أخبار البلد - يُؤكد رئيس الكليات العسكرية في جيش الاحتلال الجنرال في الاحتياط اسحاق بريك، أنه لا أمل لإسرائيل في ظل قيادتها السياسية والقيادة العسكرية العليا الحالية، ولن يتمكّن الإسرائيليون من إنقاذها وفتح أفق جديد لها إلا من خلال استبدال القيادتين فوراً بجيل جديد من القادة.
ويتوّقف في مقال نشرته صحيفة «معاريف» عند قول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لصحيفة "وول ستريت جورنال” الأمريكية، إنه لن يوافق على وقف الحرب "قبل القضاء على حركة «حماس»، فيؤكد أنه «لا يوجد هراء أو كليشيه أكبر من تصريح رئيس الوزراء هذا، وأنه مع مرور الوقت، تَفقد إسرائيل قدرتها في القضاء على «حماس» أكثر فأكثر، واليوم، تسيطر الحركة على قطاع غزة بقبضة حديدية، ويختبئ الآلاف من مقاتليها في أنفاق تحت الأرض، تمتد مئات الكيلومترات. ومؤخراً، رفدت الحركة جناحها العسكري بتعزيزات تضم 3000 مقاتل شاب».
ويضيف بريك: "أنفاق «حماس» مليئة بالمُؤن بفضل المساعدات الإنسانية التي تسيطر عليها الحركة التي تواصل الحصول على الذخيرة ووسائل القتال من سيناء، عبر الأنفاق التي تمر تحت محور فيلادلفيا، وكذلك، عبر الطائرات المسيّرة القادمة من مصر، حتى إن الأنفاق الواقعة تحت محور نيتساريم لم تُغلق، وهو ما يسمح بمرور الأسلحة ومقاتلي حماس إلى شمال القطاع بحرية».
بريك الذي تنبأ بـ«طوفان الأقصى» ويُعرف بنبي الغضب في إسرائيل، يرى أن «جميع الادعاءات التي يعرضها المستويان السياسي والعسكري بشأن سيطرتنا على محورَي فيلادلفيا ونيتساريم ليست سوى أوهام»، ويعلّلها بالقول: "صحيح أننا موجودون فوق الأرض، لكن يجري كثير من الأمور التي تستمر تحتها في الأنفاق من دون أيّ سيطرة فعلية للجيش الإسرائيلي عليها. إذ لا تزال «حماس» تدير قطاع غزة، وها نحن نضطر، للمرة الخامسة، إلى العودة إلى اجتياح جباليا، وتكرر هذا في مناطق أُخرى. خسرنا عدداً كبيراً من الجنود والجرحى المصابين بإصابات خطِرة (في الاجتياح الخامس لجباليا وحده، خسرنا ما يقارب أربعين جندياً).
ويشير إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يملك القدرة على القضاء على "حماس” بسبب نقص الاحتياطي البشري للقوات الإسرائيلية. «إن جنود الجيش لا يبقون في المناطق التي يسيطرون عليها فترات طويلة، وهذا هو السبب الكامن وراء الفشل في القضاء على حُكم "حماس” وتدمير أنفاقها بشكل جدّي. ينفّذ الجيش غارات، مراراً وتكراراً، من دون أيّ هدف واضح، وهذه الغارات لا تُساهم في إسقاط "حماس”. ويتابع: "هكذا، وفي إطار هذه الحلقة المفرغة من الكليشيهات، يضحّي نتنياهو بإنقاذ الأسرى الذين يعانون في أنفاق حماس. هذا كله يخدم مصلحته العليا المتمثلة في استمرار الحرب من أجل البقاء في السلطة».
وطبقاً لبريك، يُمثل التخلّي عن الأسرى وتركهم للموت في أنفاق "حماس” انتهاكاً خطيراً لكل القيم الأساسية التي تربّت عليها أجيال من الجنود والمواطنين الإسرائيليين، معتبراً أن هذا التخلي يُعد خيانة من الدولة لمواطنيها وستكون عواقب أفعال نتنياهو وأعوانه المشينة تلك كارثية، إذ سيُظهر المواطنون والجنود الذين تخلت عنهم الدولة في أحلك أوقاتهم، عدم رغبتهم في تقديم أيّ مساهمة للدولة، ومن المؤكد أنهم سيفقدون الرغبة في الانضمام إلى الجيش.
ويعود بريك لرشّ الماء البارد على التصريحات الإسرائيلية المتعجرفة عن "شرق أوسط جديد” بقوله إنه كاد أن يكون وحيدًا الذي قال إننا أضعفنا «حزب الله»، لكننا لم نقضِ عليه. وفعلاً، لم يكد يمرّ وقت طويل، ليستمر الحزب بقتالنا في حرب استنزاف رغم اغتيال قيادته.
ويتابع في هذا المضمار: "قرر المستوى السياسي قبول وقف القتال الذي يعني الاستسلام لشروط «حزب الله»، وأعاد الجيش إلى داخل إسرائيل، بعد أن أدرك أنه لا يملك القدرة على حسم المعركة ضد الحزب. إذاً، ما الذي حدث بالضبط بعد أن بدا للجميع كأن الجيش الإسرائيلي حسم المعركة ضد «حزب الله»؟ القصة بسيطة جداً، وأنا أتحدث عنها منذ أعوام عديدة. خلال العشرين عاماً الماضية، قام الجيش بتقليص حجم قواته البرية، فجرى تقليص آلاف الدبابات، وخفض 50% من كتائب المدفعية، وتقليص ألوية المشاة. وإجمالاً، تمّ إلغاء ست فرق. هذا هو سبب افتقار الجيش الإسرائيلي إلى الاحتياط البشري اللازم للمناورة بعمق داخل صفوف العدو، والبقاء في المناطق التي يسيطر عليها، والانتشار في عدة جبهات في الوقت نفسه».
يؤكد بريك مجدداً أن هذا هو السبب الذي يجعل الجيش الإسرائيلي عاجزاً عن حسم المعركة، لا مع «حماس»، ولا مع حزب الله. ويقول إن هناك فرقاً شاسعاً بين ما يحدث على أرض الواقع وبين أكاذيب المستويين السياسي والعسكري في محاولة لخلق صورة إيجابية على حساب الحقيقة.