في خطوة لا يمكن وصفها إلا بأنها تصعيد خطير، تواصل وزارة العمل ممارساتها تجاه نقابة أصحاب استقدام واستخدام العاملين في المنازل، في مشهد أشبه بمعركة ثأرية مفتوحة، بعيدًا عن روح التعاون والمصلحة العامة، فمنذ أن تم تحويل ملف النقابة إلى النائب العام، وهو إجراء قد يحمل مبررات قانونية، تحولت الوزارة إلى ساحة صراع يبدو أن الهدف منه تصفية الحسابات وضرب النقابة في صميم وجودها.
في الوقت الذي يفتخر فيه وزير العمل خالد البكار بزياراته للنقابات المختلفة وفتح قنوات الحوار معها، نجد أن نقابة استقدام العاملين في المنازل تعامل كأنها عدو لا شريك، النقابة ورغم مطالباتها المستمرة بفتح باب الحوار مع الوزير لمناقشة قضايا القطاع، قوبلت بتجاهل مستمر وصمت مطبق هذه السياسة تثير التساؤل: لماذا يتم التعامل مع هذه النقابة وكأنها كيان دخيل على الدولة؟ هل يعقل أن تكون هذه النقابة، التي تضم مكاتب أردنية تعمل في خدمة المجتمع، مستثناة من حقوق الحوار والتفاوض؟
القرار الصادم الذي اتخذته الوزارة بفتح باب الترخيص لمكاتب استقدام العاملات، بحجة واهية تدعي تعزيز التنافسية، يمثل ضربة قاضية للنقابة والقطاع بأكمله فمنذ عام 2012، كان هذا الباب مغلقًا، واليوم يُفتح فجأة ودون دراسة واضحة، مما يؤكد أن الهدف ليس تنظيم القطاع بل تفكيكه وإضعافه، فإغراق السوق بـ100 مكتب جديد لاستقدام العاملات في عمّان وحدها يعكس سياسة لا تمت بصلة إلى التنافسية المدروسة، بل تشير إلى خطة تهدف إلى كسر شوكة النقابة وتشتيت جهودها، فهذا القرار لن يؤدي إلا إلى خلق حالة من الفوضى والعشوائية التي ستنعكس سلبًا على القطاع بأكمله.
الوزير، القادم من القطاع الخاص بشعارات التشاركية والشراكة، يبدو أنه تخلى عن هذه القيم عندما تعلق الأمر بنقابة استقدام العاملين، القرارات التي يتم الترويج لها كخطوات إصلاحية تفتقر إلى أي مضمون عملي على الأرض، بل تكشف عن نوايا خفية لضرب النقابة وإضعافها، في مشهد يثير الكثير من علامات الاستفهام حول أجندات الوزارة الحقيقية.
قرار فتح السوق أمام هذا العدد الهائل من المكاتب سيؤدي إلى فوضى تنظيمية غير مسبوقة، فالنقابة، التي كافحت لسنوات لتنظيم القطاع وضمان جودته، تجد نفسها اليوم أمام تهديد وجودي قد يدمر مكتسباتها المواطن الأردني، الذي يعتمد على هذه الخدمات، سيكون أول من يدفع الثمن من خلال انخفاض جودة الخدمات وارتفاع التكاليف نتيجة للفوضى التي ستسود السوق.
إن ما يحدث اليوم لا يمكن وصفه إلا بأنه معركة كسر عظم بين وزارة العمل ونقابة استقدام العاملين في المنازل، معركة لا رابح فيها إذا استمرت الوزارة في هذا النهج العدائي، فإن الخسائر لن تقتصر على النقابة، بل ستشمل القطاع بأكمله، بما فيه المواطنين.
هل ستتراجع الوزارة عن هذا النهج المدمر؟ أم أن التعنت سيستمر على حساب المصلحة العامة؟ الأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت هناك نوايا حقيقية للإصلاح أم أن المسألة ليست سوى تصفية حسابات شخصية ستنتهي بإقامة صلاة الغائب أو الجنازة على هذا القطاع الذي يحتاج فقط إلى موعد لإقامة الصلاة بأربع تكبيرات وبقي أن نقول "اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله".