جيل “زد” المغربي هل هو مجرد موجة احتجاجية، أم مرآة لأزمة عميقة يعيشها المجتمع؟

جيل “زد” المغربي هل هو مجرد موجة احتجاجية، أم مرآة لأزمة عميقة يعيشها المجتمع؟
أمين بو شعيب
أخبار البلد -  

قبل أسبوع كتبتُ مقالا على هذا المنبر العتيد، بعنوان ” ثورة المستشفيات في المغرب قد تكون جرس إنذار أخير” حذّرتُ فيه من مغبّة تجاهل حكومة أخنوش لمعاناة المغاربة مع الأوضاع المتردية التي يعيشونها بسبب الفساد الذي استشرى في أوصال الدولة، وحذرتُ من تجاهل الغضب الشعبي، الذي يوشك أن ينقلب إلى انفجار اجتماعي.

وكتبتُ قبل ذلك عدة مقالات محذرة، قلتُ فيها إن الفساد في المغرب لم يعد مجرد انحرافات فردية يمكن إصلاحها بالعقاب أو اللجان المؤقتة، بل صار سرطانًا متجذرًا في جسد الدولة، ينخر مؤسساتها ويهدر مواردها ويحوّل القانون إلى أداة بيد الأقوياء، وآلية لإعادة إنتاج الامتيازات وحماية شبكات النفوذ، حتى صار المواطن البسيط عاجزًا عن التمييز بين "الشرعي” و”الفاسد”. فالنتيجة واحدة: تعليم منهار، صحة متردية، بطالة خانقة، وغلاء يفتك بالطبقات الوسطى والفقيرة.

ولقد كنتُ في كل مقال من تلك المقالات أشير بأصبع الاتهام إلى الأحزاب التي أصبحت تقدّم التغطية للانتهازيين والمتسلّقين والمنتفعين، الذي اتّخذوا منها مطية لتحقيق مآربهم الشخصية، وذلك بالتواطؤ واستغلال النفوذ السياسي، واستقطاب الأعيان لحمايتهم وتوفير التغطية اللازمة لهم، لفرض المزيد من سطوتها على الحياة العامة، سواء على مستوى الصفقات الكبرى التي تجري في الوزارات والمؤسسات العمومية، أو من خلال تمددها داخل المجالس البلدية والإقليمية في مختلف المناطق. وخلُصتُ إلى أن الأحزاب السياسية المتواطئة مع الفساد، أصبحت تشكل خطرا على الحياة العامة للشعب المغربي.

حكومة أخنوش، التي جاءت بشعارات تحسين المعيشة وتعزيز الدولة الاجتماعية، لم تقم بالواجب، بل تجاهلت معاناة المواطنين، وفضلت موقف المتفرج المنفصل عن واقع الشارع، همّها الوحيد هو مصالحها ومصالح الأقرباء.

لكن، ما لم يكن في حسبان هذه الحكومة الغبية، هو أنه في السنوات الأخيرة ظهر فاعل جديد في الساحة الاحتجاجية المغربية: وهو ما يطلق عليه جيل "زد” (Génération Z)، أي الشباب المولودون بين منتصف التسعينات ومطلع الألفية الجديدة. هذا الجيل، الذي تربى على الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد يكتفي بالمشاهدة أو التعليق، بل صار يترجم غضبه إلى احتجاجات ميدانية تفرض نفسها على النقاش العام.

لذلك فاحتجاجات شباب جيل زد لم تأتِ من فراغ، بل هي ثمرة طبيعية لوضع سياسي مترهل تركته الأحزاب التي تحولت من قاطرة للتعبئة والتأطير إلى هياكل جوفاء لا تملك سوى خطابات انتخابية موسمية.

الأحزاب التي كان يُفترض أن تكون مدرسة للسياسة والتفكير النقدي أغلقت أبوابها أمام الأجيال الجديدة، وانشغلت بمناصبها وحساباتها الضيقة، تاركة وراءها فراغًا مهولًا في الساحة العامة. وفي هذا الفراغ وُلد جيل رقمي، واعٍ، متمرد، رافض لثقافة الوصاية، لا يجد من يمثل طموحاته سوى نفسه.

 
ad

جيل زد لم يعد ينتظر برلمانيًا يتحدث باسمه، ولا زعيم حزب يفاوض من أجله. فوسائل التواصل الاجتماعي صارت برلمانه الحقيقي، وميدان التعبئة الوحيد الذي يثق فيه. ومن خلال هذه المنصات، استطاع أن يحول الغضب الفردي إلى وعي جماعي، والوعي الجماعي إلى احتجاجات ملموسة في الشارع.

إن هذه الحركة الشبابية هي أكبر صفعة في وجه النخب الحزبية التي فشلت في تجديد خطابها، وأثبتت أنها تعيش خارج الزمن. فهي لا تفهم أن الأجيال الجديدة لا تُخاطَب بالشعارات البالية ولا بالوعود الفضفاضة، بل بالصدق والجرأة والقدرة على التغيير الحقيقي.

المثير أن جيل زد لم يخرج فقط ليطالب بتحسين شروط العيش، بل خرج أيضًا ليؤكد أن زمن الأحزاب التقليدية انتهى. فإذا لم تستفق النخب من غفوتها وتفسح المجال لمشاركة شبابية حقيقية، فإن المستقبل لن يرحمها، وستبقى مجرد أشباح في مشهد سياسي يتحكم فيه شباب يرفض الانتظار.

جيل زد وجد في منصات مثل فيسبوك، تيك توك، وإنستغرام، برلمانه الحقيقي. هناك يتناقش، يحتج، يسخر من السلطة، ويفضح الفساد. هذه الفضاءات الافتراضية تحولت تدريجيًا إلى "مختبر غضب”، ومع تصاعد الضغوط المعيشية انتقل الغضب من الشاشة إلى الساحات، من "الترند” إلى الاحتجاج. بهذا المعنى، نجح جيل زد في تحويل الأدوات الرقمية إلى سلاح اجتماعي وسياسي.

فلاش: إذا استمر تدهور الخدمات العمومية في الصحة والتعليم، واشتدت أزمة البطالة وغلاء المعيشة، فالأفق مفتوح على كل الاحتمالات، على اعتبار أن هذا الجيل لن يظل مكتفيًا بالاحتجاج السلمي. ويمكن أن يكون شرارة لانفجار اجتماعي أكبر، يتجاوز الوقفات الرمزية إلى حراك شعبي واسع، يعيد إلى الأذهان سيناريوهات الربيع العربي لكن بوجوه جديدة وأدوات مختلفة.

لقد قلناها ونعيدها مرارا وتكرارا، إن أخطر ما يهدد استقرار المغرب هو الفساد والتعايش معه ورعايته، لأن الفساد لا يسرق المال فقط، بل يسرق الثقة… والثقة إذا ضاعت، ضاع معها العقد الاجتماعي برمته. فماذا يبقى من الدولة إذا فقد المواطن إيمانه بعدالتها؟

شريط الأخبار "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025 استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد مراسم الاستقبال الرسمي لبوتين أمام القصر الرئاسي في نيودلهي (فيديو) حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غداً وفيات الأردن اليوم الجمعة 5/12/2025 "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026! وزير العمل: شبهات اتجار بالبشر واستغلال منظم للعمالة المنزلية الهاربة اتفاق أردني سوري لإنعاش الأحواض الشمالية قريبا هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد حماس: نتوقع حدوث محاولة اغتيال في دولة غير عربية انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما دون 76 روبلا للمرة الأولى منذ 12 مايو 2023 آخر موعد للتقديم على المنح والقروض من "التعليم العالي" وزارة اردنية الافضل عربيا من هي ؟ العراق يتراجع عن إدراج حزب الله والحوثيين على قوائم الإرهاب Formycon وMS Pharma توقّعان اتفاقية شراكة حصرية لتسويق النظير الحيوي لدواء ® Keytruda