*النائب الروابدة: تأكدتُ من المعلومات وصحتها بزيارة، وسأحول القضية إلى استجواب إذا لم أقتنع بإجابة وزير العدل.
*خبير وحقوقي في مجال الإعاقة: المركز الوطني للصحة النفسية/القسم القضائي هو مقبرة فوق الأرض، وهناك 80 محتجزًا منذ عقود بشكل غير قانوني.
*النزلاء يُتركون دون خطة لإعادة دمجهم بالرغم من وجود تقارير طبية تؤكد شفائهم.
*انتحار نزلاء بسبب اليأس والإهمال دون أي محاسبة أو تحرك رسمي.
*القسم القضائي في المركز ليس مجرد ملف إداري، بل جرح إنساني نازف يحتاج إلى من يعلق الجرس.
هبة الحاج- في زاوية مظلمة من نظام العدالة، تتكشف معاناة أكثر من 80 نزيلاً من النزلاء النفسيين في القسم القضائي بالمركز الوطني للصحة النفسية/ الفحيص، فعلى الرغم من تقارير طبية تؤكد شفاءهم وقدرتهم على الاندماج في المجتمع، إلا أنه لم يفرج عنهم، ليبقوا رهائن خلف أسوار المركز في معاناة مستمرة تتجاوز كل الحدود الإنسانية والقانونية.
النائب باسم الروابدة يفتح الملف
النائب باسم الروابدة، كشف النقاب عن هذه القضية في سؤال نيابي وجهه لوزير العدل مؤخراً، وطلب منه توضيحات عن عدد نزلاء القسم القضائي في المركز الوطني للصحة النفسية الذين انطبقت عليهم شروط الشفاء الاجتماعي خلال العامين 2023 و 2024، حسب التقارير الطبية.
وتساءل عن سبب عدم شمول نزلاء القسم القضائي حسب أحكام قوانين العفو العام كسائر المواطنين الأردنيين وما هي أسباب مخالفة أحكام المادة 5/6 و7و8 من الدستور والمادة 5 من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لعام 2017 وما هي الأسباب الحقيقة لتعطيل النصوص القانونية المذكورة رغم أنها سارية المفعول.
أخبار البلد تواصلت مع النائب الروابدة للاستفسار عن السؤال النيابي الموجه ودوافعه، حيث قال "تلقيت معلومات من حقوقي داخل المركز تفيد بوجود نزلاء أنهوا مدة محكوميتهم، وحصلوا على تقارير طبية تثبت قدرتهم على العيش في المجتمع، لكنهم ما زالوا محتجزين دون أي متابعة قانونية أو اجتماعية."
الروابدة أكد زيارته للمركز والتأكد من صحة المعلومات، محذراً من تحويل القضية إلى استجواب نيابي إذا لم يقتنع بإجابات وزير العدل، كما استفسر عن حجم الخسائر المادية التي تتكبدها الحكومة نتيجة احتجاز هؤلاء الأشخاص، وعن مخالفة أحكام الدستور وقوانين حقوق الإنسان.
معاناة إنسانية خلف الأسوار
المهندس حسين النجار، رئيس جمعية تفاؤل سابقاً، و رئيس لجنة الاستشارات والتدريب والتأهيل في جمعية الأصالة لحقوق ذوي الإعاقة ألقى الضوء عبر أخبار البلد على الجوانب الأكثر إيلاماً لهذه القضية، النجار وصف المركز بأنه "مقبرة فوق الأرض"، حيث يحتجز حوالي 80 شخصاً بشكل غير قانوني، بعضهم مضى على وجوده في المركز أكثر من ثلاثة عقود.
يقول النجار:
"القانون الأردني ينص على أن من يرتكب جريمة تحت تأثير المرض النفسي يُحال للمركز لغرض الاستشفاء، لكن ما يحدث أن النزلاء يُتركون هناك دون أي خطة لإعادة دمجهم في المجتمع، على الرغم من وجود تقارير طبية تؤكد شفائهم."
من بين القصص المأساوية التي وثقها النجار:
النزيل أحمد (ق): على الرغم من شموله بثلاثة قوانين عفو عام (1992، 1999، 2011)، إلا أنه لم يُفرج عنه، و في نهاية المطاف، أقدم على الانتحار داخل المركز، بالإضافة لحالات أخرى "انتحار نزلاء" نتيجة اليأس والعزلة، وأخرى عانت من الإهمال دون أي محاسبة أو تحرك رسمي.
مخالفة صارخة للقانون والدستور
القضية تكشف عن انتهاكات خطيرة للمواد الدستورية والقوانين، بما في ذلك:
1. المادة 5 من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة: التي تنص على منع احتجاز الأشخاص بسبب إعاقتهم.
2. الدستور الأردني: الذي يضمن حقوق المواطنين كافة، بما في ذلك نزلاء المراكز الصحية.
وطالب النائب الروابدة والحقوقي النجار بالإفراج الفوري عن النزلاء الذين انطبقت عليهم شروط الشفاء الاجتماعي، وإعادة تأهيلهم بتوفير برامج تأهيل اجتماعي تديرها وزارة التنمية الاجتماعية لدمج النزلاء في المجتمع، وتفعيل الرقابة عن طريق تشكيل لجنة رقابية مستقلة لمتابعة أوضاع النزلاء وظروف احتجازهم.
هذه القضية ليست مجرد ملف إداري أو قانوني؛ بل جرح إنساني نازف مصير عشرات الأشخاص معلق بقرارات تحتاج إلى شجاعة قانونية وإنسانية...