أخبار البلد -
اخبار البلد_ بسام البدارين _ يفتح إختيار دبلوماسي ثقيل من وزن وزير الخارجية الأسبق عبد الإله الخطيب
لقيادة أول هيئة مستقلة للإنتخابات الباب على مصراعيه أمام عدة رسائل
سياسية بإمتياز للداخل وللخارج الأردني.
الرجل يتمتع بحضور دولي فعال
وبقي طوال سنوات زاهدا بالزحام النخبوي داخليا ويصنف كسياسي محنك قريب من
المحافظين وعلى مسافة من الليبراليين قادرا على إتخاذ قرار ولا يمكن خداعه
ولا الإستقواء عليه وإن كان البعض يأخذ عليه أحيانا تفوق معياره الأمني على
حساب السياسي عندما يتعلق الأمر بمبادرات الإنفتاح والإصلاح السياسي.
الخطيب
الرجل الموثوق كمبعوث دولي على مستوى الإقليم والعالم دخل لعبة السياسة
والقرار الأردني بقوة خلال الساعات القليلة الماضية فقد كلفه العاهل
الأردني الملك عبد الله الثاني بإدارة أول مؤسسة دستورية من نوعها ستتولى
الإشراف على العملية الإنتخابية من كافة جوانبها.
وأرفق الملك بالتكليف
رسالة خاصة لوزير الخارجية الأسبق عدة مرات الخطيب تطالبه بمعايير عصرية
جدا في الإشراف على العملية الإنتخابية ومراعاة النزاهة وتوفير الإمكانات
لإنتخابات وصفتها الرسالة الملكية بإنها 'تاريخية' ومفصلية ملمحا لإنها
ستغير شكل الحياة العامة والسياسية في المملكة.
لكن هذه الإنتخابات
المفصلية تواجه سلسلة لا متناهية من التحديات خصوصا وان مصداقية شخصية من
وزن الخطيب على المحك في عملية ستكون الأولى من نوعها منذ تأسست المملكة في
العصر الحديث فمصداقية منظومة النزاهة الإنتخابية الحكومية في أدنى
المستويات والخطيب خصم سياسي علني للتيار الإسلامي ونصير قوي لعملية السلام
والمفاوضات وخصم للنظام السوري.
لكن الخطيب في موقع على الخارطة
الدبلوماسية الدولية يؤهله لتقديم خدمة كبيرة للنظام والدولة تتمثل في
الحاجة الملحة لإنتخابات يقبلها المجتمع الدولي على الأقل حتى وإن لم
تقبلها بعض الأطراف في الداخل، وعليه يتوقع أن يتولى الرجل مهمة 'تسويق'
النسخة المقبلة من الإنتخابات التي تنطوي على المجازفة بمقاطعة الإسلاميين
لها على أساس أنه محنك وقادر تماما على مغازلة تناقضات المجتمع الدولي
الطازجة بخصوص تداعيات الربيع العربي والإسلام السياسي وتحديدا نفوذ
الأخوان المسلمين في المنطقة.
المهمة قد لا تكون سهلة وهي ليست كذلك ـ
قال الخطيب لسياسيين حلفاء له بعد صدور الأمر الملكي ـ لكن المفيد في درس
اليوم ان الرجل كشخصية رشحت عشرات المرات لموقع رئاسة الحكومة وعاندها الحظ
دوما في السياق أصبح في بؤرة الحدث والإعلام والتأثير السياسي على مستوى
جميع مؤسسات النظام والشارع خلال الأشهر القليلة المقبلة قبل يوم الإقتراع
في إنتخابات أساسية ستكون لها بصمة محورية في تحديد مستقبل خارطة الإصلاح
السياسي رغم أن الخطيب لديه ملاحظات وتحفظات على إندفاعات ما يسمى بالإصلاح
السياسي.
واللاعب الجديد في موقع يحتاجه فريق النظام السياسي بقوة
اليوم طموح وحذر وخبراته كبيرة ويقال انه لم يوقع طوال سنوات خدمته كوزير
على أي قرار لمجلس الوزراء ضمن الملفات والمشاريع التي أثارت الإشتباه أو
تم التحقيق فيها، الأمر الذي جعله دائما في موقع نزيه شخصيا قياسا بعشرات
السياسيين والبيروقراطيين وهو وضع أهله، فيما يبدو للدور الجديد بخيار ملكي
جاوز شخصيات أخرى إقترحها مطبخ الحكومة والبرلمان والقضاء عندما نسب
بعشرين إسما للقصر الملكي على أن يختار الملك خمسة منها ضمنهم رئيس الهيئة.
هنا،
يمكن ملاحظة أن الإختيار تجاوز شخصيات كان متوقعا لها ان ترأس الهيئة من
بينها رئيس الوزراء الأسبق عدنان بدران أو وزير الداخلية الأسبق مازن
الساكت أو حتى وزير البلاط الأسبق مروان المعشر وترافق إنضمام الخطيب
للمسرح بصورة قوية مع إستقالته فورا من مجلس الأعيان ومع أنباء تتحدث عن
قرب تعيين شخصية سياسية تنتمي إلى مناطق شمالي البلاد في موقع رئاسة
الديوان الملكي بعدما حظي أبناء الجنوب برئاسة الحكومة والأجهزة الأمنية
حيث قالت تقارير محلية ان شخصية من حجم عبد الرؤوف الروابدة قد تطل قريبا
على منصب رفيع المستوى في فريق الملك الذي يواصل جولة مثيرة في الميدان مع
أبناء العشائر والمجتمعات المحلية شملت البادية الشمالية ومناطق في محيط
عمان وقد تشمل قريبا بعض المخيمات.
والتحدي الأساسي الذي يواجه الخطيب
هو إجراء الإنتخابات فعلا للعام الحالي 2010 وأغلب التقديرأن القصر الملكي
مهتم جدا بهذا الأمر لدرجة أنه تطلب التضحية بتغيير وزاري خصوصا وان
إلتزامات الملك علنية تجاه الرأي العام وحتى تجاه الأوروبيين بإجراء
إنتخابات نزيهة قبل نهاية العام الحالي وهو الأمر الذي يتطلب من الخطيب
العمل بسرعة على الجانب الإجرائي حيث كادر مدرب وخبراء وأطر قانونية
وبيروقراطية وموازنة مالية ونقاط إتصال فورية وفعالة متاحة له ولفريقه من
قبل المؤسسات الأمنية.
على المستوى الرسمي يقال بأن العائق المالي الذي
يؤخر إجراء الإنتخابات البلدية بسبب عدم وجود مخصصات قد لا يكون معيقا
لتأخير الإنتخابات فالدولة تستطيع تدبير بعض المخصصات والخطيب يستطيع
المساعدة في تحصيل مساعدات دولية طارئة مخصصة لإنتخابات عامة ستجري لأول
مرة تحت إشراف هيئة مستقلة وبعد تعديلات دستورية أعقبت الربيع العربي
والحراك الشعبي الداخلي.
رئيس الوزراء فايز الطراونه ألمح في جلسات خاصة
مع النواب لوجود مخاوف من أن تأتي الهيئة المستقلة وتقول بان الوقت الباقي
قبل نهاية العام لا يكفي لإجراء الإنتخابات ولكي تتشكل على الأرض مؤسسة
سيادية تحمل إسم الهيئة المستقلة قادرة لوجستيا وماليا وبيروقراطيا على
القيام بواجباتها.. سأل الطراونه: إذا حصل ذلك ماذا سنفعل؟
السؤال
تكتيكيا له أغراض فهو يؤسس لخيار إحتياطي يمهد لإعلان العجز عن إجراء
الإنتخابات قبل ربيع عام 2013.. بالنسبة للقصر الملكي الخيارات واضحة ولابد
من العمل بسرعة والإنتقال فورا للجانب الإجرائي والتفكير بخيارات
'إبداعية' من طراز تعويض اي نقص في جاهزية الهيئة المستقلة في تجربتها
الأولى بإنفتاح غير طبيعي على مسألة الرقابة الدولية.
يحصل ذلك فيما
ينتظر الجميع قرار المجلس العالي لتفسير الدستور بخصوص سؤال وجهته الحكومة
السابقة حول 'دستورية' القوائم الحزبية في قانون الإنتخاب ووزير العدل
السابق الذي هندس القانون أيمن عوده يقول في كواليسه الخاصة بانه كان يعرف
بان القوائم ليست دستورية لكن المسألة تقررت تحت إلحاح التسارع الأمني وإذا
شكك المجلس العالي بالنص ستتوفر أمام حكومة الطراونه فرصة التراخي قليلا
وسيعمل الخطيب على تأسيس هيئته بعيدا عن ضغط الوقت والقصر الملكي.