما لديه بسهولة. وفي أيام الأحد، كانت تجلس إلى جانب والدها.
وبعد عقود، أصبحت مالون واحدة من أشهر رائدات الأعمال في عالم العطور، وتصف تلك التجارب القاسية بأنها الموقد الذي صهر شخصيتها وجعلها ريادية لا تستسلم.
"كان الأمر مجرد بقاء في البداية"
تقول مالون إنها ما زالت تتذكر يومًا كانت فيه في غرفتها شديدة البرودة بلا تدفئة، تنظر إلى النافذة المغطاة بالجليد.
وتروي
"كنت أكشط الجليد بإصبعي وأنظر للخارج وأنا أقول: يجب أن أغيِّر مصيري".
وتضيف أنها عاشت مراهقة وحيدة؛ فلم تستطع ممارسة الأنشطة الطبيعية مع أصدقائها، بل كانت تنظف المنزل، وتطهو الطعام، وتعتني بشقيقتها، وتعمل أعمالًا شاقة من أجل دخل بسيط من العمل في محل زهور، إلى غسل الأطباق في المطاعم، وحتى التنزه مع كلاب الآخرين.
وتقول
"لم أشعر يومًا بالحرج من غسل الصحون أو القيام بأي عمل لأستمر. وعندما بدأت أول مشروع للعناية بالبشرة، أدركت حينها أنني صاحبة القرار وأن حياتي أصبحت مسؤوليتي".
وتوضح أن كلمة "ريادة أعمال" لم تكن موجودة في قاموسها آنذاك، لكنها كانت تعيش معناها يومًا بعد يوم.