أعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي رفع السرية عن مواد أرشيفية جديدة تتعلق بظروف محاولة اغتيال زعيم ألمانيا النازية أدولف هتلر، التي تم تنفيذها قبل 80 عاما. ومن بين هذه الوثائق نسخ من شهادات الرئيس السابق للأمن الشخصي لهتلر، ورئيس جهاز أمن الرايخ، إس إس غروبنفوهرر هانز راتنهوبر، وضابط المخابرات الخارجية السابق للرايخ الثالث، الذي عمل في إيران، إس إس هاوبتستورمفهرر رومان غاموتا، التي قدموها إلى أجهزة أمن الدولة في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية بعد الحرب الوطنية العظمى.
في 20 يوليو 1944، حدثت محاولة اغتيال هتلر الأكثر شهرة، في مقره الرئيسي "Wolfsschanze" (وكر الذئب) في منطقة راستنبرغ (شرق بروسيا). وكانت محاولة الاغتيال نتيجة لمؤامرة مناهضة لهتلر تُعرف باسم عملية "فالكيري"، وخطط لها في المقام الأول ضباط رفيعو المستوى في الفيرماخت (القوات المسلحة)، الذين عارضوا هتلر بسبب أنه كان يتدخل بشكل غير محترف في الشؤون العسكرية ويقود ألمانيا إلى الانهيار الحتمي.
ودعت المؤامرة إلى اغتيال هتلر والإطاحة بالحكومة النازية. ومع ذلك، فإن انفجار القنبلة في "وكر الذئب" خلال اجتماع هتلر والجيش في 20 يوليو 1944 لم يحل مشكلة القضاء على الديكتاتور النازي، إذا أنه أصيب فقط وفشلت المؤامرة.
وتم قمع المتآمرين في ألمانيا والجزء المحتل من فرنسا، كما تمت تصفية بعض المشاركين الأكثر نشاطا، وعلى رأسهم العقيد فون شتاوفنبرغ. وأعقب ذلك اضطهاد مجموعة واسعة من الأشخاص المتورطين في محاولة الانقلاب، وتختلف الأرقام، ولكن تم اعتقال الآلاف من الأشخاص وإعدام المئات من قبل المحاكم النازية.
وأُجبر بعض القادة العسكريين الألمان الرفيعي المستوى المشتبه في مشاركتهم في المؤامرة، أو على الأقل الذين لم يبلغوا عنها، على الانتحار أو تمت تصفيتهم عن طريق الانتحار المدبر، ومن بينهم المشيران فون كلوغ وروميل.
وقال راتنهوبر، إن هتلر تعرض لصدمة عصبية، "ظهرت من خلال ارتعاش يديه". ووفقا له، "لم يتم علاج هذه الصدمة العصبية تماما، ولكن على العكس من ذلك في مارس-أبريل 1945 (مع اقتراب الهزيمة النهائية للرايخ الثالث) زادت بشكل ملحوظ".
وبحسب غاموتا، فإن سبب "ظهور عناصر معارضة في معسكر هتلر" هو الوضع الصعب الذي وجدت ألمانيا نفسها فيه بسبب هتلر.
وسرد إس إس هاوبتستورمفهرر الشروط الأساسية للمؤامرة قائلا: "فشل خطة الحرب الخاطفة ضد الاتحاد السوفيتي والوضع الكارثي للقوات المسلحة الألمانية على الجبهة الشرقية؛ وهزيمة القوات الألمانية في الجنوب وانسحاب إيطاليا الحليف الرئيسي لألمانيا من الحرب؛ وهزيمة الغواصات الألمانية والأساطيل في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي".
ويقارن الخبراء بين الوضع في ألمانيا قبل 80 عاما والوضع الحالي في كييف. وذكرت وكالة "رويترز" الأسبوع الماضي نقلا عن مصادر قريبة منه ومصادر أوروبية أن فلاديمير زيلينسكي أصبح صبره أكثر نفادا وبات أكثر توترا وتعبا مستمرا ويعاني من جنون العظمة، ويخشى محاولة اغتياله.
وأشار نائب مدير قسم العلوم والتعليم في الجمعية التاريخية العسكرية الروسية دينيس شبوليانسكي، إلى أن تصفية أدولف هتلر في يوليو 1944 ربما لم تكن ستعود بالفائدة على الاتحاد السوفيتي، بل كان من الممكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع، فقد كان من المحتمل أن يكون قد وافق المتآمرون على هدنة مع الولايات المتحدة وبريطانيا من أجل إعادة توجيه وحداتهم الجاهزة للقتال من الجبهة الغربية نحو الجبهة الروسية ضد الجيش الأحمر.
وقال شبوليانسكي: "التاريخ لا يعرف المزاج الشرطي، ولكن يمكننا أن نفترض، بناء على البيانات المتوفرة لدينا، أنه لو كانت محاولة اغتيال هتلر ناجحة، فربما لم يكن هذا ليؤدي إلى أي راحة للاتحاد السوفيتي، علاوة على ذلك كانت هناك سيناريوهات يمكن أن تفاقم وضعنا - كان أحد دوافع المتآمرين هو الرغبة في صنع السلام مع الحلفاء الذين هبطوا في فرنسا".
وأكد المؤرخ أنه لو تصالح الألمان مع الغرب مقابل تصفية هتلر، وكذلك انسحاب القوات الألمانية من فرنسا وبلجيكا وهولندا وربما الدنمارك، لتمكن الألمان من نقل جزء من قواتهم الجاهزة للقتال من الجبهة الغربية إلى الجبهة الشرقية (مع روسيا)، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم وضع الجيش الأحمر.
وأشار الخبير إلى أنه لو ظل هتلر في السلطة، لما قرر أي من الزعماء الغربيين إجراء سلام منفصل، ولهذا السبب تخلى الاتحاد السوفييتي نفسه عمدا عن الفكرة الواضحة المتمثلة في تنظيم تصفية الفوهرر.
*يتم نشر هذه المعلومات لأغراض إعلامية فقط وتهدف إلى إدانة النازية بجميع أشكالها ومظاهرها.