أوحى تأخير الضربة الإسرائيلية لحزب الله بأن تل أبيب تعيد حساباتها وتتجنب الوقوع في خطأ ميداني يؤدي إلى نشوب حرب واسعة، ولوحظ أن الإعلام العبري تدرّج من التهويل بحرب واسعة وقاسية إلى الحديث عن "رد محسوب”، خصوصاً أن حزب الله أبلغ المعنيين أنه سيتعاطى مع هذه الضربة على أساس أنها خطوة عدوانية وليست رداً على صاروخ مجدل شمس، الذي لا علاقة له به، وسيتعامل معها بما يماثلها كماً ونوعاً. كما أوحى تأخر الضربة بأن الجهود الدبلوماسية ولاسيما من قبل الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة استطاعت احتواء الاندفاعة الإسرائيلية مع الاعتقاد بأن إسرائيل لن تفوّت حادثة مجدل شمس من دون استغلالها ومحاولة تجاوز قواعد المواجهة مع حزب الله.
وفي هذا الإطار، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن "لا أعتقد أن نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله أمر حتمي”، لافتاً في تعليق على التهديدات الإسرائيلية إلى أن "أي تصعيد بين لبنان وإسرائيل يُمكن أن يفجّر الوضع، ونود أن نرى حلًا دبلوماسيًا”.
جاهزون
كذلك، قال مصدر قيادي في حزب الله لقناة "الجزيرة” إنهم لا يتوقعون اجتياحاً برياً ولو محدوداً للبنان، لكنهم في حالة جاهزية كاملة، مشيرا إلى أن "الاجتياح البري للبنان سيكون حافزاً لنضع أولى أقدامنا في الجليل”. وقال "سنرد حتماً على أي اعتداء إسرائيلي، ونحن قادرون على قصف المنشآت العسكرية في حيفا والجولان ورامات ديفيد بشكل قاس وعنيف، وقيادة الحزب ستقرر شكل الرد وحجمه على أي عدوان محتمل”.
وبعد 24 ساعة على تحذير الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من "عواقب وخيمة إذا هاجم الكيان الإسرائيلي لبنان”، أعلن مستشار المرشد الأعلى في إيران، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران، كمال خرازي، "أن إسرائيل ستواجه برد قاسٍ في حال شنّت هجوماً على لبنان، بذريعة الرد على استهداف مجدل شمس في مرتفعات الجولان”. وقال وفقاً لما نقلته وكالة "إرنا”: "يجب أن تعرف إسرائيل أنها إذا أقدمت على هذه المخاطرة فإنها ستواجه رداً قاسياً”. وأضاف: "أفضل حل لنتنياهو هو إنهاء الحرب الوحشية في غزة، لأنه إذا استمر في الحرب فلن يحصل على شيء سوى الخسائر البشرية والدمار”، مشيراً إلى أن "إسرائيل تعتزم الآن توسيع نطاق الحرب من خلال اتهام حزب الله بضرب الجولان المحتل”. وختم "أن الاتهامات الإسرائيلية سخيفة، حيث يعارض سكان الجولان المحتل السلطات الإسرائيلية”.
غارات إسرائيلية
وتحت وطأة الانتظار الثقيل الذي ترك تأثيراته السلبية على لبنان وعلى الحركة السياحية وحركة المطار، لم تتوقف الآلة الإسرائيلية بل إن الطائرات المعادية واصلت غاراتها على القرى الحدودية واستهدفت منزلاً غير مأهول في منطقة الخلة بين بلدتي جبشيت وعدشيت بصاروخين وألحقت به أضراراً كبيرة، وأفيد بإصابة ثلاثة مواطنين بجروح طفيفة جراء الغارة .
واستهدفت غارة أخرى بلدة الخيام وأطراف بلدة بيت ليف، ما ادى إلى استشهاد شاب وإلحاق أضرار فادحة بأحد المنازل. وقد نعى حزب الله في وقت لاحق، الشهيد حسن حسين ملك "بدر” مواليد عام 1995 من بلدة بيت ليف.
إلى ذلك، خرق الطيران الحربي جدار الصوت في اجواء الجنوب على دفعتين محدثاً دوي انفجار كبير.
في المقابل، أعلن حزب الله "أن وحدة الدفاع الجوي في المقاومة الاسلامية تصدّت للطائرات الحربية الصهيونية المعادية التي اخترقت حاجز الصوت فوق الأجواء اللبنانية، وأجبرتها على الانكفاء والتراجع خلف الحدود داخل فلسطين المحتلة”. وتم إطلاق رشقة صاروخية باتجاه كريات شمونة ومحيطها، ما أدى إلى مقتل شخص في "هجوشريم” في الجليل الأعلى.
بري: لسنا خائفين
وتعليقاً على الأوضاع في الجنوب وغزة، رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري "أن ما يحصل يهدد المنطقة بأسرها لكن بالرغم من خطورته، نحن لسنا خائفين على لبنان وعلى مستقبله. فضمانة لبنان هي الوحدة ثم الوحدة ثم الوحدة بين مواطنيه في الداخل وفي الإغتراب وأيضاً من خلال التمسك بعناوين قوة لبنان وبحقوقه المشروعة في الدفاع عن أرضه وعن سيادته وثرواته بكل الوسائل المتاحة التي نصت عليها القوانين والشرائع الدولية”. وأكد أن "ما يحصل في غزة يندى له جبين الإنسانية وما يتعرض له لبنان هو صدى لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من بوابة غزة”, مؤكداً "أن لبنان التزم وملتزم بالقرار 1701 منذ لحظة صدوره وإسرائيل سجلت رقماً قياسياً بخرق هذا القرار بأكثر من 33 ألف خرق”. وختم "المدخل الأساس للاستقرار وتجنيب المنطقة اندلاع صراع لن يسلم منه أحد، يكون بالضغط على المستوى السياسي الإسرائيلي لوقف عدوانه المتواصل على غزة وعلى لبنان منذ ما يزيد عن تسعة أشهر”.
على خط المعارضة، دعا المكتب السياسي الكتائبي، في بيان، "المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني الذي يرفض الهيمنة المفروضة عليه والعمل على مساعدة لبنان للخروج من القبضة الخارجية، من خلال الضغط على إيران لتوقف تمويل فصيل مسلح خارج عن الشرعية اللبنانية، يستخدم سلاحه بحرية مطلقة وبقرار سيادي، تارة بحجة مساندة الجوار لمنع انتقال الحرب إلى الداخل، وطوراً بحجة دعم القضية الفلسطينية، فيما النية متجهة بشكل ثابت وأكيد إلى حجز موقع في التسوية الإقليمية على حساب لبنان واللبنانيين”.