أخبار البلد -
اخبار البلد_ بسام البدارين _ قالت مصادر اردنية مطلعة ان القصر يستعرض اسماء
مرشحين للاستعانة بشخصية من حرس النظام ورموزه في موقع رئاسة الديوان
الملكي، حيث يسعى القصر للوصول لشخصية سياسية مؤثرة من شمالي البلاد تترأس
الطاقم الاستشاري في مؤسسة القصر الملكي وتتعاون مع جناحي الحكم الآن في
رئاسة الوزراء والهيئة المستقلة للانتخابات لكي تعبر البلاد من مفصل عاصفة
التغيير الإقليمية وشرر الربيع العربي.
ويتحدث المراقبون عن مسألتين
تشكلان حلقات غامضة وأسئلة معلقة لا يمكن فهم حقيقة ما جرى مؤخرا في الأردن
بدونهما، الأولى تتعلق بالحلقة المفقودة في فهم مسلسل إحضار القاضي الدولي
عون الخصاونة من لاهاي وتكليفه برئاسة الحكومة ثم توفير أرضية للإطاحة به
بعد ستة أشهر فقط.
المسألة الثانية تتعلق بقصة الانفتاح الرفيع
والمفاجىء على مدينة القدس تحديدا التي زارها نخبة من الأمراء وكبار
المسؤولين الأردنيين مؤخرا قبل الزيارة الغامضة التي قام بها لرام الله
وزير الداخلية الأسبق الجنرال محمد الرعود.
ليس سرا أن الوسط السياسي
الأردني يبحث بهوس عن تفكيك ألغاز المسألتين، لكن ليس سرا بالمقابل بأن
المعارضة النشطة سواء مثلها الشيخ زكي بني إرشيد أو توجان الفيصل أو رئيس
الوزراء الأسبق وإبن النظام المخلص أحمد عبيدات تستطيع القول بأن المؤسسة
بلا مطبخ وبلا فريق اليوم بصرف النظر عن نوايا وهوية هذا الفريق، فجناح
الحكم في المملكة اليوم تجلس فيه أسماء كلاسيكية و'غير إصلاحية' إلى حد
كبير لكنها أسماء في النهاية ولديها من الخبرة الحجم الكبير وتحشدها معا
يعني بأن لدى المؤسسة خطة أو إستراتيجية.
وترويكا القرار اليوم تقول بأن
تركيبة مطبخ القرار متناغمة إلى حد ما ومتفقة على إصلاح متدرج لا ينطوي
على تحولات جذرية في الحياة السياسية، فالبيروقراطي الطيع فايز الطراونة
رئيسا للوزراء والدبلوماسي المحنك عبد الإله الخطيب رئيسا للهيئة المستقلة
للانتخابات بعدما رفض أحمد عبيدات ثلاث مرات إقتراحا ملكيا برئاسة الهيئة،
وجنرالا الأمن العام والمخابرات يقومان بدور فعال في المطبخ بعيدا عن
الأضواء، وفي رئاسة سلطة التشريع يجلس كل من عبد الكريم الدغمي وطاهر
المصري وكلاهما من رموز المرحلة والعهد. وإذإ انضم فعلا سياسي بمواصفات عبد
الرؤوف الروابدة للفريق لاحقا، فالفرصة متاحة لاستعادة السؤال الذي كان
رجل الأعمال الشهير والسجين خالد شاهين يطرحه دوما وهو يقول: الأردن متماسك
أم ممسوك؟
في الحلقة الضيقة عند عبيدات الذي أصدرت جبهته الوطنية بيانا
شديد اللهجة أمس الأول يعترف القوم بوجود فريق متجانس ويشبه بعضه وتربطه
علاقات قوية ويستطيع العمل بعيدا عن الإصلاح الحقيقي سواء ذلك الذي يريده
الشارع أو يريده الاخوان المسلمون، كما يعترفون بوجود استراتيجية اليوم
لكنها كلاسيكية ومعاكسة للإصلاح الحقيقي حسب ما قال الشيخ حمزة منصور في
أحد الاجتماعات.
في السياق يفرض وجود مثل هذا الفريق الجديد القديم في
مؤسسة الحكم اليوم تحديات من طراز خاص أمام النظام نفسه، فالعلاقة بين
الطراونه والدغمي مثلا تعرضت لهزة صغيرة لكن تم ترميمها والمهمة التي
يواجهها الخطيب ليست سهلة إطلاقا لأن تنفيذها يؤثر على سمعته وصورته
الدولية، والوقت ضيق تماما لإنجاز مهمة الانتخابات بكفاءة عالية تقنع سفراء
الاتحاد الأوروبي المتربصين بكل النتائج، لكن المسألة يمكن ترميمها أيضا
وفقا لقناعة أصحاب القرار.
بنفس الوقت يشعر المصري أحيانا بالغربة وسط
شركائه في القرار ويحتفظ أحيانا بقناعات سياسية وديمقراطية معاكسة للاتجاه
العام في الواقع، أما رموز المستوى الأمني فيتحكمون ببعض الاعتبارات
وأحيانا بأغلبها من وراء الكواليس فيما الاستحقاق المالي والاقتصادي ضاغط
بقسوة على العصب الحيوي للدولة والخزينة.
والتحديات لا تقف عند هذه
المحطة فتحشيد رموز الحرس القديم معا في مطبخ واحد يقود البلاد في ظل أزمة
إقليمية ومالية وشارع بدأ يتجرأ على انتقاد الحكم وليس الحكومة فقط سلوك لا
ينتج زحاما فقط بين أقوياء بل يؤدي لتحشيد أرقام صعبة في الواقع السياسي
من رجال الدولة البارزين الذين وجدوا مع تجاهل المؤسسة لكل نداءاتهم في
الشارع والمعارضة وأحيانا المناكفة ملاذا وحيدا للتعبير عن الذات أحيانا
وللعمل حرصا على البلاد والمؤسسة ثانيا.
لذلك تبدو شخصية ثقيلة من طراز
عبيدات منزعجة جدا من رهانات 'الروليت الروسي' كما يسميها أحد المتشائمين
من السياسيين الأقطاب في جبهته الإصلاحية.
كما تبدو شخصية من وزن عون
الخصاونة الخارج للتو غاضبا ومحتقنا من بيت الحكم مضطرة للتعامل مع
الاعتبارات الواقعية بعد الحملة الشرسة التي شنتها مواقع في القرار عليها.
ورغم
ان الخصاونة قال لـ'القدس العربي' بانه لا يفكر بترشيح نفسه للانتخابات
والعمل الحزبي بسبب 'عدم وجود عمل سياسي حقيقي في البلاد' إلا أن استقباله
لأربعة من قادة جبهة العمل الإسلامي والخوض معهم في حوار سياسي يعني بأن
الرجل قد لا يريد السماح لخصومه الكثر في المؤسسة بدفنه سياسيا ما دام قد
انسحب بنفسه من السفينة التي يشعر أنها بصدد الجنوح.
ورغم خلافات فنية
بينهما، الفرصة مواتية عمليا لرؤية عبيدات والخصاونة معا في أي وقت خصوصا
إذا ربط بينهما الإسلاميون الذين تحشد صقورهم في البيت الاخواني بالمقابل
باحثين عن اختراقات.
بالصورة وإن كان بمسافة أبعد قليلا ثمة معارضون
كبار من وزن ليث الشبيلات وتوجان الفيصل وفي الهامش سيطرة مطلقة للإسلاميين
على نقابة المعلمين إستثمرت كورقة لتعزيز مخاوف السفارات الغربية في عمان
من قدوم الاخوان المسلمين وسيطرتهم لو نفذت الإصلاحات بالطريقة التي يريدها
الخصاونة او عبيدات او الشيخ حمزة منصور.
وبالصورة أيضا قيادات بارزة
أو محيرة في الحراك لديها طموح ستعبر عنه وفيها أيضا وجهاء وقادة ونشطاء
عشائر تم إقصاؤها أو تهميشها أو محاولة تهميشها بسبب الترتيبات
البيروقراطية المنقوصة والأخطاء التي تخللت عملية تواصل القصر الملكي مع
عشائر العاصمة عمان.
وفي بؤرة المشهد ثمة أسعار سترتفع كثيرا لا أحد يعرف انعكاساتها السياسية والإجتماعية.
الصورة
في الأردن وبالإستخلاص النهائي ملتبسة لكن مسألة يتيمة واضحة اليوم تماما
وتتمثل في أن مؤسسة القصر جمعت 'فريقا' للحكم ولديها مشروع وتصور إصلاحي
يشعر به جميع الاخرين.. بالمقابل أيضا ثمة نخب لا يمكن الإستهانة بها تتحشد
أو يمكن أن تتحشد مقابل فريق الحكم الجديد وبتصور معاكس تماما يستند في
تطلعاته على قراءة موضوعية لوضع الشارع بعد الربيع العربي.