وفي ضوء تزايد الإعلانات المضللة والممارسات غير العلمية المرتبطة بالعلاج بالخلايا الجذعية في الأردن، حذر مدير الخدمات الطبية الملكية السابق وعضو اللجنة الاستشارية في مجلس السياسات الوطني ومستشار المناعة وزراعة الخلايا الجذعية الدكتور عادل الوهادنة من موجة تسويق غير مسؤولة ومضللة تستغل امال المرضى وتعرض حياتهم للخطر، في ظل غياب واضح للتنظيم الرقابي والتوعوي، مبينًا أن العلاج بالخلايا الجذعية يعد من المجالات الواعدة في الطب الحديث، لكنه لا يزال في طور التجريب والبحث.
وأضاف الوهادنة أن البيانات العالمية تشير إلى أن أقل من 10% من التجارب السريرية المدرجة في قاعدة ClinicalTrials.gov، وصلت إلى المرحلة الثالثة، ومعظمها لم يفض بعد إلى ترخيص علاجي، حيث يقتصر الاستخدام السريري المجاز حاليا على حالات محدودة، أبرزها زراعة الخلايا الجذعية الدموية لأمراض الدم والأورام.
واعتبر أنه رغم هذه الحقائق، تشهد المنصات الرقمية ووسائل التواصل تصاعدا في حجم الإعلانات التي تروج للعلاج بالخلايا الجذعية، دون سند علمي أو تصريح طبي معتمد.
ولفت إلى أنه في تحليل أُجري عام 2023، تبين أن أكثر من 90% من هذه الإعلانات تفتقر إلى المراجع العلمية أو الموافقات الرسمية، ويتم تسويقها لعلاج أمراض مثل التوحد والشلل الدماغي والسكري والمفاصل المزمنة، وهي حالات لم تثبت فعالية العلاج بالخلايا الجذعية فيها بأي دليل علمي موثوق. وتابع بأن هناك خلطاً متعمداً بين منتجات بيولوجية مختلفة، حيث تقدم حقن البلازما الغنية بالصفيحات (PRP) أو الدهون الذاتية على أنها «خلايا جذعية»، في حين أنها لا تحتوي فعليا إلا على مشتقات خلوية أو محفزات نمو وليست خلايا جذعية بالمفهوم العلمي.
ومن المقلق أيضا غياب الرقابة التنظيمية الفعالة وفق الوهادنة، فلا توجد في الأردن حتى الان قاعدة بيانات وطنية معلنة تبين المراكز المؤهلة أو الدراسات المعتمدة، مما ساهم في توسع «السوق الرمادية» للعلاج بالخلايا الجذعية، ودفع بالمرضى نحو حلول غير امنة وباهظة الثمن، مشيرا إلى أن كلفة الجلسة الواحدة تتراوح بين 3 الاف و ألف20 دينار أردني، تدفع خارج نطاق التأمين ودون ضمانة لنتائج مثبتة.
ونبه إلى أن الكثير من المراكز التي تمارس هذا النوع من العلاج لا تشرف عليها كوادر متخصصة في المناعة أو زراعة الخلايا، بل تفتقر إلى أدنى مستويات التدريب المهني، مما يعرض المرضى لمضاعفات خطيرة تم توثيقها علميا، مثل العمى بعد حقن خلايا غير مرخصة في العين (NEJM, 2017)، والتهابات جهازية وعدوى بكتيرية مهددة للحياة، وتكوين أورام غير متمايزة بعد زراعة خلايا في العمود الفقري.
أما على المستوى العالمي، أوضح الوهادنة أنه لا تزال التطبيقات المرخصة للعلاج بالخلايا الجذعية نادرة، وتقتصر على زراعة نخاع العظم وبعض علاجات أمراض الدم والمناعة، بالإضافة إلى بروتوكولات محددة لعلاج ضمور الشبكية، وكلها تتم تحت إشراف منظم وباستخدام خلايا منشأها معروف ومراقب.
وعن المشهد المحلي، نوه إلى أنه يعاني من غياب الشفافية، فالمركز الوطني للخلايا الجذعية لم ينشر حتى الان تقارير دورية حول نتائج العلاج أو نسب النجاح أو عدد الحالات، كما لا توجد حملات توعية وطنية توضح للمواطنين حدود هذا العلاج وإمكاناته الحقيقية.
وطالب الوهادنة وزارة الصحة والمؤسسات المعنية، بإطلاق إطلاق سجل وطني شفاف للمراكز المعتمدة والممارسات المصرح بها، و سن بروتوكولات علاجية معلنة ومبنية على أدلة علمية، و تشكيل لجان رقابة مستقلة لتقييم الممارسات الجارية، بالإضافة إلى فرض عقوبات رادعة على كل جهة تمارس تضليلا علاجيا باسم الخلايا الجذعية.
الرأي