-أستجيب لذبذبات الفكر القادم عبر مدارات الوعي وأتعامل مع الإلهام بصيغة الطاعة
-إذا جاء الإلهام فلا مفر من سطوته
-لديً ثلاثة دواوين اخترت عناوينها بعناية فائقة
-أكتب أيضا الرواية وأقرأ لدرويش وأعزف على البيانو وأحب الرسم
-في كتاباتي روحانيات والتحاق بالذات في مدارات الوحدة
أجرى الحوار: محمود الداوود
تنطلق الموهبة مع الأدباء بشكل عام في مراحل عمرية مبكرة، والشعراء على وجه التحديد تبرز موهبتهم كذلك عند طفولتهم أو على مقاعد الدراسة، والشاعرة الدكتورة سكينة المطارنة انتبهت لتلك الموهبة التي عملت على تنميتها وصقلها بالقراءة والدراسة، فتولدت لديها تلك الموهبة التي جعلتها تفوز بالعديد من الجوائز وتنال الكثير من شهادات التقدير فهي عضو الاتحاد العالمي للمثقفين العرب / مملكة السويد
وعضو اتحاد الأدباء الدولي/ فرع مصر، وعضو اتحاد الكتاب والأدباء الاردنيين، وعضو اتحاد المؤلفين العرب.
حصلت على أوسمة داخلية و خارجية عديدة و متنوعة كثيرة و منها: وسام التميز الوطني وسفراء الإنسانية، وسام كروان من الدرجة الأولى، وسام المرأة الدبلوماسية، وسام حورس للإبداع الأدبي، درع اتحاد الأدباء الدولي، درع سفراء الإنسانية، درع القلم الذهبي ووسام القلم الذهبي، درع مؤتمر الافرواسيوي للمرأة الدبلوماسية، شهادة أفضل شخصيه مؤثرة في المشهد الثقافي لعام 2024.
وهي مديرة الجودة والاعتماد الأكاديمي / جامعه القصيم سابقا، وهي التي درست اللغة الانجليزية (لغويات تطبيقية) وعملت في هذا المجال في جامعة القصيم.
لها ثلاثة دواوين شعرية سيأتي الحديث عنها في سياق الحوار الذي هو بين أيديكم.
وهي الشاعرة الفذة التي يخترق حرفها كل القواميس فتلين له الكلمات وتأتيها طائعة.
هي أيضا في هيئة التحرير في مجلة النيل والفرات المصرية الورقية، وتكتب في مجلة القلم السويدية ومجلة رصيف الألمانية، وترجمت العديد من قصائدها الى الإسبانية والإيطالية.
الدكتورة سكينة لا تكتب قصائدها لتتسلى فيما تكتب، إنها تدهشك وتبهرك الى عالمها إن استطعت فهمه، لكنك حتى لو لم تدرك معناه، تجعلك تستسلم بأنه يجب عليك أن تدرسه كي تفهمه، أسلوب جاذب، أجزم أنه نادر، تتلقف الكلمات بأسلوب بهلواني ساحر ثم تضعها في سلة المعاني ببساطة وتترك السؤال لديك: كيف حدث هذا؟
ومعها كان هذا الحوار:
بــدايــات
* متى تولدت الرغبة لديك لكتابة القصائد، وكيف أدركت أن لديك هذه الموهبة؟
- أنا أكتب منذ المراحل الأولى وأنا على مقاعد الدراسة، مرحلة ما بعد الابتدائي، مرحلة الثانوية الوسطى والثانوية واستمرت أيام الدراسة الجامعية إلى وقتنا الحالي.
ابتدأتها بكتابة الخواطر، حيث المواقف التي يمر بها المرء كانت مدعاة ليحمل قلمه ويوثقها بحروفه بحبر قلمه فوق مساحات الورق، كانت الكتابات عفوية بدون تخطيط مسبق وبدون نية أن أجمعها لتكن فيما بعد إصدارا مثلا.
الشعر كان الأقرب لي، القصائد كانت المرافقة لي في مسيرتي الأدبية وكنت أيام المدرسة أشارك بمسابقات الشعر والإلقاء وأفوز على مستوى المحافظة ونتأهل على مستوى المملكة، أدركت بأن ميولي الشعرية آخذة بالازدياد وأميل لقراءة دواوين شعر محمود درويش كثيرا ومحمد مهدي الجواهري، ابو القاسم الشابي، وشعر نزار قباني وشعر حيدر محمود وغيرهم الكثير.
فكتابة الشعر بدايتها وأنا طالبة مدرسة ثم طالبة جامعية ثم أستاذة في الجامعة، طالباتي في الجامعات قمن باقتناء دواويني الشعرية وكم شعرت بالسرور وأنا أرى مؤلفاتي في مكتبات طالباتي وزميلاتي الأستاذات.
مولد الإلهام
* لن أسألك عن طقوس الكتابة لديك فالإبداع ليس له طقوس، إنما لحظة إلهام، فهل للإلهام عند د. سكينة وقت معين؟ وكيف تتعاملين مع هذه اللحظة؟
- الإلهام للشاعر كما النواة التي يشكل من خلالها المادة الشعرية، الإلهام من الصعب أن نصفه بحروف ولا نستطيع أن نقيده بوقت، وقت مجيئه لا أحد يعلم عن سره، ولكن إذا جاء الإلهام لا مفر من الانصياع لسطوته، لا هروب من سلطة الوعي في مناحي اللاوعي، أتعامل مع الإلهام بصفة الطاعة، أستجيب لذبذبات الفكر القادم عبر مدارات الوعي، أصيغ هذا التوهج العالي حروفا أسطّر منه أبياتي وقصائدي وخلجات روحي عبر لوحة فنية أبدع في تدرج الوانها بريشتي لتكن الأقرب لما يسكنني، لتخرج بقدر عال من محاكاة الذات والإحساس الساكن الروح والواقع المحيط والتجربة التي صقلت النفس الإنسانية وتطلعات المرء لما وراء الكلمة، لذلك لا شعر بدون إلهام، لا قصيدة بدون مسبب حقيقي لحدوثها، لا إحساس بدون دواعي لوجوده.
إصدارات
* لديك ثلاثة دواوين، حدثينا عنها وكم استغرقت من الوقت لإنجازها؟ وكيف تختارين أسماء الدواوين، هل من مقياس محدد؟
لدي ثلاث دواوين شعرية في حصيلتي الأدبية هي بمثابة هدايا القدر وخلاصة خلجات الروح وتجارب السنين وحكمة الدهر تعج بالأحاسيس النقية والشعور السامي هي بمثابة السفراء عني أينما وجدت في المعارض الدولية للكتاب أو في أي فعالية أدبية تكن دواويني حاضرة عني بامتياز
أبتدأ الحديث عن ديواني " بريق روح " وهو الأقرب لقلبي ولروحي لأنه الوليد الأول وأول تجربة في مجال التأليف والنشر، والصادر عن دار وائل للنشر والتوزيع في 10/3/2022 ، اخترت لهذا الوليد الأول العنوان الذي يمثلني وأراه الأكثر صوابا في مقاربته للمادة الشعرية الموجودة بين ثنايا أبيات قصائده، اخترت عنوانه وقد اخترت تاريخ ميلادي ليكون نفسه تاريخ إصدار الديوان.
( بريق روح ) لأن الروح هي أساس الوجود والروح في سموها تعلو فوق مسميات الوجود ،وشغف الروح يعطيها البريق، والبريق هو اللمعان الذي يصدر من داخل النفس الإنسانية ليعلن توهجها الذي يبدو جليا للعين، وكنت أركز في قصائدي في بريق روح على علو شأن التحاق المرء بذاته والالتقاء بالروح في آفاق التجلي في عزلة راقيه تعلو بالمرء عن ضجيج الكوكب الزائف ،فكان للعنوان نصيب من شخصيتي وما أذهب إليه من فكر وتوجه وما تمليه علي روحي من إعلاء شأنها وأبعادها عن سفاسف الأمور وقد شارك هذا الديوان في أكثر من اثنى عشر معرضا دوليا محليا ودوليا، ونال قبولا من قبل القرّاء وكان من أكثر الكتب مبيعا لدى دار وائل وقد أعلنت الدار عن هذا في منشور رسمي أعلنته بصفتها الرسمية، وأعتز بدار وائل واهتمامها بإصداري هذا، واخص مدير الدار الأستاذ وائل أبو غربية.
أما ديواني الثاني " إيقاع بوح " والصادر عن دار يافا للنشر والتوزيع، فقد اخترت لهذا الديوان هذا العنوان بالذات لإيماني المطلق بأن الشاعر يعزف حرفه عزفا، لبوحه إيقاع ولحن، لا يأتي العزف من فراغ بل نجد العازف يفرغ كل طاقاته الكامنة من إحساس وشعور في معزوفته فتصل للمتلقي بكامل رونقها، كذلك الشاعر أسميه "المايسترو" لأنه يوجه العزف حيث الألق ،والبوح الأنيق هو عزف صاحبه بجماله ورقته، وغلاف الديوان الذي يحتوي المرأة العازفة بكامل هدوئها، هو يمثلني لأنني أجيد العزف على البيانو أصلا ولدي أذن موسيقية، إذ أستمع للموسيقى الشرقية والغربية ويهفو القلب نحو اللحن الرقيق الناعم.
أما ديواني الثالث ( سَفَرٌ وَحرف ) والصادر عن دار يافا للنشر والتوزيع، فقد اخترت لهذا الديوان هذا العنوان لإيماني المطلق بأن السفر سواء المكاني أو الزماني هو أهم مراحل المرء التي تصقل شخصيته وتعطيه التجربة والحكمة وتزيد مدارك المرء الشعورية والإدراكية، ولأن السفر هو قوة في داخلها مغامرة المضي نحو الأفق بخطى ثابتة وقد يكون السفر نحو المجهول وقد يكون لغاية الهروب أو اكتشاف ما وراء الكون، السفر ينقلنا لغير الروتين والرتابة وهذا يخلق التجدد والرفاهية واكتشاف الذات وما حولنا من مدارات.
نوافذ إبداعية
* ما هي نوافذ الإبداع لديك، غير نافذة القصائد؟
- إلى جانب كتابة القصائد أكتب القصة والرواية والخاطرة، وقد تم نشر مجموعات قصصية لي في كتاب مشترك مع قاصين كبار من مختلف أقطار الوطن العربي وتم نشر الكتاب بمعرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، أما فيما يخص العمل الروائي فلدي رواية قيد النشر سيتم إصدارها قريبا في عيد الأضحى تحمل معاني إنسانية بأسلوب يشبهني لحد ما، أصبغت على لغتها تفاصيل روحي في الكتابة، ولدي خواطر عدة تم نشرها في صحف ومجلات محلية ودولية، ولدي كتابات نقدية لقصائد كتبت بمختلف الأزمنة، أقرأ لمحمود درويش كثيرا وسبق أني كتبت بأسلوب نقدي طرق تناوله الرمز في شعره واحترافه المجاز وتنوع المواضيع داخل القصيدة الواحدة، إلى جانب المجالات الإبداعية الأخرى كالرسم والعزف والتصوير والمونتاج.
بصمة وأثر
* لكل شاعر أو ناثر أو قاص أو روائي بصمة فيما يكتب، ما هي البصمة التي تتميز فيها كتاباتك وتدل القارئ بأن هذا النص هو للدكتورة سكينة؟
- ربما هذا السؤال تكون إجابته لدى القراء الذين تناولوا أدبي شعرا أو نثرا أوسع أو أشمل، ولكن يمكنني التحدث لك بشيء من الوعي الحقيقي بما أكتب ولأنني لا أكتب إلا بصفة تشبهني إلى حد كبير ستجد في كتاباتي النزعة الفلسفية الوجودية، ستجد الروحانيات، ستجد الالتحاق بالذات في مدارات الوحدة والانعزال عن مدارات الضجيج، ستجد روحانياتي قد تصل لدرجه التصوف، ستجد المجاز والرمز ظاهران جليا في قصائدي إلى جانب الصور الشعرية التي تواكب خيالي، ستجد أيضا الأنسنة جلية في قصائدي بطابع يليق بمحتوى القصيدة.
كلمات ومعان
* اللاوعي، الصمت، البوح، العمق، السر، الحرف، المعنى... من أشهر الكلمات وأكثرها استعمالا في قصائدك ، فماذا تعني لك هذه الكلمات؟
- للكلمات في قصائدي مدلولاتها وإن جئت أحدثك عن كلمة اللاوعي سيطول الحديث لكن اللاوعي هي الحالة التي يصل إليها الشاعر بعد وصول الوعي ذروته فيأخذ وعيه الكامل ليلقي به في عالم اللاوعي، ولا شعر بدون وعي، لا نضوج في الفكرة ولا صعود في مسارات الإحساس بدون اللاوعي، لذلك تجد اللاوعي بيئة خصبة للإنتاج الشعري العالي في سموه والذي يشكل الإشعاع الكامن من وراء سطوع الفكرة.
ثم سأتطرق للكلمة الثانية التي ذكرتها وهي
(الصمت)، فالصمت أعلى مراحل النضوج وأرقى مستويات السلام الداخلي رغم ما يعتري السلام من توابع الصراع الداخلي، يأتي الصمت راقيا حاملا في ثناياه سمو الروح وعلو الفكر ونبل النفس، الصمت هو سيد الموقف وكابح سطوة البوح هو الحامل في جعبته ما قد حصل أو ما قد يكون.
والصمت مهارة العقلاء، فالاندفاعيون لا يجيدون هذه المهارة، السطحيون من الصعب عليهم إتقان فن اللابوح، هي لغة من هو عميق في إحساسه ناضجا في فكره، متمرسا في صنع عالمه بتفاصيل ليس بالضرورة إطلاع من حوله عليها.
الكلمة الثالثة (البوح)، فالبوح هو حرفة الشاعر في ترجمة ما يسكنه على هيئة حروف تتشكل على هيئة كلمات تعبر عبر جسر اللغة لتصل للمتلقي بأبهى صورها، البوح هو الهبة الربانية في سكب اللغة في قوالب تعبيرية على قدر من المقدرة اللفظية في إخراج المكنون داخل النفس البشرية.
الكلمة الرابعة (العمق)، برأي أن الأعماق هي ما تحتوي على الدرر الثمينة، والعمق هو من يحتوي النفيس من الحرف والثقيل في المعنى والمغزى، ولا تشدني العبارات السطحية التي لا تذهب بالقارئ لمتعة التشويق أو البحث ما وراء الحرف أو الرغبة في تحليل العبارة وفق مدارك الفهم، النص الذي لا يحوي عمقا لا أراه يليق بمستويات الفكر العالية.
الكلمة الخامسة (السر) فمن وجهة نظري من لا سر له هو إنسان قابل أن تكتشفه بسهولة، وكل ما هو واضح بصورة عبثية لا يخلق هالة من حوله، بل يكون الاقتراب منه سهلا، أو سهل التعاطي معه، السر يخلق هيبة للمرء، الخصوصيات هي حق لكل فرد بل أن السر هو دليل وعي المرء في إدراكه لحقه وخصوصيته ومساحته الشخصية.
الكلمة السادسة (الحرف) وأنا أقدر اللغة جدا، أقيم للحروف وزناً، لم توجد اللغة عبثا، لم تتواجد الحروف من غير غاية، لذلك الحرف هو سفير صاحبه ومترجم سريرته والناطق بما يجول في خلد المرء.
الكلمة السابعة (المعنى)، فالمعنى في الشعر ينقل القارئ لمدارك الفهم ويساهم في ربط الفكرة باللفظ، والمعاني هي الجسر التي يساعد القارئ في إكمال مسيرة القراءة، ويكمن سمو الشعر في سمو معانيه ورقي تناوله للفكرة، وهناك علم قائم بذاته اسمه "علم المعاني" ولأنني درست هذا المساق في الدراسات العليا وقمت بتدريسه لطلابي بالجامعات فقد احترفته كحرفة، فتجدني أركز على المعنى في قصائدي بتناولي مختلف الأساليب لإيصاله للمتلقي.
* كيف يمكن أن يبوح الشاعر أو الأديب بسره دون أن ينطق به؟
- فقط على الشاعر أو الأديب أن يكن صادقا، فإذا كان صادقا حتما ستصل مكنونات الروح للخارج وليس بالضرورة الإفصاح حرفيا عن خبايا الروح، إنما رسم اللوحة بتدرجاتها التي يجد المتلقي من خلالها ملامح الروح الخافية بفن صانعها، إلى جانب أن يمتلك الشاعر الإحساس الحقيقي الذي لا بد أن يترجم بواقعية من خلال الحروف.
* كلماتنا هي نبع أسرارنا الدفينة، الى أي حد تستخدمين الكلمات في التعبير عن أي سر دفين في ذاتك؟
- الكلمة سفيرة صاحبها وهي الدرة الثمينة التي يحتفظ بها الشاعر، يصقلها بوحي إحساسه ورُقي طبعه وعلو شأنه وسمو أفكاره، حقيقه لا أترك البوح مباحا للمتلقي بمعنى لا أستخدم الواضح من الكلمات بطريقه مطلقه لغاية إيصال الفكرة، أترك للقارئ عبقرية الفهم وتجلي التحليل، ولا أدع الكلمات في مهب المتناول لقناعتي أنه ليس من الضروري أن نطلع الكوكب على كل ما يسكننا من فكر أو توجه أو شعور، ولابد للقارئ أن يجتهد ولا بد للمحلل أن يبذل جهدا، وليس بالضرورة فهم القصيدة من كل الطبقات.
عبرات وعبارات
* هل تسيل العبرات(بفتح العين والباء) من بين العبارات (بكسر العين)، والتي تختارينها في التعبير عما في ذاتك؟ ومتى؟
- الإنسان مجموعة أحاسيس ، يسكنه الفرح كما يسكنه الحزن، والذات البشرية تتأثر بطبيعتها بالمحيط وبالظروف الراهنة ،والشاعر ليس حجرا كي لا يبكي، وليس فولاذيا كي لا يرق أو يهفو إحساسه، لذلك نعم قد تسيل العبرات من خلال العبارات تجسيدا لطبيعة الروح البشرية، ومن الصعب أن يمر المرء بطقوس رتيبة ولابد من مروره بمحطات عده تخرج منه الكامن من تعاطف وإحساس ورقًة، والدمع دلالة طبيعية أن الشاعر بشر كما البقية.
* الموسيقى في قصائدك ظاهرة، وهي تتحدث عن نفسها، هل تتعمدين ذلك؟ وهل يمكن أن يكون هذا التعمد شكلا من أشكال الصناعة على حساب العفوية والصدق؟
- سأحدثك عن هذا الجانب بروّية ، أنا شخص ذو أذن موسيقية أميل للعزف الرقيق واللحن الآسر، أستمع للموسيقى الشرقية وكذلك الغربية ،وسأخبرك شيئا آخر وهو أنني إمرأة تجيد العزف، إذ أعزف بيانو وأرى في العزف تجليات روح، فأحد دواويني وهو " إيقاع بوح" غلاف الديوان يمثلني فهو يتحدث عن امرأة عازفة بتجليات روح ، لذلك ثقافتي الموسيقية تنعكس على موسيقى الكلمات التي أكتبها فتجد ايقاعا جليا في تتابع الحروف والتناغم الصوتي للحروف، وملحوظ، ثم أنني أميل للتنسيق والترتيب وأجد في نغمة الحروف ترتيبا صوتيا يستدعيني أن أستخدمه في نظم الشعر لأنني عند الكتابة استمع بتركيز للإيقاع الآتي من موسيقى الحرف فهو تلقائي أكثر ما هو مخطط له.
غوص وإبحار
* تغوصين بحر الكلمات ولا تخشين الغرق، كيف تحافظين على السير فوق الماء دون البلل؟
- كما تفضلت بسؤالك كيف تغوصين ؟ والأمر قائم على فن الغوص ، فمن يركب البحر لا يخشى من البلل.
والمقصود هنا أنه من يتقن الغوص لن تجرفه أمواج البوح للهاوية ،هو متيقظ للمد والجزر ، يقيس المسافة ببعد نظر، يقدر ما بعد الشاطئ، مدرك لأبعاد القاع ، كل هذا الادراك العالي سيقود الشاعر للإبحار بتمكن، ولا غرق لربان ماهر.
* نود أن نترك القارئ مع إحدى قصائدك في ختام هذا اللقاء فماذا تختارين لنا؟
قصيدة (إيقاع اللاوعي) أقول فيها:
جلست أسأل الذاتَ عن ذاتي
وطال حوار الروح
واستعذب اللحن أنّاتي....
وإيقاع البوح أرقني...
والعزف يعشق في عزفه
رُكن آلآتي...
في هدوئي اعتزل الحرف
قائله...!
والحبر خاصم صمتِيَ الآتي...
وسكونٌ يسكنُ باستعذابٍ
أوردتي ……
وتسارع لا يُذكر في
عدد نبضاتي...
يسأل فكري خيالي أسئلةً
وخيالي يستنكر أن يدلي
بشيء من إجاباتي...
الوعي يعاتب اللاوعي
في تمرده …..
واللاوعي يرفع النصر راياتِ
يقاطع الحبر السطر
في توحده …..
السطر يغادر ضجيج الفكر
في ركنه الهادي.