أن كل المحاولات باءت بالفشل، والاختراق الذي تم محدود جدا، لأن حكومة الترويكا الفاشية تصر على أن تبقى طليقة اليد، والعصمة في يدها لتقرر وفق أجندتها الإجرامية متى؟ وكيف؟ وأين يبدأ وينتهي أي عدوان على محافظات الجنوب والشمال الفلسطينية؟ وترفض وجود أي قيود تحد من اعتداءاتها الوحشية ضد أبناء الشعب الفلسطيني.
ومع أن المطالب الفلسطينية التي طرحتها حركة الجهاد الإسلامي تنحصر في قضايا مطلبية ولوجستية لبلوغ تهدئة مقبولة نسبيا، إلا أن حكومة نتنياهو السادسة رفضت حتى الآن الالتزام ببند وقف الاغتيالات لقادة فصائل العمل الفلسطيني العسكرية والسياسية، لأنها لا تقبل تكبيل يديها ومخططاتها الإجرامية، وتحرص على أن تكون سيدة القول الفصل في المعارك كافة، وصاحبة الطلقة الأخيرة لآلة حربها، لتوحي لجمهورها الفاشي، أنها حققت نصرا تكتيكيا في اغتيال أهم كوادر سرايا القدس العسكريين، ولم تلزم نفسها بأي تعهدات لوقف برنامجها العنصري التطهيري العرقي، حتى تواصل استكمال مشروعها الكولونيالي ضد الشعب الفلسطيني وقواه الحية.
رغم أن حكومات إسرائيل المتعاقبة لم تلتزم يوما بأي تعهدات أو مواثيق إقليمية أو دولية وقعت عليها، ونكثت بكل الاتفاقات المبرمة مع الدول العربية عموما والقيادة الفلسطينية خصوصا، لأن الولايات المتحدة الأميركية وقفت خلفها، ودعمتها دون تردد في كافة المحافل الأممية، وقدمت لها الدعم اللامشروط، وكالت بمكيالين، وبمعايير مزدوجة دون أن يرف لها جفن. إلا أنها (إسرائيل) رفضت هذه المرة بعنجهية وغطرسية عنصرية إلزام نفسها بأي شروط فلسطينية، انطلاقا من اعتقاد ساد في أوساط الكابينت المصغر، أن العدوان على قطاع غزة حقق أهدافه، وبالتالي لا داعي للعجلة في الذهاب لهدنة تشي بغير ما تشتهي رياح سفن الحكومة الفاشية.
وبالاختلاف مع رؤية الائتلاف الحاكم في تقييم نتائج العدوان البربري، فإن الرأي العام الإسرائيلي بمختلف مشاربه يرى أن الهجوم الوحشي على قطاع غزة لم يحقق النتائج المرجوة. كما أن المعارضة، رغم أنها صفقت لجريمة الحرب الجديدة لحكومة الترويكا، وباركت نتائجهاـ إلا أنها دعت بلسان لبيد لوقف العدوان، وتوقيع اتفاقية هدنة جديدة. لأنها تعتقد أن استمرار المعركة وسقوط ضحايا من الأطفال والنساء قد يقلب الرأي العام العالمي ضد إسرائيل، كما أنها تعتقد أن أذرع المقاومة تمكنت من استعادة زمام الأمور، وخرجت من حالة الإرباك والتعثر سريعا، وتجاوزت بسرعة حالة الصدمة، أضف إلى أنها تريد مواصلة معركتها ضد نتنياهو وأركان ائتلافه، ولقطع الطريق على مخططهم في تضييق الخناق عليها.
بعيدا عن القراءات المختلفة لنتائج جريمة الحرب الإسرائيلية الجديدة ضد قطاع غزة، فإن قيمة وأهمية أي وساطة عربية أو أممية تكمن في قدرة وثقل أي دولة تطمح لوقف العدوان الإسرائيلي. لأن الحكومة الإسرائيلية القائمة لا تعير أهل النظام العربي أي أهمية تذكر، وتعتقد أن دخول دول أوروبا على خط الهدنة لا يختلف كثيرا عن الدول العربية، وبالتالي تحاول استخدامهم والضغط عليهم، ليقوموا بالضغط على حركة الجهاد الإسلامي للتخلي عن شرط وقف الاغتيالات، ومنحها ورقة رابحة أمام الشارعين الفلسطيني والإسرائيلي بشقيه العام، والخاص اليميني المتطرف والحريدي الأرثوذكسي. إلا أن قيادة الجهاد ترفض منح نتنياهو أي إنجازات، ولا تقبل أي إملاءات لوقف الهدنة، رغم أن حركة حماس تمارس الضغوط الهائلة على زياد النخالة وأركان قيادته للقبول بالهدنة المطروحة، إلا أنهم رفضوا ذلك.
بالمحصلة هناك ثلاثة عوامل تؤثر وتحدد زمن وقف العدوان الإسرائيلي الإجرامي، الأول التطورات في أرض المعركة؛ الثاني حجم الضغوط المحلية والعربية والدولية على كلا الطرفين؛ ثالثا التدخل الأميركي المباشر وإلزام إسرائيل بوقف حربها فورا. الساعات القليلة القادمة بالتأكيد تحمل في ثناياها الجواب.
oalghoul@gmail.com