نشرت صحيفة "واشنطن بوست” تقريراً، أعدّته كلير باركر ولورينزو تونغولي، عن مخيم جنين، وصفته بـ "غزة الصغيرة”، حيث علِق المدنيون وسط محور حرب.
وقالت الصحيفة إن الخروج الليلي يبدأ مع غروب الشمس: "لا تنسَ بيجامتك”، تقول أحلام أبو قطنة (45 عاماً) لأطفالها الثلاثة، حيث جَمعتْهم على سطح بيت العائلة المكوّن من طابقين، قبل أن تعانقهم سريعاً. والتفتوا للمرة الأخيرة إلى المخيم الذي ينحدر أسفل التلة، قبل أن ينزلوا إلى الطابق السفلي لحزم أمتعتهم لقضاء ليلة أخرى بعيداً”.
وقامت روز بني قرارة (16 عاماً) بدفع كتبها المدرسية، وقبعة صوفية في حقيبة ظهرها، ووضعت شقيقتها رزان (13 عاماً) قميصاً أرجوانياً ونسخةً من القرآن في حقيبتها. أما محمد (11 عاماً) فقد حاول المغادرة وهو يحمل دفاتره المدرسية كلّها، لكن روز أخبرته أنها ثقيلة، فأعادها، وبدأ يلعب بمكعب روبيك، وحاول تحريك القطع الملونة إلى أماكنها، حيث كانت والدته تربط حذاءه. وأخرج زوج أحلام أحمد (46 عاماً) النفايات، وصلّى صلاة المغرب. وبعد دقائق، وضعت العائلة أمتعتها في السيارة، التي تحركت وسط شوارع ملتوية باتجاه ضواحي المدينة.
نفس المشاهِد حدثت في مخيم جنين، الذي تحوّل، منذ الشهر الماضي، إلى محور حرب غير معلن.
ومنذ هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، قُتل من المخيم، حتى يوم الأحد، 52 فلسطينياً، وربع من قتلتهم إسرائيل في نفس الفترة، وعددهم 234 شخصاً في أنحاء المناطق المحتلة، حسب أرقام الأمم المتحدة.
مثل بقية سكان المخيم، تخشى أحلام أن يكون الخروج المؤقت من المخيم مقدمة لتشريد دائم، نكبة ثانية
ويعيش في مخيم جنين، الذي أنشئ عام 1952، من قبل لاجئين أجبروا على ترك قراهم ومدنهم عام 1948، أكثر من 22.000 نسمة. وهو تابع اسمياً، مع مدينة جنين المجاورة، للسلطة الوطنية، إلا أن الجماعات المسلحة التي تقاتل الاحتلال هي السلطة الحقيقية، وتقوم القوات الإسرائيلية بمداهمات ليلية لملاحقتهم.
وزادت إسرائيل، ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، من مداهماتها للمخيم، وما حوله، لقتل المسلحين، ومنهم ابن أخي أحلام، ثائر، الذي قتل في 9 تشرين الثاني/نوفمبر، والمعلقة صوره بين بنايتين في حيّهم، حيث تظهر صور المقاتلين من كل زاوية.
ويقول السكان إن التوغل الإسرائيلي أصبح دورياً وأكثر عنفاً، منذ الشهر الماضي، ولم يشاهدوا مثله منذ عقود.
وفي محاكاة لما نفذته إسرائيل، في تموز/ يوليو، من هجوم استمر على المخيم لمدة يومين، أصبحت توغلات الجيش الإسرائيلي تشمل مسيّرات قتالية قادرة على تدمير مبان من عدة طوابق، وبلحظة.