كشفت أبحاث حديثة هوية الفتاة الغامضة في لوحة "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي"، واحدة من أشهر الأعمال الفنية في العالم، بعد أكثر من ثلاثة قرون ونصف من الغموض.
ويُرجّح المؤرخ البريطاني أندرو غراهام ديكسون أنّ اللوحة الشهيرة التي رسمها الرسّام الهولندي يوهانس فيرمير في ستينيات القرن السابع عشر، تُجسّد وجه ماغدالينا فان رايفن؛ ابنة إحدى أثرى العائلات في مدينة دلفت.
ولطالما شكّل غموض هوية الفتاة تحديا للباحثين وعشاق الفن على حد سواء وفقا لتقرير بصحيفة "التلغراف"، نظرا لندرة المعلومات عن فيرمير، أحد أعظم رموز الفن الهولندي.
وبعد دراسة مستفيضة، توصّل غراهام ديكسون إلى أنّ فيرمير عمل بشكل شبه حصري لصالح بييتر فان رايفن وزوجته ماريا دي كنوَيت، معتبرا أنّ "ماغدالينا" هي ملهمة اللوحة الأسطورية.
وتكشف الدراسة عن خلفية دينية واجتماعية مثيرة للعائلة، إذ كانت تنتمي إلى طائفة "الريمونسترانتس" المتمرّدة، بينما انضمت الزوجة إلى فرع أكثر تشدّدًا يُعرف باسم "الكوليجانتس".
هذه الجماعات المسيحية الإنجيليّة كانت تدعو إلى السلمية والمساواة، بما فيها المساواة بين الرجل والمرأة، كما كانت تؤمن بمبادئ نسوية تقدّمية نسبيا في القرن السابع عشر.
ويشير المؤرخ إلى أنّ ماريا دي كنويت كانت الراعية الأساسية لأعمال فيرمير، وأنّ منزلها كان قريبا من كنيسة تابعة لطائفة الريمونسترانتس، ما انعكس بوضوح في أعمال الرسّام.
وتقول مقالاته في مجلة "صنداي تايمز"، إن البيئة الدينية والاجتماعية التي نشأ فيها فيرمير كانت تؤثر على معظم أعماله، وتفسّر تركيزه على تصوير النساء والوقار الروحي الذي يميّز لوحاته.
ويضيف غراهام ديكسون أن الفتاة ذات القرط اللؤلؤي تمثل لحظة تعبُّد وتفانٍ ديني، حيث تجسّد في مظهرها وقفتها الدينية، متأثرة بمثال مريم المجدلية، وهو ما يفسّر العمق الروحي للوحة رغم بساطتها الظاهرية.
ويعترف المؤرخ أن استنتاجاته قد تتعارض مع التصورات الحديثة عن أعمال فيرمير، لكنه يؤكد اقتناعه بها، معربًا عن ثقته في أنّ كثيرين سيجدون في نظريته تفسيرا مقنعا للغز استمر أكثر من 350 عامًا.