اخبار البلد- بسام بدارين - سهر المعلمون بالنكهة الإسلامية حتى ساعات فجر الجمعة إحتفالا بالنصر في أول إنتخابات للمعلمين تشهدها عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية منذ تأسست حيث تعالت صيحات الإسلاميين داخل قاعات نادي المعلمين وهم يهتفون 'هي لله هي لله.. ليس للسلطة أو للجاه'.
لكن بعد هذه الهتافات التي تدلل على إكتساح الأخوان المسلمين لحصة العاصمة في المجلس المركزي الجديد المتحدث بإسم المعلمين وهم اليوم القوة الأكبر في الشارع إستيقظت النخبة السياسية والإعلامية على هول المفاجأة المباغتة صباح الجمعة فالإسلاميون، وكما توقع مثقفون ونشطاء، حصدوا غالبية كبيرة من مقاعد تمثيل المعلمين في العاصمة وأهم المحافظات وتقاسموا ما تبقى مع اللجنة الوطنية للمعلمين التي تمثل نشطاء العشائر والقوى المحافظة.
وحصل ذلك في إطار غفلة من الجميع حيث برزت الحقيقة التي صدمت المراقبين في الأردن لان نقابة المعلمين الأردنيين الأولى في تاريخ البلاد أصبحت الآن بين يدي التحالف المشار إليه في مقدمة محتملة لما قد يحصل في الإنتخابات العامة التي أمر العاهل الأردني الملك عبدلله الثاني الخميس مجددا بالإنتهاء من قانونها وإرساله للبرلمان مع صبيحة يوم الثلاثاء المقبل على أبعد تقدير.
عمليا تقول النتائج ان الإخوان المسلمين حصدوا 36 مقعدا في إنتخابات عمان العاصمة من أصل 42 مقعدا وحصلوا على كل المقاعد المخصصة لحصة مدينة الزرقاء وسيطروا على حصة مدينة السلط فيما تحالفوا مع ممثلي الثقل العشائري في بقية المحافظات.
ذلك يعني حسب المحلل السياسي أسامه الرنتيسي أن الخارطة الإنتخابية للعاصمة وبقية المحافظات تدين للإسلاميين بالولاء والنتائج ويعني أن مدارس العاصمة بنكهة إسلامية بحتة.
وتقول النتائج أن ممثلي اليسار والتيار القومي خرجوا من مولد هذه الإنتخابات بلا حمص تماما فحسب خبير الإنتخابات والنشط السياسي البارز خالد رمضان المؤشرات قوية على صعوبة منافسة أي تفاهم تكتيكي بين ممثلي الثقل العشائري التقليدي والتيار الإسلامي.
وخرج كذلك من المنافسة 'المستقلين' الذين حظوا بمقاعد محدودة على مستوى المملكة والأهم هزم نشطاء اللجنة الوطنية التي تحالفت مع الإسلاميين أصحاب المدارس وكبار المستثمرين في القطاع التعليمي فسلطة النقابة الأولى لمعلمي الأردن والتي يتوقع أن تصبح النقابة الأبرز بالمطلق في البلاد والأقوى تقاسمها الآن إسلاميون ووطنيون أردنيون أقرب لتمثيل المؤسسة البيروقراطية مع أغلبية للإسلاميين تصل إلى ما لايقل عن 70 بالمئة.
المفاجأة ان ذلك حصل رغم ان دور الإسلامين في الحراك التعليمي الذي إنطلق أصلا من مدن الجنوب وإنتهى بخطف قرار تأسيس نقابة كان محدودا لكن العملية حسبما قاله الرنتيسي لـ'القدس العربي' تؤشر على أن القوة التصويتية في الشارع للإسلاميين بصرف النظر عن قوتهم التنظيمية.
وعنصر المباغتة تمثل في أن التيار الإسلامي وبصفة رسمية لم يعلن خوضه إنتخابات المعلمين بصورة علنية، مما يدلل على توظيف سياسي إستثنائي للقدرات التنظيمية، فحتى نقيب المعلمين المفترض الآن والذي حصل على أعلى الأصوات على مستوى المملكة مصطفى الرواشده تردد أنه يدين بالولاء للأخوان المسلمين الذين ضمنوا له هذه الصدارة.
والرواشده عضو قيادي في حزب البعث لكن حصوله على أعلى الأصوات فيما يبدو تم بدعم من الإسلاميين.
المفارقة الأبرز تشكلت في مدينة السلط التي تعتبر أعرق المدن فيما يتعلق بالمدارس والتعليم، فعلى نحو مباغت من التيار القومي حصد الإسلاميون حصة السلط من مقاعد مجلس المعلمين وتفوقوا في الكرك ومختلف مدن الجنوب وسط أنباء ترجح حصول التيار الإسلامي على أكثر من 75 بالمئة من مقاعد مجلس المعلمين المركزي التي تبلغ 250 مقعدا، الأمر الذي يكرس التيار الأخواني قوة لا تقهر في الشارع.
المفارقة أن تصدر إنتخابات المعلمين ترافق مع المشاركة في تصدر مشهد آخر، فقد قدم الإسلاميون مساهمة أساسية لا يمكن إنكارها في المسيرة المليونية التي شهدتها الأغوار الأردنية الجمعة بعنوان التضامن مع القدس حيث تم تأمين الحافلات والمواصلات ونقاط التجميع والإنضباط وأقيمت صلاة الجمعة في أقرب منطقة أردنية للحدود مع فلسطين.
وشهدت المسيرة التي نظمت بمناسبة يوم الأرض مشاركة جماهيرية أردنية غير مسبوقة زادت عن تحشد نحو 60 الفا من المواطنين في لفتة شعبية نحو القدس السليبة كما وصفها المنسق العام للمسيرة المليونية الدكتور ربحي حلوم.