زياد الرفاتي
تم تأسيس ديوان المحاسبة في الأردن استنادا لأحكام المادة (119) من الدستور التي نصت على " أن يشكل بقانون ديوان محاسبة لمراقبة ايراد الدولة ونفقاتها وطرق صرفها ويقدم الى مجلسي الأعيان والنواب تقريرا عاما يتضمن المخالفات المرتكبة والمسؤولية المترتبة عليها وأراءه وملاحظاته وذلك في بدء كل دورة عادية أو كلما طلب أحد المجلسين منه ذلك " .
أن الدستور حدد مهام ديوان المحاسبة والجهات التي ترفع اليها تقاريره ، وبناء على ذلك يقوم بمزاولة مهامه استنادا الى قانونه الخاص بذلك ويصدر تقارير سنوية تقدم الى مجلسي الأعيان والنواب اضافة الى رئيس الوزراء وكان اخرها التقرير السنوي الصادر عن العام 2023 و قدم لرئيسي المجلسين في الرابع والعشرين من كانون الأول 2024 ليتم احالته كما جرت العادة على اللجنة المالية للمجلسين لمناقشته بالتفصيل وتقديم نتائج المناقشة والتوصيات لأعضاء المجلسين ، وقد بدأ بالفعل مجلس النواب بمناقشته الاثنين الماضي .
ومبدأ عمل ديوان المحاسبة بشكل عام موجود في العديد من الدول العربية والولايات المتحدة .
وفيما يلي بعض المقترحات للتطوير المستمر الذي تقوم به ادارة الديوان على الأداء الرقابي ومخرجاته وتقاريره :-
1-صدر تقرير 2023 في نهاية 2024.
أي استغرق تجميعه واعداده واصداره بشكله النهائي نحو عام وهي مدة ليست قصيرة لحصاد عام كامل من الرقابة ، ويفضل تسريع دورية اصدار التقرير لتصبح ربعيا في نهاية أذار وحزيران وأيلول وكانون الأول من كل عام وفي ذلك تحقيق لمبدأ التوقيت المناسب في تقديم المعلومات والملاحظات والتقارير الى الجهات المستفيدة منها ومتخذي القرارات ، وسرعة الاطلاع عليها واتخاذ الاجراءاتاللازمة في المعالجة والتصويب وتجنبا لمرور الزمن الطويل عليها وفقدانها الأهمية والعناية المطلوبة ، لا سيما أن يعضها تتطلب قرارات سريعة حولها ، علما أن ملاحظات عديدة من سنوات سابقة ما زالت عالقة ولم تحل بعد .
2-يظهر التطبيق العملي أهمية التطوير المستمر على التقرير ،و نقاش ملاحظات التقرير السنوي يأخذوقتا طويلا من اللجان المالية للمجلسين مع الجهات المشمولة بالرقابة ، ليضاف ذلك الوقت الى الوقت الممتد بين سنة التقرير وتوقيت اصداره وهو وقت طويل أيضا .
ويمكن تطوير الية أخرى لاصدار التقرير بحجم وعدد صفحات أقل ولاختصار الوقت والاجراءات في النقاشات وسرعة الوصول الى النتائج المرجوة بأقل التكالبف حيث الوقت يمثل كلفة ، من خلال ما يلي :-
ا- اعداد ملخص بأبرز جوانب التقرير .
ب- تقسيم الملاحظات العالقة والتي لم يتم تصويبها بعد ، حسب مستوى المخاطرة الى ثلاثة مستويات :-
- ملاحظات منخفضة المخاطر . يصدر بها تقرير منفصل ويتم متابعتها من قبل الديوان للتصويب وبعد الانتهاء من تصويبها تأخذ الحكومة علما بذلك .
- ملاحظات متوسطة المخاطر . يصدر بها تقرير منفصل ويتم متابعتها من قبل اللجنة الوزارية في رئاسة الوزراء المكلفة بدراسة ملاحظات ديوان المحاسبة مع الجهات الحكومية للوصول الى حلول حولها وبمشاركة الديوان في اللجنة ، وتقدم نتائج أعمالها الى مجلس الوزراء باعتباره مرجعية .
- ملاحظات عاليةالمخاطر أو خطرة جدا . وعادة ما يكون عددها محدودا وتأخذ أهمية نسبية في النقاش ليصدر بها تقرير منفصل يرفع الى مجلسي الأعيان والنواب ورئيس الوزراء .
3- اشتمل التقرير على 417 مخرجا رقابيا تضمنت 4883 ملاحظة ومخالفة للأنظمة والاجراءات في 2023 تم تصويب 2366 منها وبنسبة 48% أي نحو النصف .
وتم تحويل ما مجموعه 42 مخرجا رقابيا الى القضاء أو هيئة النزاهة ومكافحة الفساد لمزيد من التحقيق أو الى ديوان التشريع والرأي في رئاسة الوزراء لبيان الرأي حول الأمور الخلافية بين الديوان والجهات المشمولة برقابته .
وللتقليل من الملاحظات والمخالفات قدر الامكان ، لا بد من تفعيل أنظمة المخاطر والحوكمة الرشيدة ومبدأ الثواب والعقاب وعمل وحدات التدقيق والرقابة الداخلية لدى الجهات الخاضعة لرقابة الديوان ورفدها بالكوادر الكافية و المتخصصة بالعمل التدقيقي والرقابي وحسن اختيارهم والارتقاء بدورهم واشراكهم بدورات تدربيبة ، لتقوم بدورها على أكمل وجه ولتكون عونا لديوان المحاسبة في الاضطلاع بمسؤولياته حيث كلما ارتفع معياري الكفاءة والتأهيل العلمي والخبرة العملية لدى كوادر الوحدات الداخلية كلما زاد اعتماد الديوان عليها في الرقابة وتقاريرها المعدة وقلص من نطاق عمله لينتقل الى تأدية مهام و مسؤوليات أعلى تتطلبها طبيعة العمل .
4-التأكيد على الاستمرار في اتباع أفضل الممارسات الرقابية التي تتفق مع المعايير الدولية والقيم المؤسسية وفتح افاق جديدة لعمله وعدم بقائها محصورة والتوجه نحو الرقمنة بهدف تسهيل عمل الديوان .
وهذا يتطلب تعزيز موازنة ديوان المحاسبة وتوفير الدعم البشري والمالي والتقني واللوجستي ومنحه امكانية استقطاب أصحاب الشهادات المهنيةالدولية والخبرات المؤهلة للعمل فيه ولتمكينه من مواصلة دوره بحرفية ومهنية عالية والاهتمام بدور الديوان كمرجعية رقابية .
5-أهمية أن ينتقل الديوان في عمله الى تدقيق الحساب الختامي للايرادات العامة والنفقات العامة الفعلية للموازنةفي نهاية كل سنة مالية ، ومقارنة وتحليل الأرقام الفعلية مع التقديرية المعتمدة من مجلس الوزراء ومجلسي الأعيان والنواب في بداية كل عام وتحديد الانحرافات بينها سواء مفضلة أو غير مفضلة وتفسير أسبابها لا سيما الجوهرية منها التي تتجاوز الحدود الطبيعية لنسبة الانحرافوالمسؤول عن التجاوز
وتقديم تقارير بنتائج التدقيق والتحليل الى المجالس أعلاه .
6-الحرص الحكومي المستمر في تقديم الدعم والحفاظ على استقلالية ونزاهة عمل ديوان المحاسبة وبما يعزز الثقة والطمأنينة بمخرجاته الرقابية ودوره في مساعدة السلطتين التشريعية والتنفيذية بتعزيز الشفافية والعدالة في القرارات المالية والادارية التي تتخذها الادارات الحكومية والالتزام بنهج الشفافية وتحسين الأداء ومعالجة الخلل ، وادامة العلاقة التكاملية للديوان والتعاون المستمر والشراكة مع مجلسي الأعيان والنواب ولجانه المختصة في الرقابة الفعالة والمساءلة على المال العام وبما يخدم المصلحة العامة ، وتكريس ممارسات برلمانية جديدة تختلف عما كان عليه الحال في المجالس النيابية السابقة من خلال رقابة نواب الحزب أو الكتلة النيابية على الحكومة بموقف جماعي ويتوافق مع تحديث المنظومة السياسية .
7-يرتكز الديوان في عمله الرقابي على التدقيق اللاحق أي بعد اتمام المعاملة المالية أو الادارية من قبل الجهة المشمولة بالرقابة .
مما يدعو الى أهمية التحول ولو تدريجيا الى التدقيق المسبق أي التدقيق قبل الصرف وقبل اتخاذ القرار ، لما في ذلك من فوائد جمة بتحسين الأداء المالي والاداري وتكريس الردع والحيطة والاحتراز من طرف الجهات التنفيذية والحد من وقوع الأخطاء قبل الصرف والتي أحيانا قد يصعب اكتشافها بعد الصرف ورفع كفاءة الانفاق وضبط الهدر غير المبرر وانعكاس ذلك ايجابا في ضبط عجز الموازنة والدين العام .
8- أظهر تقرير 2023 تحقيق الديوان وفرا بنحو 30 مليون دينار مما يظهر الجهد المبذول من كوادره ويعادل نحو ضعفي موازنة الديوان ، وفي المقابل حقق وفرا مقداره 103 مليون دينار في 2022 .
وغالبا ما يتحقق الوفر من التسويات الضريبية مع المكلفين والعطاءات والمشتريات من خلال مشاركة مندوبوالديوان في لجانها باعتباره رقابة وقائية للحد منوقوع الأخطاء أو المخالفات أو التجاوزات غير المتعمدة أو المتعمدة في مثل هذه الحالات .