لقد أصبح عالمنا عالما رقمياً حيث يقضي الفرد أكثر من ثلاث أرباع وقته في استخدام الإنترنت، وبالتالي فقد قلت المشاهدات على القنوات التلفازية ومن ثم أصبحت الحاجة ملحة إلى تحويل كل البرامج الإعلامية و الإخبارية التي كان الفرد يشاهدها عبر التلفاز إلى مواقع الإنترنت، فمن هنا نشأت أهمية الإعلام الرقمي و بدأ مصطلح (الإعلام الرقمي) في الظهور والأنتشار .
أينما كان الفرد فإنه بكل تأكيد يقضي بعضاً من وقته في مشاهدة ما يبثه الإعلام الرقمي على مواقع الإنترنت ( التواصل الاحتماعي بمختلف انواعها)، وتشاهد أنماطاً جديدة من الحياة وثقافاتٍ مختلفة لحضارات متعددة في هذا العالم بشكلٍ أوسع مما لو كنت تشاهد التلفاز العادي، حيث أنّ الإعلام الرقمي قد شهد تحدیات هامة استوعبتها الحضارة الإنسانية ووظفت وسائله لمواكبة تطور التكنولوجيا الحدیثة في إحداث تغييرات جدیدة على نمط عرض المعلومة و إعدادها بحيث تجذب انتباه الفرد (المتلقي) .
كما أنّ الإعلام الرقمي يعتبر محركاً أساسیاً للحضارة، بالإضافة لذلك فإنه أصبح عنصراً فعالاً في تنشیط التعاملات الإنسانية والحضارة على اختلاف مستوياتها في إطار ما يمكن تسميته بالقرية الكونية.
وتنبع أهمية الإعلام الرقمي كأحد أقوى وسائل الاتصالات التي تساهم بشكل فعال في تمكين الإنسان من معايشة العصر والتفاعل معه من خلال استخدام الوسائل الحديثة في عرض و نشر المعلومة، كما أنه يلعب دوراً مهماً في طرح القضايا على الرأي العام بشكل أسرع و أكثر انتشارا، فإن الكلمة الأولى للإعلام في ظل ثورة الاتصال والمعلومات، تلك الثورة التي لن تتوقف مع استمرار عملية الابتكار لقد أدت هذه الثورة إلى إحداث تطور ضخم في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، والواقع أن الإعلام في العصر الحديث، أصبح جزءاً من حياة الناس كما أن بناء الدولة اقتصاديا، اجتماعيا، سياسيًّا، يتطلب الاستعانة بمختلف وسائط ووسائل الإعلام، بل إن مشروعات التنمية لا يمكن أن تنجح إلا بمشاركة الشعوب وهو أمر لا يتحقق إلا بمساعدة الإعلام لاسيما ان كان رقميا.
ويمكن للتكنولوجيا الرقمية بجميع أشكالها وصورها أن تكون الجسر نحو المعرفة الجديدة، وإثراء العملية التربوية، وتجديد النظم التعليمية بشكل عام .
وقد فرض مجتمع المعرفة وتحدياته تحولات تربوية في المدارس و الجامعات، في سياساتها، وإستراتيجياتها وأهدافها، وإدارتها، ومناهجها، وبرامجها، وطرق وأساليب التدريس، ونظم الامتحانات والتقويم وكان من أهم الأدوار التي يفرضها مجتمع المعرفة التوظيف المكثف لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتحول من استهلاك المعرفة إلى إنتاجها والتحول إلى مجتمعات التعلم والتحول من العزلة عن المحيط المجتمعي إلى الإسهام الفاعل في بناء مجتمع المعرفة، وأصبح التعليم التقليدي غير ملائم لإعداد أجيال قادرة على المنافسة في عصر المعرفة، وحل محله أساليب أخرى تعتمد على الاستنتاج والمنطق، واستخدام أساليب المحاكاة والواقع الافتراضي والتعليم التفاعلي والتعليم المبرمج، وهذه الأساليب لا يمكن تحقيقها بالطرق التعليمية التقليدية وإنما باستخدام التكنولوجيا والتحول إلى التعليم الرقمي الذي يهدف إلى خلق أجيال مسلحة بالوسائل والمهارات المطلوبة للولوج إلى العصر المعرفي.
وقد فرض التحول الرقمي على المؤسسات الاستفادة من التقنيات الحديثة لتكون أكثر إدراكا ومرونة في العمل وقدرة على التجديد والابتكار، وبهذه السمات تتمكن من مواكبة العصر ومواءمة الاحتياجات
وعلى هذا فإن التحول الرقمي في المدارس والجامعات أصبح اتجاها عصريا يتوافق وطبيعة متغيرات العصر ومتطلباته، وشرطاً لازماً لبناء المعرفة في المجتمع، وأصبحت عملية توظيف تلك المعارف الطريق الرئيسي لتحقيق التنمية، وأن بناء مجتمع المعرفة يحتاج إلى تعليم متطور بصورة رئيسية، يفتح نوافذ العلم والتقنية، وأبواب فكر العمل والإنتاج، ويخطط بثقة لمستقبل زاهر، ويسهم في الإبداع والابتكار، ويقوم بتهيئة الكوادر، ويبني الشراكات المعرفية مع المؤسسات المختلفة على المستوى الداخلي والخارجي، ومع انتشار الإنترنت أصبح هناك وعي متنام للمشاركة في مجتمع المعرفة على المستوى العالمي، كما أصبح التعليم الرقمي من الأدوات الفاعلة للتحول الرقمي، وأصبح ذلك التحول بحاجة إلى نظام إداري رقمي فعال، يسهل عملية اتخاذ القرارات الصحيحة في الأوقات المناسبة، كل هذا يفرض العمل على التحول المماثل في الممارسات التربوية والإدارية؛ بما يحقق أهداف التحول الرقمي.
لذلك، تزايدت الحاجة إلى التحول الرقمي ؛ لتحقيق مجتمع المعرفة، نظرا للدور الذي يؤديه هذا التحول في تحقيق ميزة تنافسية، وإحداث نقلة نوعية في الأهداف التي تسعى اوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي إلى تحقيقها، ليكون التركيز على إكساب المتعلمين مجموعة المهارات التي تتطلبها الحياة في عصر التحول الرقمي، ومنها: مهارات التعلم الذاتي Skills Learning-Self ،والمهارات المعلوماتية Skills Informatics، وما تتضمنه من مهارات التعامل مع المستحدثات التكنولوجية، ومهارات إدارة الذات بدلاً من التركيز على إكسابهم المعلومات.