بصفتي أمين مفتاح كنيسة القيامة في القدس الشريف، وحامل ختم القبر المقدس، وباسمي وباسم العائلات المقدسية المسيحية الحريصة على الإرث الروحي والتاريخي للأماكن المقدسة، أعبّر عن بالغ القلق والانشغال إزاء ما نُسب إلى قرار المحكمة المصرية بشأن مصادرة أراضٍ محيطة بدير القديسة كاترينا في جبل سيناء، أحد أقدس مواقع المسيحية في الشرق.
إن دير القديسة كاترينا، الذي يشهد منذ قرون على التلاقي الروحي بين الأديان، ليس مجرد مبنى أثري أو موقع تاريخي، بل هو منارة للإيمان والحوار والسلام. لقد بارك الله هذا الموضع بظهوره للنبي موسى (عليه السلام) في العليقة المتقدة، ويضم هذا الدير العظيم رفات القديسة كاترينا الإسكندرية، ويحمل إرثًا عريقًا من العبادة المسيحية المتواصلة منذ أكثر من 1700 عام.
كما أن هذا الدير كان ولا يزال شاهدًا على التسامح الإسلامي المسيحي، منذ أن منح رسول الإسلام محمد (عليه الصلاة والسلام) وثيقة الحماية لرهبانه عام 623 ميلادي، مرورًا بتجديد هذه الحماية من قبل السلطان سليم الأول عام 1517، وهو ما يجعل من هذا الموقع رمزًا خالدًا للعيش المشترك والسلام الديني.
ومن هذا المنطلق، أناشد فخامة رئيس جمهورية مصر العربية، السيد عبد الفتاح السيسي، التدخل العاجل لضمان الحفاظ على حرمة هذا الدير ومحيطه، والحيلولة دون أي مساس بوضعه القائم، وضمان حرية وصول الحجاج والمصلين إليه دون عوائق.
إن واجبنا كمؤتمنين على المفاتيح والأختام المقدسة، أن نرفع الصوت عاليًا دفاعًا عن حرمة الأماكن التي حملت رسالة السيد المسيح، ولطالما كانت مصر وشعبها الأصيل درعًا للأماكن المقدسة وراعيةً لها. إننا نثق بحكمة فخامة الرئيس السيسي، وبحرصه الدائم على صون التعددية الدينية، ونهيب به التدخل سريعًا لإنهاء هذه الأزمة بما يليق بتاريخ مصر العريق وبدورها المحوري في حماية التراث الإنساني والديني في المنطقة.
مع خالص الاحترام،
أديب جودة الحسيني
أمين مفتاح كنيسة القيامة
وحامل ختم القبر المقدس
القدس الشريف