نشرت صحيفة "إندبندنت” تقريراً أعدته نادين وايت قالت فيه إن الناجين المسلمين من حريق برج غرينفيل في لندن حرموا من الأكل الحلال.
وكشف التحقيق في ظروف احتراق البرج، عام 2017، والذي قتل فيه 72 شخصاً، أن المجلس المحلي تخلّى عن المسلمين وحرمهم من حقهم في الطعام الحلال، بعدما تم إسكانهم في مساكن وفنادق بشكل مؤقت.
وجاء التقرير النهائي في الحادث هذا الأسبوع، بعد تأخر طويل، وتوصّلَ إلى أن الحريق كان نتيجة "عقود من الفشل” الذي تتحمّل مسؤوليته الحكومة المركزية وشركات الإنشاءات وعدم تحركها لمعالجة مخاطر الكسوة القابلة للاشتعال التي ركبت على واجهة المبنى.
وتوصل التقرير إلى أنه كان يجب على مجلس كنزينغتون وتشيلسي بذل المزيد من الجهود لتلبية احتياجات الأشخاص من خلفيات متنوعة.
وكان العديد من المقيمين في البرج يصومون شهر رمضان، ولكن الطعام الحلال لم يكن متاحاً في جميع الفنادق، كما لم يكن من الممكن مراعاة شرط تناول الطعام في أوقات محددة. وأدت النتائج إلى انتقادات من الممثلين للمسلمين في بريطانيا، وخاصة المجلس الإسلامي البريطاني الذي أشار إلى أن النتائج تعبّر عن "قضايا بنيوية ونظامية أوسع” تؤثر على مجتمعات الأقليات.
وقالت زارا محمد، الأمين العام للمجلس الإسلامي البريطاني، إن "معاملة مجتمعات الأقليات والدين من المجلس تعبّر عن مشاكل بنيوية ونظامية أوسع”، ويجب معالجتها. وقالت إن برج غرينفيل "لا يزال يشكّل تذكيراً صارخاً وصدمة لكثيرين، ليس فقط بسبب الحريق، ولكن أيضاً بسبب الطريقة التي تم فيها التعامل مع المكونات الأكثر ضعفاً في مجتمعنا. يجب أن نتعلم الكثير الآن، وبالنسبة لأولئك الذين كانوا ينتظرون العدالة، فإن تغييراً له معنى كهذا يظل أمراً ضرورياً”.
وقالت الصحيفة إن قضايا العرق والطبقة ارتبطت، وعلى نطاق واسع، بحادثة حريق برج غرينفيل. فنحو 85% من المقيمين الذين لقوا حتفهم في الحريق كانوا من الأقليات العرقية وأبناء العائلات من ذوي الدخل المنخفض، في حين ينتمي 40% من سكان المباني السكنية الاجتماعية الشاهقة إلى هذه المجتمعات.
وربطت الدكتور شبانة بيغوم، مديرة رانيميد تراست، بين العنصرية وحادثة برج غرينفيل والتفاوت الأوسع في الإسكان، وحذّرت من أن "الأمر مسألة وقت، قبل أن تحدث مأساة بنفس الحجم مرة أخرى”. ومضت قائلة: "كان حريق غرينفيل مأساة أمكن منعها، وشابها في كل مرحلة عنصرية بنيوية ومباشرة، بدءاً من القتلى، إلى معاملة الناجين والثكالى والمجتمع الأوسع، كما يؤكد أحدث تقرير من لجنة التحقيق. و”مرّت سبع سنوات، وما زال الضحايا بلا عدالة، ولا تزال آلاف المباني غير الآمنة قائمة في مختلف أنحاء البلاد”.
وما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة وكافية، فإن الأمر مسألة وقت قبل أن تحدث مأساة بنفس الحجم مرة أخرى.
وأضافت: "يشعر الملوّنون بأشدّ التأثيرات القاسية الناجمة عن أزمة الإسكان، ويعيشون بشكل غير متناسب في منازل غير آمنة وغير مناسبة، وغالباً ما يتم إسكانهم في أسوأ المساكن الاجتماعية، وأقلها جودة. وكحد أدنى، يجب أن يتمتع الجميع بالقدرة على الوصول إلى مساكن آمنة ومناسبة وبأسعار معقولة”.
وأشار تقرير لجنة غرينفيل إلى غياب الدعم للناس من أبناء المهاجرين، والذين لا يتحدثون الإنكليزية كلغة أولى.
وجاء في التقرير أن "أولئك الذين حصلوا على معلومات حول الدعم المتاح كانوا أول من حصلوا على المساعدة، في حين تم تجاهل أولئك الذين لم يحصلوا على المعلومات”.
و”كان لهذا أثرٌ على الناس المعرّضين لمخاطر أكبر، مثل من يعانون من مشاكل في التحرك، أو من لا يستطيعون التحدّث باللغة الإنكليزية. وعندما صدرت التعليمات الرسمية في النهاية، كانت باللغة الإنكليزية. وشمل ذلك الرسائل المرسلة إلى أولئك الذين تم وضعهم في الفنادق”.
ووصف الناس شعورهم بأنهم لم يكونوا قادرين على الاستفادة من التعليمات لأنهم لم يكونوا في وضع جيد لفهم التعليمات المكتوبة بالإنكليزية. ولهذا واجهوا صعوبات في الحصول على الخدمات والوصول إليها، ما أثار في أنفسهم حسّاً من غياب العدالة. علاوة على ذلك، لم يتم توفير مترجمين في كثير من الأحيان، وفي بعض الحالات، تم توفيرهم، ولكن باللغة الخاطئة، حسب تقرير لجنة التحقيق. وقال متحدث باسم حركة "حياة السود مهمة” إن ما ورد في التقرير هو "ما نعرفه بالفعل، ونعيش في مجتمع يقوم عليه التسلسل الهرمي للحياة الإنسانية وقيمتها بناء على لون بشرتك”.
و”يتم تحديد المنافع الاجتماعية والوصول إليها مثل السكن المناسب حسب فئتك وعرقك”. وبحسب التقرير فالحصول على الدعم للصحة العقلية لأبناء هذه المجتمعات دائماً ما يواجه عراقيل. وكان الدعم النفسي متوفراً منذ 16 حزيران/يونيو، لكن لم يتم إخبارهم به، ولم يستطيعوا الحصول على الاستشارة النفسية بسبب المعوقات اللغوية.
وقالت ميكا بيريسفورد، رئيسة السياسات في منظمة العمل من أجل المساواة العرقية، لصحيفة الإندبندنت إنها تأمل أن تؤخذ الدروس والتوصيات من هذا التقرير على محمل الجد و”كمسألة ملحة للغاية”. وأضافت: "لقد تم التخلي عن المتضررين من مأساة غرينفيل، وفي كل مرحلة”. و” التقرير النهائي الذي صدر اليوم واضح، لو كنت أسود، أو بني البشرة، أو مسلماً، أو تحدثت بالإنكليزية كلغة إضافية، فستواجه عقبات حتى للحصول على أبسط أشكال الدعم بعد الحريق”، و”عقود من الفشل التي سبقت المأساة، ويجب علينا ألا ننتظر طويلاً لوضع حد للعنصرية النظامية المستشرية والإسلاموفوبيا في بريطانيا”.
وفي تعليقات لإليزابيث كامبل، رئيس مجلس كنزنغتون وتشيلسي، قالت: "نيابة عن المجلس، أعتذر بلا تحفّظ، ومن كل قلبي، للثكالى والناجين وسكان غرينفيل عن فشلنا في الاستماع إليهم وحمايتهم”.
وقالت كامبل إن المجلس "يقبل بشكل كامل” نتائج التحقيق، التي تمثّل "نقداً لاذعاً لنظام محطم من الأعلى إلى الأسفل”.
وأضافت: "لقد فشلنا في الحفاظ على سلامة الناس قبل وأثناء التجديد، وفشلنا في معاملة الناس بإنسانية ورعاية في أعقاب ذلك”. وسوف نتعلم من كل انتقاد في التقرير، وسندرسه بعناية، ونشر رد مفصل في الخريف.