لنمتلك شجاعة الاعتذار حتى نَجِد لأنفسنا مكاناً تحت الشمس

لنمتلك شجاعة الاعتذار حتى نَجِد لأنفسنا مكاناً تحت الشمس
مروان طوباسي
أخبار البلد -  

في وقت بقي الدم الفلسطيني دماً مسفوحاً حتى اليوم منذ مر السنين لأن هناك من ابتلى شعبنا إلا أن يقتل يومياً وبشتى الطرق والأساليب، تختلف الوسائل بها وتبقى النتيجة واحدة في محاولات ما تسعى له الحركة العنصرية الصهيونية التي لا تقبل الغير في هذا العالم الذي يفترض به أن يكون حراً، فبقي متفرجاً بل وبجزء منه مشاركاً، حتى أضحت المحارق في غزة اليوم وكأنها عملاً لم يعد جريمة استثنائية وحشية أو حتى لا تعنينا في مناطق أخرى من الوطن الذي يفترض بأن يكون واحداً موحداً، لأنهم أشغلوا مجتمعاتنا بالمشرق العربي باختلاق أسس الفوضى بعد الاستعمار التي باتت تأخذنا إلى مشاهدة الغزوات وجحيم الحياة، كما يريدون لنا، ونحن قبائل متقاتلين ومتفرجين على ما يُخطط ويُنفذ لنا وبأدوار البعض من تلك القبائل التي آن لها أن تعتذر لشعبنا الذي يستحق وحدة الحال والحياة .


يقول راحلنا الكبير محمود درويش: "نصير شعباً عندما ننسى ما تقوله لنا القبيلة. في المجتمعات العربية فشلنا في العقود الأخيرة في خلق إنسانٍ يُفكر ويعي معنى الوطنية والمواطنة والدولة المدنية الديمقراطية، فقد تَشكل لدينا جمهور، جمهور مُصفق وجمهور لاعن، يُصفق مرة ويلعَن مرة أخرى، لكنه لا يُفكر لأنه ملتزم بما تقوله القبيلة.


إن ذلك نتاج عقلية القطيع التي حاول وما زال يحاول فرضها من يعتقدون أن اللٌه لم يهد سواهم، أو من الذين يعتقدون أنهم يمتلكون الحقيقة والمعرفة وحدهم دون غيرهم، فلم يسمحوا بمبادرات نقدية تحت سطوة تُهم التكفير أو أمتلاك الأجندات الخارجية. إنها العقلية المبرمجة التي تُمرِر ما يُخطط المُستعمِر له وتؤخر التطور الإنساني، وتعيق الفكر النقدي والبحث عن الأفضل . هي نموذج من محاولات فرض الفكر الظلامي والشمولي الأحادي ومحاربة التعددية ومنع مبادرات استقلال وحرية التفكير، وصولاً لما هو أجمل وأفضل في الحياة .


فكُنا أن وصلنا إلى ما نحن عليه الآن في مجتمعاتنا من أوضاع تُسهل إخضاعنا والسيطرة علينا بما يؤخر نهوضنا وحرياتنا وتقدمنا ويُمكن من استدامة استعمارنا بمسميات مختلفة. فمتى ننهض بعيداً عن مسميات أبناء القبيلة، وما تقوله لنا والجمهور التابع، لنصير شعباً يحس بالانتماء والارتباط والتواصل والعطاء الإبداعي في أوطان يجب أن لا نشعر بالاغتراب فيها، وحتى يتجسد بها ما قاله أبو الوطنية الفلسطينية أبو عمار حين نعيش في وطن حُر لشعب من الأحرار .


وحتى لا تسود فكرة أن تَبقى هناك أغلبية صامتة تُراقب ما يَجري دُون تعليق، وحتى لا نبقى موتى، ولكي نجد لنا مكاناً على هذه الأرض تحت الشمس كما غيرنا من الشعوب وجدت، هناك حاجة لاعادة قراءة ما كتبه فرانتز فانون وجان بول سارتر وآخرون، فيمكن لذلك أن يُفسر بعض ما يَحصل في مُجتمعاتنا من ظواهر لها علاقة بما يتركهُ المُستعمِر علينا كشعوب ما زالت مُستَعمَرة من آثار، نعكسها كشعوب في ضعف أداء البعض منا أو في علاقاتنا بين بعضنا البعض، أو في فِهمنا للأمور لتكون نتائجها أو اَثارها عوامل تؤدي لاستمرار إخضاعنا وعدم تَقدُمنا في مسيرة الكفاح الوطني الديمقراطي بمكوناته الفكرية والسياسية والاجتماعية .


واليوم، وفي نهاية عام مضى، لا أجد كلاماً سوى الاعتذار عن نفسي، وأن أقول لشعبنا في غزة، سامحونا إن خانتنا قوتنا، بل وربما إرادتنا. سامحونا إن ظل العجز سيد موقفنا تحت مبرر احتكار الحقيقة أو دون مبرر منطقي مقبول. فغزة ليست جرحاً غريباً، بل هي جزء منّا ومن جراحنا نحن .


لكننا، وإن كنا نحن الذين خذلناها أمام وحشية وبطش المُحتل وجرائم الإبادة والاقتلاع فيها تحت مبررات واهية أو بدونها حتى، وأمام من استغل حق فكر المقاومة ليتاجر بها لاحقاً كي يستمر وجوده باسم اللّه وباسم الدين ليبرر الظلم وليدّعي أن قهرها انتصار وأن جراح شعبنا فيها طريق لتحقيق الغايات. فرغم ما أصاب عدونا من هزات وخسائر يتوجب رفع تكلفتها عليه كي يتغير الوعي في مجتمعاته المتباينة أصلاً كمستعمرين من أصول شتى. فليكن اعتذارنا كفاحاً وطنياً مقاوماً مستمراً عقلانياً وواقعياً دون أوهام بحكم الظرف والزمان والمكان، وبروحٍ تتسع للشراكة في اتخاذ القرار تحت مظلة منظمة التحرير التي تحتاج منا الكثير للحفاظ عليها، وإحياء دورها وتطوير أدائها.


حتى نتمكن من أن نحمي أنفسنا وشعبنا من مزيد من الجراح، ومن فرض الهزائم علينا مرة بعد أخرى. فالنصر لا يأتي إلا بمراجعة النفس ونقد الذات وتصحيح المسار، وبالوحدة قانون الانتصار التي تجمع شتاتنا وتوحد صفوفنا، حتى نحقق الحرية لشعبنا والكرامة لوطننا، بعزيمة متجددة وإرادة لا تنكسر أمام أعداء الحياة، لأن شعبنا هو من يستحق العدالة والحرية والحياة في وطن واحد لا نملك سواه، وكل عام والأمل يتجدد فينا بأن أجمل الأيام هي التي لم نعشها بعد .


في العام الجديد، ومع ذكرى انطلاق ثورتنا، لتكن الشجاعة هي معاني كلمات الأغنية التي سنرددها بموسيقى من المراجعة النقدية، وبالأمل الذي هو النور الذي يضيء دروبنا، ووحدة حالنا نحو غدٍ مشرق. ومع رنين أجراس العام الجديد، نزرع أحلاماً جديدة دون أوهام، ونمضي إلى الأمام بإيمان وقوة، عازمين على أن نجعل القادم أجمل.

شريط الأخبار تعرفوا على مجموعة النشامى في كأس العالم 2026 الأردن ودول عربية وإسلامية قلقون من تصريحات إسرائيلية بشأن معبر رفح الزراعة : مهرجان الزيتون الوطني خالٍ من غش الزيت.. ونثمّن جهود الأمن العام بتنظيم الحركة المرورية بدء حفل قرعة كأس العالم 2026 6031 جمعية قائمة بموجب قانون الجمعيات النافذ - تفاصيل الأمير علي يترأس الوفد الأردني في قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن الأردن الثالث عربيا في عدد تأشيرات الهجرة إلى أميركا لعام 2024 العثور على جثة داخل منزل في الأزرق.. والقبض على الجاني 164 ألف مركبة دخلت المنطقة الحرة خلال أول 10 أشهر من العام الحالي غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية مجددا.. خلل تقني يتسبب بتعطل مواقع عالمية على الإنترنت فريق المبيعات في دائرة تطوير الأعمال في المجموعة العربية الأردنية للتأمين يحقق التارجت السنوي كاملاً والشركة تحتفي بإنجازهم عشرات الآلاف يُؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى 3 وفيات وإصابة إثر تسرّب غاز في عمان الجيش: القبض على شخصين حاولا التسلل من الواجهة الشمالية عبيدات: تقليم أشجار الزيتون يلعب دورا كبيرا في تحسين الإنتاج شهيد باقتحام الاحتلال بلدة أودلا جنوبي نابلس الجيش يحبط تهريب مخدرات بواسطة "درون" على الواجهة الغربية الملك يشارك في قمة أردنية أوروبية بعمّان في كانون الثاني 2026 الاتحاد الأردني لشركات التأمين يختتم أعمال البرنامج التدريبي الأخير ضمن خطته التدريبية لعام 2025