اخبار البلد
بداية فإننا نتقدم بأحر العزاء من ذوي الفقيدات العزيزات
من بناتنا الطالبات اللواتي قضين نحبهن في حادث السير المفجع والذي وقع على طريق غور
الصافي ونجم عنه وفيات، وجرح العديد من المواطنين ونتقدم من جامعة مؤتة أساتذة وطلاباً
بأحر التعازي بالمصاب الجلل، ونسأل الله عز وجل أن يتغمد من فقدناهم برحمته ورضوانه
ويسكنهم فسيح جنانه، ويلهم آلهم وذويهم وجامعة مؤتة وكل المواطنين الصبر والسلوان.
مسلسل حوادث السير ما زال يتواصل بالرغم من الحديث عن انخفاض
في بعض الأرقام لكن الواقع يشير إلى أخطار كثيرة تحيق بالوطن والمواطن نتيجة حوادث
السير المؤلمة التي تشهدها طرقنا وشوارعنا وتنجم هذه الخسائر الكبيرة، والأرقام المفزعة
من أعداد الإحصائيات الأخيرة تقول أن الأردن فقد خلال السنوات العشر الماضية أكثر من
سبعة آلاف وخمسمئة قتيل، فيما أصيب نحو (175) ألف إنسان بجروح في حوادث سير مؤلمة في
أنحاء المملكة، وأن هذه الأرقام المفزعة تشير إلى أعداد الذين ذاقوا لوعة اليتم، أو
فقدان فلذة الكبد، أو الشقيق، وأنه عند تحويل ما فقدناه وخسرناه من قتلى وجرحى إلى
لغة الأرقام الاقتصادية فإننا سنصاب بالذهول من حجم الضرر الذي لحق بنا نتيجة فقدان
المعيل، والإنفاق على الجرحى، والأيام التي تم فيها التوقف عن العمل، بالإضافة إلى
الخسائر المادية في الآليات والمركبات والتي تقدر عبر السنوات العشر الماضية بعدة مليارات
من الدنانير.
لم نفقد مثل هذه الأرقام في كل حروبنا مع العدو أو من خلال
كل الأوبئة والأمراض التي اجتاحت مناطقنا.
لقد تم منذ سنوات تشكيل مجلس أعلى للسلامة المرورية برئاسة
رئيس الوزراء لكنه لم يكن مفعلاً، وأن عدد اجتماعاته لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة،
وأن قراراته وتوصياته لم تكن هناك أية جهة تتابع تنفيذها، وكان الأولى أن تكون هناك
أمانة عامة لهذا المجلس لمتابعة ما يصدر عنه، خاصة وانه يضم كل الوزراء المعنيين ومؤسسات
المجتمع المدني ووسائل الإعلام المختلفة.
هناك العديد من الآراء والمقترحات والدراسات للحد من هذه
المجازر، لكن المشكلة تكمن في عدم التعاون والتنسيق بين الجهات المعنية بقضايا السير،
وأنه لا بد من وجود مكتب فني يتبع المجلس الأعلى للسلامة المرورية ويضم الفنيين والمؤهلين
في القطاعين العام والخاص، يأخذ على عاتقه تحديد الأماكن الخطرة وطريقة علاجها، وإصلاح
الأماكن والمنعطفات الخطرة، أو إحداث تغييرات في بعض التشريعات ومتابعة الأمور الفنية
للمركبات، وتدريس التوعية المرورية في كافة المراحل، او اتخاذ الخطوات التي من شأنها
ردع العابثين والمستهترين حتى ولو وصل إلى إعادة فحص مرتكبي المخالفات الخطرة، وسحب
رخصة السوق.
لقد انخفضت حوادث السير على طريق عمان – اربد، مقارنة بأعوام
ماضية، وكان السبب الرئيس وراء ذلك زرع العشرات من سيارات الدوريات الخارجية التي كانت
وما زالت تشكل رادعاً لكل من تساور له نفسه قيادة المركبة باستهتار وسرعة عالية، الامر
الذي يتطلب زيادة هذه الدوريات وتوزيعها في كل الاماكن حتى ولو تطلب ذلك الاستعانة
بسيارات شرطة النجدة، أو حتى قوات الدرك، وأن الحد من حوادث الطرق ليس من مسؤولية جهة
واحدة ولكنه من مسؤولية كل مواطن وكل الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني وأن السلامة
المرورية مسؤولية مشتركة، وأن أي إجراء من جهة واحدة لن يحل الإشكالات في منأى عن التعاون
مع الجهات الأخرى، وأنه لا بد من إقرار استراتيجية شاملة للسلامة والتوعية المرورية
توزع المسؤوليات ويكون هناك جهة واحدة تتابع التنفيذ.