خاص- التصريحات التي أطلقها النائب خميس عطية، زعيم كتلة إرادة في مجلس النواب، تعكس انفصالًا تامًا عن الواقع السياسي والتنظيمي داخل حزبه فبينما تتوالى الاستقالات الواحدة تلو الأخرى، ويبدو الحزب وكأنه يفقد أبرز قياداته بوتيرة متسارعة، لا يزال عطية مصرًّا على التمسك بشعارات رنانة ومقولات إنشائية لا تسمن ولا تغني من جوع.
النائب عطية يؤكد أن "حزب إرادة باق ويتمدد"، ولكن المشهد على الأرض يعكس عكس ذلك تمامًا فالاستقالات التي تضرب الحزب ليست مجرد أسماء عادية، بل هي شخصيات قيادية كانت تمثل العمود الفقري للحزب، بدءًا من الأمين العام نضال البطاينة ونائبه سعود القاضي، مرورًا بوزراء سابقين مثل حازم الناصر ومالك حداد وعلي الغزاوي، وصولًا إلى معالي الدكتور خالد سيف الذي أعلن استقالته بالأمس،فكيف يمكن لحزب أن "يتمدد" وهو يفقد هذه الأسماء البارزة؟
بدلًا من الاعتراف بالمشكلة الحقيقية، لجأ خميس عطية إلى خطاب عاطفي مستهلك، مستخدمًا استعارات مثل "الشجرة المثمرة هي التي تُرمى بالحجارة"، وكأن الاستقالات مجرد مؤامرة ضد الحزب وليس نتيجة خلل داخلي عميق إن محاولة التمويه على الأزمة الداخلية بهذا الشكل لا تنطلي على أحد، بل تزيد الشكوك حول قدرة الحزب على البقاء أصلًا.
كان الأولى بعطية أن يتحدث بوضوح، أن يواجه الواقع بشجاعة، ويشرح للرأي العام ولأعضاء الحزب الأسباب الحقيقية وراء هذا النزيف التنظيمي لماذا استقالت هذه القيادات؟ ما الذي يجري داخل الحزب؟ هل هناك أزمة قيادة؟ هل هناك خلافات داخلية لم يتمكن الحزب من حلّها؟ هذه هي الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات، وليس تكرار الشعارات الرنانة التي لا تعالج شيئًا.
من الواضح أن حزب إرادة يمر بمرحلة مفصلية قد تحدد مستقبله، فإما أن يواجه قياديوه الحقيقة بشجاعة ويتخذوا إجراءات جادة لإصلاح الخلل، وإما أن ينتهي الحزب كغيره من المشاريع السياسية التي انهارت تحت وطأة الأزمات الداخلية، و تصريحات عطية التي تتجاهل هذه الحقائق لن تنقذ الحزب، بل ستزيد من سرعة انهياره.
على خميس عطية أن يدرك أن الحزب ليس مجرد أرقام جامدة، فالقول إن "الحزب لديه 10,200 عضوًا" لا يعني شيئًا إذا كانت النخبة القيادية التي توجه الحزب هي التي تغادر، فالحزب ليس مجرد عدد، بل مشروع سياسي يحتاج إلى قيادة قادرة على إدارة الأزمات، وليس إلى إنكارها.
في النهاية، إن لم يدرك خميس عطية ومن معه حجم الأزمة التي يواجهها "إرادة"، فسيجدون أنفسهم في حزب بلا قيادة، بلا تأثير، وربما بلا وجود حقيقي على الساحة السياسية قريبًا.