اضطُرَّت أمبريال براون لسنوات إلى تعليق أحلامها بأن تصبح ممرضة، بسبب مرض في الكلى هدَّد حياتها وجعلها عاجزة مؤقتاً.
وفي خضم الشكوك الداخلية حول ما إذا كانت ستعود يوماً إلى حياة طبيعية، تدخَّلت والدتها وعرضت التبرُّع بكليتها. أجرى الأطباء أول عملية زرع كلية آلية في لويزيانا، مانحين براون فرصة متجدّدة للحياة، ونيجا بتلر فرصة لرؤية ابنتها تزدهر من جديد.
تروي «أسوشييتد برس» القصة. فبعد نحو عامين من نجاح عملية الزرع، خاضت الأم وابنتها رحلة أخرى في لويزيانا. ارتدتا القبعات والعباءات البيضاء، وسارتا جنباً إلى جنب على خشبة المسرح في باتون روج، وتخرَّجتا في كلية التمريض معاً.
علَّقت بتلر (48 عاماً): «بكوننا آباء، نقول دائماً لأطفالنا إننا مستعدّون للموت من أجلهم، لكن الأطفال لا يفهمون هذا النوع من الحبّ. كنت لأُضحّي بأي شيء لتعيشي. أعني ذلك من أعماق قلبي، من دون أن أتردَّد لحظة».
لطالما كانت العلاقة بين الأم وابنتها في لويزيانا وثيقة. فقد أنجبت بتلر ابنتها خلال سنوات الدراسة الثانوية، ونتيجة لذلك، كبرتا معاً. كرَّست نفسها لتربية ابنتها وابنها، فيما كانت براون تُخطّط لأن تصبح ممرضة.
لكن في عام 2016، عندما شُخِّصت بـ«تصلب الكبيبات القطعي البؤري»، وهو مرض كلوي نادر قد يؤدّي إلى الفشل الكلوي، تغيَّر كل شيء. تدهورت حالتها الصحّية بسرعة، وفي أحد الأيام، شعرت براون، التي كانت تتابع دراستها التمهيدية في التمريض، بانقباض شديد في ساقيها منعها من الحركة.
بعد مدّة وجيزة، أخبرها طبيبها بنبأ مؤلم: إما أن تبدأ غسيل الكلى، أو تخضع لعملية زرع كلية لتبقى على قيد الحياة. وقد يتراوح متوسّط فترة الانتظار لزرع الكلى في الولايات المتحدة بين سنتين و5 سنوات أو أكثر، وفق بيانات المؤسّسة الوطنية لأمراض الكلى.
علّقت براون آمالها على الحصول على كلية جديدة. لكن خلال مدّة الانتظار، اضطرت إلى الخضوع لغسيل كلى يومي، استمرَّ ما بين 9 و13 ساعة. باتت حياتها اليومية مقيَّدة، واضطرت إلى التوقُّف عن الدراسة.
وقالت بتلر إنها لاحظت تحوّلاً في شخصية ابنتها، التي كانت متفائلة بطبعها، بعد سنوات من غسيل الكلى.
واستذكرت مكالمة هاتفية معها: «كان الأمر كما لو أنها استسلمت. بدا كأنها سئمت من حياتها المرتبطة بأنبوب يدور كل شيء من حوله».
رغم أنّ الأطباء أخبروا بتلر سابقاً بأنها على الأرجح لن تكون مُطابقة للتبرُّع، قرَّرت أن تُجري الفحوص من دون إخبار ابنتها، لئلا ترفع آمالها عبثاً.
لاحقاً، تلقَّت براون الخبر الذي انتظرته لـ5 سنوات: كلية جديدة في طريقها إليها! اتصلت بوالدتها لتُخبرها، لكن والدتها كانت تعرف مسبقاً. وعندما سألتها براون بدهشة كيف عرفت، أجابتها: «إنها أنا».
خضعتا معاً لجراحة في مارس 2023، إذ أجرى أطباء كلية الطب بجامعة تولين أول عملية زرع كلية آلية في الولاية، باستخدام نظام جراحي يوفّر دقّة عالية، بما يتيح تدخّلاً طفيفاً وأملاً بألم أقل وشفاء أسرع.
بعد نجاح العملية، أعادت براون تركيزها على الدراسة، وقرَّرت والدتها أيضاً السعي للحصول على رخصة التمريض.
ولمدة 16 شهراً، سارتا جنباً إلى جنب: جلستا، ودرستا، وتخرَّجتا في أبريل (نيسان)، في كلية باتون روج العامة للتمريض، معاً.
قالت براون (34 عاماً): «لم أكن لأتمكّن من فعل ذلك من دونها. كلية التمريض صعبة، وأنا سعيدة لإنجازي هذا إلى جانبها».
قبلت براون وظيفة في وحدة العناية المركزة للحروق، في حين تواصل بتلر مسيرتها في منشأة للطبّ النفسي.
وتأمل الأم وابنتها أن تُلهم قصتهما الآخرين بألا يستسلموا أبداً، وأن ترفع الوعي بأهمية الفحوص الطبية، وأهمية التبرُّع وزراعة الأعضاء.
قالت براون لوالدتها: «شكراً لأنك منحتني الحياة مرّتين. ينبغي أن أواصل قول ذلك، لأنك منحتني فرصة ثانية، ومعظم الناس لا يحصلون على فرصة ثانية».
مسحت بتلر وجنتيها، وردَّت من دون أن تفارقها دموعها: «ولسوف أفعل ذلك مرّة أخرى».