... عن منطقة تكره السياسة

... عن منطقة تكره السياسة
حازم صاغية
أخبار البلد -  
أخبار البلد- 

إسرائيل هي اليوم العنف الأعمى. إنّها التجسيد الأوضح لحداثة يستولي ذراعها على ضميرها وقلبها، ويتولّى التقنيّ فيها إخضاع القانونيّ والمؤنْسَن. وهي بهذا تردّ الديمقراطيّة إلى الوراء، إلى بداياتها، حين كانت تتعايش مع الاستعمار، وكان ديدنها الحكم بالقرار البيروقراطيّ وبعنف محض لا تخالطه سياسة.

 
 
 

 

وبمواصفاته هذه فإنّ الجيش الإسرائيليّ لو تقدّم برّيّاً في غزّة، فقتل ودمّر واستأصل «حماس»، لن ينتج فرصة للسياسة، لا لغزّة ولا لإسرائيل.

بعض من هم أبعد نظراً وأشدّ عدلاً رسموا عناوين عامّة لآفاق تمنّوا ظهورها: دولة فلسطينيّة وتفكيك للمستوطنات في الضفّة الغربيّة... لكنْ ما دام أنّ السياسة ليست على الأجندة الإسرائيليّة تبعاً لسطوة الثأر والعنجهيّة، فما سوف يبقى هو المشكلات من دون الحلول. وهذا يطال موقع إسرائيل في المنطقة، ومدى تحمّل حلفائها لإضرارها بمصالحهم، ودوام التسامح مع إخلالها بالقانون الدوليّ، وتعزيز اللاساميّة حيال يهود العالم، مع ما يطرحه من أسئلة حول أمن اليهوديّ والإسرائيليّ سواء بسواء...

وهذا ناهيك عن أسئلة هي اليوم أشدّ إلحاحاً ومباشرة، تمتدّ من الأمن ومؤسّساته، والاقتصاد المنهك بضعف جاذبيّته للمستثمر وللسائح، إلى كيفيّة حكم غزّة ومستقبل العلاقة بالضفّة الغربيّة، وطبعاً استعارُ النزاع الداخليّ الذي وإن أسكتته الحرب فإنّ مشكلة الرهائن تؤجّجه تحت الرماد. وفي القلب من هذا تقف شخصيّة نتنياهو الكريهة.

فإسبارطيّة إسرائيل، حتّى لو كانت نوويّة، لن تفيد كثيراً بما يتعدّى إنجاز انتصار حربيّ، ويُرجّح لها أن تخلق، في اليوم التالي، مشكلات جديدة فيما تفاقم المشكلات الأقدم.

وهذا تتويج لهواجس القوّة والأمن عند الإسرائيليّين، والتي ضاعفها «طوفان الأقصى» مئات المرّات. بيد أنّ عدوى النفور من السياسة متبادل: سلوك إسرائيل يقوّي الإصابة لدى خصومها، وخلفيّة أولئك الخصوم تقوّي إصابة إسرائيل بها. فما من طرف يستطيع إغراء الآخر بالسياسة، لأنّ ما من طرف في منطقة المشرق تغريه السياسة أصلاً.

فثقافة الهيجان العربيّة، التي تُحكم قبضتها في الأزمات خصوصاً، إنّما أغلقت كلّ الممرّات الممكنة إلى السياسة، وهذا علماً بأنّ ما كانت توفّره توازنات القوى كان دائماً أقلّ ممّا تقترحه المحاولات التسوويّة.

لقد بات من المضجر التذكير بخطاب بورقيبة في أريحا، حين طالب بتبنٍّ متأخّر لتقسيم 1947. يومذاك خُوّن الرئيس التونسيّ، وكان هذا عشيّة هزيمة 1967 التي انتزعت من العرب ما انتزعته من أرض بدل انتقال النقاش إلى استعادة الأرض التي ضمنها قرار التقسيم. وحتّى عبد الناصر نفسه خُوّن عندما وافق على قرار الأمم المتّحدة 242 في 1967، ثمّ على مشروع روجرز. وفي 1978-1979 أُنجزت معاهدة كامب ديفيد التي أعادت سيناء لمصر، وكانت المرّة الأولى التي يستعيد فيها العرب أراضي محتلّة. والمعروف أنّ كامب ديفيد تضمّنت شِقّاً فلسطينيّاً مداره حكم ذاتيّ يتمّ بلوغه عبر مراحل ثلاث. لكنّ منظّمة التحرير الفلسطينيّة يومها قاطعت العمليّة برّمتها، بعدما صوّرت الآلةُ البعثيّة في دمشق وبغداد عمليّة السلام بأنّها خيانة موصوفة. وما لبث أن قُتل السادات وأُعلن قاتله خالد الإسلامبولي بطلاً في إيران. وحينما وُقّعت معاهدة 1983، اللبنانيّة – الإسرائيليّة، وهي أقلّ من معاهدة سلام، شُنّت الحروب الداخليّة على السلطة المركزيّة في بيروت برعاية مباشرة من النظام السوريّ. وفي مطالع 1985 توصّل الملك الأردنيّ حسين والزعيم الفلسطينيّ ياسر عرفات إلى «اتّفاق العمل الفلسطينيّ - الأردنيّ المشترك»، «انطلاقاً من روح قرارات قمّة فاس المتّفق عليها عربيّاً وقرارات الأمم المتّحدة المتعلّقة بقضيّة فلسطين وتماشياً مع الشرعيّة الدوليّة». لكنّ حافظ الأسد شنّ حملة اغتيالات وتخوين تمكّنت من إسقاط الاتّفاق. وبعد اتّفاقيّة أوسلو في 1993، تجدّد تخوين عرفات و»العرفاتيّة»، وعُمل على إسقاط أوسلو بجهود الإخوة الأعداء. هكذا اغتال التطرّف الدينيّ في إسرائيل اسحق رابين، وتولّت «حماس»، بدعم طهران ودمشق، زرع العبوات للمدنيّين. ثمّ في 2007 انقلبت «حماس» على السلطة وقسّمت فلسطين، هي المطالِبة بـ»وحدة الأمّة الإسلاميّة»، فأخرجت غزّة من نطاق أوسلو واشتغالها.

وهذا كلّه كان يحصل بذريعة أنّ التسويات لا تعطي الحقّ كلّه دفعة واحدة، والتسويةُ تعريفاً لا تفعل هذا. ومثلما كان النقّاد يتجاهلون توازنات القوى، فإنّهم كانوا يعمّمون صورة للحكّام التسوويّين ترسمهم مشبوهين ومُفرّطين. وبديهيّ أنّ أولئك الحكّام، مهما بلغ بهم السوء، كانوا يمتلكون الرغبة، بل المصلحة الذاتيّة، في إحراز أكثر ممّا أحرزوا، ولم يمنعهم من ذلك إلاّ ضعفهم. وهنا أيضاً كانت الوطنيّة والنصاعة تزدادان التصاقاً بصورة زعيم واحد في المنطقة هو حافظ الأسد.

هكذا لم يستطع أيّ عرض سلميّ أن يكون شعبيّاً قياساً بشعبيّة الدعوة غير البريئة إلى المقاومة، وحين كان الحكّام الطغاة يُدانون كانت الإدانة نادراً ما تأخذ عليهم هذا المأخذ، لا بل كانت تأخذ عليهم تقصيرهم فيه.

لكنّ رفض السياسة لم يظهر في الموضوع الفلسطينيّ – الإسرائيليّ وحده. فأهمّ زعماء المشرق العربيّ وأشدّهم تأثيراً هم الذين حكموا بالانقلاب ودمّروا الحياة السياسيّة في بلدانهم وصادروها. أمّا لبنان، الذي وفّر فسحة متقدّمة نسبيّاً للسياسة، فتعاقبت على ذبحه تيّارات راديكاليّة تهجس كلّها بأفكار الصراع والمقاومة.

وفقط بالعودة إلى السياسة والتسويات يمكن أن يكون للمشرق مستقبل، فيقرّ الإسرائيليّون بحتميّة الدولة الفلسطينيّة المستقلّة، ويقرّ الفلسطينيّون والعرب بنهائية إسرائيل، ولا يكون الإقراران من طرف اللسان. فمن يفعلون هم وحدهم أصحاب الأيدي غير الملوّثة بدماء الأطفال في غزّة.

شريط الأخبار تعميم صادر عن الهيئة البحرية الأردنية بشأن الحالة الجوية المتوقعة وتأثيرها على النشاط البحري اشتداد حالة عدم الاستقرار مساء اليوم شاهد المناطق الأعلى عرضة للأمطار الغزيرة مهرجان الزيتون يعلن إعادة الرسوم لأصحاب الأفران والمخابز إعلان تشكيلة النشامى أمام الكويت "دار الدواء" تستقبل وفداً من شركة الصالحية وكيل الشركة في السعودية.. صور تحذيرات واسعة… أبل وغوغل تكشفان موجة تجسس تستهدف مستخدمين في 150 دولة استقالتان مفاجئتان لرئيسي جامعتي الإسراء والأميركية في مادبا الهيئة العامة لغرفة تجارة عمّان تقرّ التقريرين الإداري والمالي لعام 2024 غياب التشاركية بين المؤسسة العامة للغذاء والدواء ونقابة الصيادلة … قرارات تعمّق أزمة قطاع الصيدليات ظاهرة نادرة في البترا.. اليكم التفاصيل بالأرقام والنسب والأسماء.. المتحدة للإستثمارات المالية تنشر الملخص الأسبوعي لبورصة عمان جواد العناني يكتب .. وحدة اقتصادية في بلاد الشام هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب صدمة في تركيا.. اعتقال مذيعات شهيرات في عملية لمكافحة المخدرات قرب الإعلان عن هيئة دولية لإدارة غزة قبل نهاية العام في إطار المرحلة التالية لاتفاق وقف إطلاق النار مدرب الأرجنتين: المنتخب الأردني الأكثر غموضًا ولن نستهين به في مونديال 2026 ليتوانيا تبحث عن متطوعين للعمل لمدة سنة مع توفير الإقامة والتأشيرة وفيات الأردن السبت 6-12-2025 أمطار ورعد وهطول للبرد .. تفاصيل الطقس في المملكة تعرفوا على مجموعة النشامى في كأس العالم 2026