تشهد العاصمة الألمانية برلين نقاشا محتدما بعد أن تقدّم حزب الخضر بمقترح لإلغاء "قانون الحياد”، المعمول به منذ نحو 20 عاما، والذي يمنع موظفي القطاع العام، بمن فيهم أفراد الشرطة، من ارتداء الرموز الدينية أثناء العمل.
وفي حال تم إقرار المقترح، فقد تُصبح برلين أول عاصمة أوروبية تسمح للشرطيات بارتداء الحجاب أثناء تأدية مهامهن الرسمية.
وبحسب صحيفة "بيرلينر تاغسشبيغل”، من المنتظر أن يناقش برلمان برلين هذا المقترح عقب عطلة عيد الفصح، في جلسة قد تمثل نقطة تحوّل في سياسات التوظيف والخدمة العامة في المدينة.
وصفت النائبة عن حزب الخضر، توبا بوزكورت، قانون الحياد بأنه "حظر فعلي على المهن” بالنسبة للنساء المحجبات. وقالت في تصريح للصحيفة: "نساء مؤهلات بدرجة عالية يُمنعن من ممارسة مهنهن بسبب الحجاب، وهذا أمر غير مقبول، خاصة في ظل أزمة نقص الكفاءات”. وأضافت أن القانون يقوّض مبدأ التنوع ويقلّص من فرص النساء في القطاع العام.
سياق قانوني معقد
ينص قانون الحياد الحالي في برلين على منع القضاة وأفراد الشرطة من ارتداء رموز دينية أثناء العمل، إلا أن المعلمين باتوا مستثنين من هذا الحظر بعد سلسلة من الطعون القضائية، كان آخرها قرار المحكمة الدستورية الاتحادية.
وعلى الرغم من تعهّد التحالف الحاكم الجديد (CDU وSPD) في برلين عام 2023 بتعديل القانون بما يتماشى مع الأحكام القضائية، لم يُنفّذ هذا التعديل بعد.
نقاش متجدد
يثير إلغاء القانون جدلا واسعا في ألمانيا وأوروبا عموما، وسط انقسام حاد بين من يعتبره خطوة لتعزيز التنوع والمساواة، ومن يرى فيه تهديدا لمبدأ الحياد في مؤسسات الدولة، خاصة مع صعود خطاب اليمين الشعبوي.
في السياق ذاته، كانت المحكمة الدستورية الألمانية قد أيدت في 2020 حظر ارتداء الحجاب على المتدربات في قاعات المحاكم، معتبرة ذلك متوافقا مع الدستور. كما دعمت محكمة العمل الاتحادية في 2019 قرار سلسلة صيدليات "مولر” بمنع الموظفات من ارتداء الحجاب في مكان العمل، مراعاة لـ”الصورة المحايدة” التي ترغب الشركة في تقديمها.
وفي عام 2018، رفضت محكمة العمل في برلين دعوى معلمة محجبة مُنعت من التدريس في إحدى المدارس الابتدائية، وأكدت أن قانون الحيادية لا يتعارض مع الدستور.
أما المحكمة الأوروبية في لوكسمبورغ فقد أقرت في 2017 بأن للشركات الحق في فرض حظر على الرموز الدينية في ظروف معينة، وهو ما أثار حينها انتقادات من جماعات حقوقية ودينية.
يُشار إلى أن عدد المسلمين في ألمانيا يتجاوز خمسة ملايين شخص، ما يجعلهم أكبر أقلية دينية في البلاد. وتُعد قضية الحجاب في أماكن العمل من أبرز المواضيع المرتبطة بجدلية الدمج والانفتاح الثقافي في المجتمع الألماني.