أصبح قطاع غزة المحاصر والذي يتعرض لعدوان إسرائيلي مستمر منذ 20 شهرا، معزولاً رقمياً عن العالم، بعد قطع الاحتلال خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة عن قطاع غزة، بسبب استهداف المسار الرئيسي الأخير لخط «الفايبر» (تقنية الألياف الضوئية الألياف الضوئية).
وقطعت قوات الاحتلال أمس الخميس الاتصالات الثابتة وخطوط الإنترنت عن مناطق وسط وجنوب القطاع، بعد يومين من قطعها عن مدينة غزة والشمال، في مشهد تكرّر كثيرا خلال فترات الحرب السابقة، وكان في كل مرة يزيد من آلام السكان الذين يعانون من ويلات الحرب.
وقالت الأمم المتحدة إن انهيار شبكة الإنترنت في غزة يشل عمليات الإغاثة. ونقلت وكالة رويترز عن المتحدث باسم الأمم المتحدة أن انقطاع شبكة الإنترنت يُعتقد أنه ناتج عن عمليات عسكرية مكثفة.
وأشار المتحدث إلى أن خدمات الطوارئ في غزة انقطعت ولا يستطيع المدنيون الحصول على الدعم المنقذ للحياة. وقال المتحدث إن «جميع شرايين الحياة لخدمات الطوارئ والتنسيق الإنساني والمعلومات الحيوية بغزة مقطوعة».
وقالت «هيئة تنظيم الاتصالات الفلسطينية»، إن ذلك تسبب في «تصاعد العزلة الرقمية في قطاع غزة نتيجة استهداف ممنهج للبنية التحتية للاتصالات بالرغم من كافة المحاولات العديدة السابقة لإصلاح العديد من المسارات المقطوعة والبديلة منذ فترة طويلة».
وأكدت الهيئة انضمام محافظات جنوب ووسط قطاع غزة إلى «حالة العزلة» التي تعاني منها مدينة غزة وشمال القطاع لليوم الثاني على التوالي، نتيجة استمرار استهداف شبكات الاتصالات والمسارات الرئيسية الحيوية.
وأشارت إلى أن هذا التصعيد الخطير ضد البنية التحتية للاتصالات يهدد بفصل قطاع غزة بالكامل عن العالم الخارجي، ويمنع المواطنين من الوصول إلى خدمات أساسية تمثل خدمات حيوية في ظل الظروف الراهنة، بما في ذلك الخدمات الإغاثية، والصحية، والإعلامية، والتعليمية.
آثار سلبية على النازحين وفرق الإغاثة والصحافيين
وحذّرت من التبعات الإنسانية والاجتماعية لهذا الانقطاع، ودعت كافة الجهات المحلية والدولية المختصة إلى التدخل العاجل لتسهيل تنفيذ الترتيبات اللازمة، بما يُمكّن الطواقم الفنية من الوصول الآمن إلى مواقع الأعطال والقيام بأعمال الإصلاح المطلوبة.
وأشارت كذلك إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمنع الطواقم الفنية من إصلاح الكوابل التي تم قطعها الأربعاء، كما يعوق عمليات الوصول إلى المسارات البديلة الاحتياطية، لافتة الانتباه إلى محاولات مستمرة منذ أشهر واسابيع لتصليح العديد من المسارات البديلة «الا انه دائما كانت الاجابة بالرفض من قبل الاحتلال».
وقالت «في ظل استمرار الانقطاع، فان القطع يفاقم من أزمة الاتصالات ويطيل أمد العزل المفروض على القطاع».
وكانت خطوط الاتصالات والإنترنت آخر حلقات التواصل ما بين سكان قطاع غزة ودول العالم، بعد فرض إسرائيل الحصار المحكم منذ بدء الحرب، ومنع حركة السفر من وإلى قطاع غزة.
وتؤثر عملية قطع خطوط الاتصالات كثيرا في عمل الطواقم الصحافية، وتحرم الصحافيين من إرسال التقارير الاخبارية والصور إلى وسائل الإعلام.
وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» انقطاع الاتصال تمامًا مع موظفيها في غزة، وقال مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة «أوتشا»، إن انهيار أنظمة الاتصالات والاتصال بالإنترنت وأنظمة الاتصالات في حالات الطوارئ «تشكل تهديدا حقيقيا»، وأضاف «هذا سيؤدي إلى شلل التنسيق لإنقاذ الأرواح وحرمان المجتمعات المتضررة من تلقي المعلومات المهمة». وتسببت عملية انقطاع خدمات الإنترنت في ارتباك كبير بين السكان، لا سيما بعد إصدار جيش الاحتلال أوامر إخلاء جديدة لعدة مناطق تقع في مدينة غزة وفي غرب مدينة خان يونس، حيث ينوي توسيع رقعة الهجوم البري هناك.
ولم يتمكن المواطنون القاطنون في تلك المناطق من التعرف على هذه الأوامر، وعلى المناطق التي يريد جيش الاحتلال التوجه إليها، والتي تنشر بالعادة على مواقع الكترونية وعلى مجموعات «واتساب».
وفي هذا الوقت، تزداد المخاطر التي تهدد حياة السكان الذين يتعرضون لهجمات دامية على مدار اليوم، تحرمهم من التواصل مع طواقم الإسعاف والإنقاذ، وتحول دون قدرة هذه الطواقم على تحديد أماكن الاستهداف، كما توقف طرق الاتصال المعتادة بين طواقم الخدمات الصحية والمشافي.
تجدر الإشارة إل أن جهاز الدفاع المدني قال إن طواقمه تواجه صعوبة كبيرة في تحديد مواقع الاستهدافات بسبب انقطاع، وعدم قدرة المواطنين على التواصل معها، فيما أعلنت «جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني»، أنها ️تواجه صعوبة كبيرة في التواصل مع طواقمها في قطاع غزة، جرّاء انقطاع كامل في خدمات الإنترنت والاتصالات الثابتة، عقب الاستهداف المباشر لخطوط الاتصالات من قبل قوات الاحتلال.
وفي السابق، كان عدد قليل من سكان غزة يلجأون إلى استخدام شرائح اتصال دولية الكترونية eSIM، للتواصل مع العالم، خلال قطع إسرائيل الاتصالات وشبكة الإنترنت عن قطاع غزة.
غير أن هذه الشرائح تحتاج إلى أن يقترب الشخص من مناطق حدودية مع إسرائيل، تقع شرق وشمال القطاع، وهو أمر لم يعد متاحا في هذا الوقت، بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في هذه المناطق التي أجبر الاحتلال سكانها على الإخلاء القسري، حيث تقتل القوات الإسرائيلية كل من يقترب من تلك المناطق.
وقالت حركة «حماس» إن قطع جيش الاحتلال خطوط الاتصالات بشكل متعمّد، يعد «خطوة عدوانية جديدة في سياق حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة»، لافتة الانتباه إلى أن الاحتلال يستهدف بذلك شلّ عمل القطاعات الحيوية وفي مقدمتها القطاع الطبي والإنساني، ما يعمّق الكارثة الإنسانية، بحق المدنيين العزل. وحذرت الحركة من «تصاعد الخطر» الذي يتهدد المواطنين باستهداف ما تبقى من البنية التحتية وقطاعات العمل المدني والإنساني، ودعت المجتمع الدولي إلى «تحمّل مسؤوليته في وقف العدوان، وضمان حماية المدنيين والمنشآت الإنسانية والمدنية من وحشية الاحتلال الصهيوني الفاشي».